تبنت الجمعية الوطنية الفرنسية بعد ظهر الاربعاء قانون اصلاح نظام التقاعد المثير للجدل الذي يشكل ابرز مشاريع الفترة الاخيرة من ولاية الرئيس نيكولا ساركوزي، قبل يوم آخر من الاضرابات والتظاهرات ستشهده البلاد الاسبوع المقبل. واقرت الجمعية مشروع القانون باغلبية 329 صوتا مقابل 233 في اجواء مشحونة. لكن النقابات واحزاب اليسار تؤكد انها "لم تخسر المعركة" متوعدة بتصعيد التحركات الشعبية. وسبقت التصويت جلسة نيابية ماراتونية بدات بعد ظهر الثلاثاء وانتهت صباح الاربعاء، حاول خلالها نواب اليسار تاخير موعد التصويت "في قتال حتى النهاية". وبلغ التوتر اوجه على الاخص بين النواب الاشتراكيين و وزير العمل اريك فيرت الموكل الدفاع عن مشروع الحكومة الذي ما زال يرفض اي تعديل للبند الرئيسي في النص وهو رفع سن التقاعد من 60 الى 62، مع انه قام ببعض التنازلات حول الوظائف الصعبة والحياة المهنية المطولة. واكدت رئيسة الحزب الاشتراكي مارتين اوبري الثلاثاء ان "المعركة لم تحسم بعد" فيما اتخذت منافستها سيغولان روايال تعهدا "علنيا" باعادة سن التقاعد القانونية عام 2012 الى 60 عاما في حال فوز اليسار في الانتخابات الرئاسية. واكد برنار تيبو رئيس الاتحاد العام للعمل (سي جي تي) اكبر المركزيات النقابية في فرنسا ان "استهداف الفوز (في هذه المعركة مع السلطة) ليس من قبيل التوهم"، مدعوما في ذلك بنتائج استطلاعين يشيران الى ازدياد عدد الفرنسيين الرافضين لرفع سن التقاعد. وتندد النقابات باصلاح "غير منصف وغير مقبول" وتعول على تحرك الشارع للوقوف في وجه الحكومة. وسبق ان كسبت رهانها عبر استنفار ضخم للموظفين في 7 ايلول/سبتمبر حيث نزل اكثر من مليون شخص الى الشارع بحسب الشرطة (2,7 مليونا بحسب الاتحاد العمالي العام). وتجمع الاف المتظاهرين ظهر الاربعاء في ساحة الكونكورد امام مبنى الجمعية الوطنية لحث النواب على عدم تبني اصلاح نظام التقاعد. وكتب على لافتة كبرى "السيدات والسادة النواب، لا تصوتوا، هذا الاصلاح غير منصف"، فيما سدت الشرطة المدخل الى المبنى النيابي. وبعد اقرار مشروع قانون التقاعد في الجمعية والوطنية ستتم مناقشته في مجلس الشيوخ اعتبارا من 23 ايلول/سبتمبر، وهو الموعد الذي اختارته النقابات ليوم جديد من الاضراب والتظاهر. وينص الاجراء الرئيسي في اصلاح نظام التقاعد والاقل شعبية، على رفع سن التقاعد القانونية من 60 الى 62 مع حلول 2018. وتعتبر الحكومة ان تشغيل الفرنسيين لمدة اطول على غرار جيرانهم الاوروبيين يمثل الخيار الافضل لضمان حاجات التمويل التي قدرت ب70 مليار يورو مع حلول العام 2030. ويراهن ساركوزي الذي هبطت شعبيته في الاستطلاعات في الاشهر الاخيرة واضعفته الفضائح، على هذا الاصلاح لاستعادة المبادرة في الساحة السياسية قبل انتخابات 2012 الرئاسية. غير ان المدافع عن هذا الاصلاح وزير ضعيف، فاريك فيرت تحوم حوله شبهات التورط في فضيحة وريثة شركة لوريال لمستحضرات التجميل المليارديرة ليليان بيتانكور، وهي قضية معقدة متعددة الفصول. ويشتبه بالخصوص في تورط الوزير في تضارب مصالح وتمويل سياسي غير مشروع واستخدام النفوذ. وفي تطور جديد في القضية اتهمت صحيفة لوموند ساركوزي الاثنين بانتهاك قوانين حماية مصادر معلومات الصحافيين عبر استخدام جهاز مكافحة التجسس للتعرف على مصدر معلومات احد صحافييها.