يواجه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الثلاثاء اختبار يوم تعبئة مع اضرابات وتظاهرات احتجاجا على مشروعه لاصلاح نظام التقاعد الذي يعد احد المشاريع الهامة لفترة نهاية ولايته، وذلك في الوقت الذي تتراجع فيه شعبيته وسط اجواء من الفضائح والغضب العام. وقال قادة ابرز نقابات العمال الذين تحدثوا صباح الثلاثاء، انهم يتوقعون ان يكون مستوى المشاركة في التحرك الاحتجاجي مساويا على الاقل لذلك الذي سجل في التحرك السابق ضد هذا الاصلاح. وكان ما بين 800 الف شخص، بحسب الشرطة، ومليونين، بحسب النقابات، تظاهروا في 24 حزيران/يونيو في شوارع المدن الفرنسية ضد هذا المشروع الاصلاحي. وتنظم تظاهرة باريس بعد ظهر الثلاثاء. وقال فرانسوا شيريك رئيس "الاتحاد العمالي الديموقراطي الفرنسي" (سي اف دي تي، اصلاحي) لاذاعة "ار تي ال" الخاصة الثلاثاء "من الواضح ان العمال في حالة تعبئة" مشيرا الى انه يبدو ان يوم الاحتجاج "سيكون ناجحا". وادى الاضراب صباح الثلاثاء الى اضطرابات كبيرة في سكك الحديد والحافلات والطيران. ولم يتم تسيير سوى قطارين من اصل خمسة من القطارات الفائقة السرعة (تي جي في). كما اضطربت حركة النقل في مترو باريس وفي ابرز المطارات الفرنسية. وفي قطاع التربية والتعليم يتوقع ان يشارك اكثر من 30 بالمئة من مدرسي الابتدائي في الاضراب. وتراجعت النشاطات الى حد كبير او الغيت في الكثير من المدارس. واذا كان من المتوقع ان تكون حركة الاضراب كبيرة في القطاع العام، المعقل التقليدي للنقابات الفرنسية، فانها ستشمل على الارجح القطاعات الخاصة وخصوصا صناعة السيارات والبنوك والطاقة. وينص مشروع اصلاح نظام التقاعد الذي يعتبره ساركوزي "اولوية قصوى"، على تأخير سن التقاعد من 60 عاما حاليا الى 62 عاما بحلول العام 2018، ما يشكل تراجعا عن مكسب اجتماعي يعود لفترة الرئيس الاشتراكي فرنسوا ميتران. وهو ثالث يوم تعبئة وتحركات احتجاجية هذا العام ضد هذا المشروع، ويأتي متزامنا مع بدء جلسات الجمعية الوطنية حيث يعتزم اليسار الاطاحة بالمشروع الذي سيتولى الدفاع عنه وزير العمل اريك فيرت الذي اضعف جانبه بسبب الاشتباه في ضلوعه في قضية تضارب مصالح مرتبطة بالمرأة الاثرى في فرنسا ليليان بيتانكور وريثة مجموعة لوريال العملاقة لمستحضرات التجميل. ويعتبر اليسار ان تأخير سن التقاعد الى 62 عاما، ظلم بحق العاملين الذين بدأوا العمل باكرا وامتهنوا اعمالا مضنية. واكدت مارتين اوبري زعيمة الحزب الاشتراكي الفرنسي الثلاثاء لصحيفة لي باريسيان "ان (التمسك) ب60 عاما هي مسالة (ترتبط ب) العدل". وبحسب استطلاعات الراي فان غالبية الفرنسيين تؤيد هذا التحرك الاحتجاجي وذلك بالرغم من انها تعتبر انه لا مناص من الاصلاح. واكدت النقابات الثلاثاء ان تحركها الاحتجاجي سيتواصل في حال لم تقدم الحكومة تنازلات. غير ان ساركوزي كان اكد انه ما من مجال لمناقشة "الجوهر" (ال 62 عاما) غير ان التفاوض ممكن بشأن المهن الشاقة او المسيرات المهنية الطويلة. وازاء زيادة عدد المتقاعدين، تعتبر الحكومة ان عمل الفرنسيين لفترة اطول على غرار جيرانهم الاوروبيين، يشكل افضل خيار لتأمين حاجات التمويل المقدرة ب 70 مليار يورو بحلول 2030. واكد جان فرنسوا كوبي رئيس كتلة نواب حزب الاتحاد من اجل حركة شعبية (حزب الرئيس) لصحيفة لو فيغارو ان ذلك يشكل "الموقف الوحيد الممكن". ويعول ساركوزي الذي تدنت شعبيته بشكل كبير في الاستطلاعات، على هذا المشروع، لاستعادة سلطته داخل معسكره المنقسم مع اقتراب تعديل حكومي مقرر في الخريف وكذلك الانتخابات الرئاسية لعام 2012. وتعصف بالحكومة الفرنسية منذ اشهر سلسلة من القضايا خصوصا التطورات شبه اليومية لفضيحة بيتانكور السياسية المالية وايضا تدهور الوضع الاقتصادي. وفي استعادة للملف الذي اسهم في فوزه في 2007، اعلن ساركوزي نهاية تموز/يوليو تشديدا لسياسته الامنية بيد ان ذلك اثار تنديدا داخليا وقلقا في الخارج.