دافع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاحد عن حق شبه جزيرة القرم الاوكرانية في الالتحاق بروسيا مؤكدا في الوقت نفسه انه يسعى الى "حل دبلوماسي" للازمة الاوكرانية، فيما نظمت تظاهرات في مختلف انحاء البلاد تخللتها صدامات. واعتبر الرئيس الروسي خلال محادثات هاتفية مع المستشارة الالمانية انغيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ان السلطات الموالية لروسيا في شبه جزيرة القرم باوكرانيا "شرعية". وقال الكرملين في بيان انه خلال هذه المحادثات شدد بوتين "خصوصا على ان الاجراءات التي اتخذتها السلطات الشرعية في القرم تستند الى معايير القانون الدولي وتهدف الى حماية المصالح المشروعة لسكان شبه الجزيرة". واضاف ان "الرئيس الروسي لفت ايضا انتباه محاوريه الى عدم قيام السلطات الحالية في كييف باي خطوة للحد من انشطة القوميين المتشددين والقوات المتطرفة في العاصمة ومناطق عدة". وتابع الكرملين في بيانه "رغم الاختلاف في مقاربة الوضع، اكد (بوتين ومحاوراه) المصلحة المشتركة في احتواء التوتر وتطبيع الوضع في اسرع وقت". واعلنت رئاسة الحكومة البريطانية من جهتها ان بوتين ابلغ كاميرون خلال الاتصال الهاتفي برغبته في التوصل الى "حل دبلوماسي" للازمة في اوكرانيا. وقالت ان كاميرون اتصل ببوتين لحضه على "خفض حدة التصعيد" في اوكرانيا وان بوتين وافق على ان "استقرار اوكرانيا" من مصلحة الجميع. وقالت المتحدثة باسم داوننغ ستريت ان "الرئيس بوتين وافق على ان استقرار اوكرانيا يصب في مصلحة الجميع". واضافت ان بوتين "يعتقد ان روسيا ارادت التوصل الى حل دبلوماسي للازمة وانه سيناقش المقترحات حول مجموعة الاتصال مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف غدا". وتكرر روسيا ان الوضع في اوكرانيا بات خارج السيطرة وان السكان الناطقين بالروسية تستهدفهم اعمال عنف منذ الاطاحة بالرئيس فيكتور يانوكوفيتش في 22 شباط/فبراير وتولي المعارضة السابقة الموالية لاوروبا الحكم. في المقابل يؤكد الغرب ان لا دليل على اعمال عنف ويتهم روسيا التي تسيطر قواتها على القرم بحكم الامر الواقع بالقيام بحملة دعائية في هذا الصدد لا تستند الى وقائع. في برلين، اعلن المتحدث باسم المستشارة الالمانية ان ميركل اجرت اتصالا هاتفيا الاحد بالرئيس الروسي وابلغته ان الاستفتاء المقرر ان يجري في القرم "غير شرعي". وتاتي هذه الاتصالات في ختام اسبوع لم يتمكن خلاله الغرب وروسيا رغم عدة لقاءات بين وزيري خارجية روسياوالولاياتالمتحدة من ايجاد مخرج للازمة. وشهد الاحد تظاهرات لمناصري كييف واخرى لخصومهم المؤيدين لموسكو في الذكرى المئوية الثانية لولادة الشاعر الاوكراني تاراس شفتشنكو الذي يعتبر رمز الاستقلال، من كييف الى دونيتسك وفي منطقة القرم الانفصالية حيث جرت صدامات. وتجمع المتظاهرون المؤيدون لاستقلال اوكرانيا امام تماثيل شفتشنكو فيما تجمع المطالبون بالتقارب مع موسكو امام تماثيل لينين. وتاتي هذه التظاهرات فيما لا تزال الازمة الدبلوماسية بين الغرب وروسيا، الاسوأ منذ انهيار الاتحاد السوفياتي السابق عام 1991، في طريق مسدود. ويزور رئيس الوزراء الاوكراني ارسيني ياتسينيوك الولاياتالمتحدة الاربعاء المقبل فيما يواصل الغربيون مساعيهم الحثيثة لايجاد مخرج للازمة. واعلن البيت الابيض الاحد ان الرئيس الاميركي باراك اوباما ورئيس الحكومة الاوكرانية سيبحثان الاربعاء في واشنطن "مساعي التوصل الى حل سلمي" للازمة الحالية حول شبه جزيرة القرم الاوكرانية. وفي كييف تجمع الاف الاوكرانيين في حديقة تاراس شفشتنكو قبل ان يتوجهوا نحو الميدان، مركز حركة الاحتجاج على مدى ثلاثة اشهر والتي قمعتها الشرطة بقوة ما ادى الى مئة قتيل وسقوط الرئيس فيكتور يانوكوفيتش وفراره الى روسيا. وخلال التجمع، اكد ياتسينيوك ان بلاده لن تتنازل "عن شبر واحد من اراضيها" لروسيا. وقال "انها ارضنا، لن نتنازل عن شبر واحد منها. فلتعلم روسيا ورئيسها هذا الامر". وقال ان الولاياتالمتحدة وبريطانيا "تبذلان كل جهودهما للحفاظ على استقلال اوكرانيا". من جهته دعا الرئيس الانتقالي الاوكراني اولكسندر تورتشينوف الاوكرانيين الى اتباع نهج الشاعر شيفتشنكو وعبارته الشهيرة "قاتلوا وستنتصرون". وقال سيرغي روديوك المتقاعد من الجيش الاوكراني انه "يجب اعلان التعبئة العامة وارغام الجنود الروس على مغادرة اوكرانيا عبر وسائل عسكرية". ورغم اجواء التوتر في منطقة القرم الانفصالية نزل مئات الاشخاص الى الشارع للتعبير عن دعمهم لكييف في شوارع سيمفيروبول وكذلك في سيباستوبول مقر الاسطول الروسي في البحر الاسود. وتجمع نحو الف شخص في حديقة شيفتشنكو وتلوا قصائد للشاعر. وقال سفياتوسلاف ريغوشيفسكي (46 عاما) "انهم (الروس) لا يمكن ان يستولوا على القرم، ان احتلالهم غير مشروع. لكن الامور ستعود الى طبيعتها وستبقى القرم اوكرانية". وفي سيباستوبول في المقابل تطورت تظاهرة صغيرة ضمت نحو مئتي شخص بسرعة الى اعمال عنف. وقام نحو مئة شخص مزودين هراوات بمهاجمة عناصر الامن الذين كانوا يتولون حماية التجمع. والى جانب هذه التحركات الرمزية فان عشرة الاف مناصر لموسكو شاركوا في تظاهرة دعم للاستفتاء الذي سجري في 16 اذار/مارس حول الحاق شبه جزيرة القرم بروسيا. وقالت اولغا الاوكرانية البالغة من العمر 60 عاما "لم نعد نريد هؤلاء الفاشيين الاوكرانيين" مضيفة ان "القرم قسم من روسيا". وفي دونيتسك في شرق البلاد الناطق بالروسية، تجمع الاف الاشخاص المؤيدين للروس في ساحة لينين للمطالبة باستفتاء حول الالتحاق بروسيا ورفعوا اعلاما روسية واعلام الحزب الشيوعي. وقالت انغيلا ميليك "لا نريد الانضمام الى الاتحاد الاوروبي، نريد ان نختار بانفسنا مع من نعمل". وتساءلت "لماذا علينا ان نقبل ما تقرره اقلية؟ فاذا كان غرب اوكرانيا يريد الانضمام الى الاتحاد الاوروبي فليفعل". وتاتي التظاهرات غداة فشل 54 مراقبا دوليا اوفدتهم منظمة الامن والتعاون في اوروبا، للمرة الثالثة خلال ثلاثة ايام، في التمكن من دخول شبه جزيرة القرم. واعلن الامين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فوغ راسموسن ان الحلف يقف "الى جانب اوكرانيا" ويطلب من روسيا الوفاء "بالتزاماتها الدولية"، وذلك في مقابلة تصدر الاثنين في المانيا. من جانب اخر، قال نائب بارز في البرلمان الروسي ان بلاده مستعدة لمنح مساعدات بقيمة مليار دولار لشبه جزيرة القرم التي تستعد لاجراء استفتاء للانفصال عن اوكرانيا او عدمه. وكانت موسكو اعلنت انها تعتزم تعليق عمليات التفتيش الاجنبية لترسانتها من الاسلحة الاستراتيجية ردا على "التهديدات" الاميركية ومن حلف شمال الاطلسي بشان الازمة في اوكرانيا. وتتم عمليات التفتيش في اطار معاهدة خفض الاسلحة الاستراتيجية المبرمة مع الولاياتالمتحدة ووثيقة فيينا بين الدول الاعضاء في منظمة الامن والتعاون في اوروبا. وفي مؤشر الى ان القوات الروسية لا تنوي الانسحاب من القرم، دخلت حوالى ستين شاحنة عسكرية الى اوكرانيا برا وبحرا، كما قال حرس الحدود الاوكراني السبت. وقال المسؤول الكبير في حرس الحدود ميكولا كوفيل ان ثلاثين الف جندي اصبحوا موجودين في القرم اي اكثر بخمسة آلاف مما يسمح به الاتفاق بين موسكو وكييف. وكان حرس الحدود تحدث عن توغل للقوات الروسية مساء السبت في موقع عسكري يستخدم لمراقبة حركة الملاحة البحرية.