رحبت الدول الغربية ب"القرار الشجاع" للمعارضة السورية بالمشاركة في مؤتمر جنيف-2، رغم اعلان هذه الاخيرة انها تذهب الى التفاوض بهدف وحيد هو التخلص من نظام الرئيس بشار الاسد، وهو ما يتناقض تماما مع موقف النظام من هذه المفاوضات. ووصف وزير الخارجية الاميركي جون كيري ونظيره الفرنسي لوران فابيوس "بالتصويت الشجاع" تصويت الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية بالاكثرية على المشاركة الاربعاء المقبل في المؤتمر الدولي حول سوريا في مونترو في سويسرا والذي ستليه مفاوضات ثنائية برعاية الموفد الدولي الخاص الاخضر الابراهيمي بين ممثلي النظام والمعارضة في جنيف. وتوج هذا التصويت امس السبت في اسطنبول مباحثات حامية بين اعضاء الائتلاف السوري في ظل ضغوط كبيرة مارسها داعمو الائتلاف الغربيون خصوصا لدفعه بالقبول بالمشاركة في المؤتمر. وقال كيري في بيان ان "الولاياتالمتحدة سوف تواصل دعم المعارضة السورية بعد ان اختارت هذه الاخيرة الطريقة الافضل للتوصل الى مرحلة انتقالية سياسية عبر التفاوض". ورأى ان "هذا التصويت الشجاع يصب في مصلحة جميع السوريين الذي عانوا كثيرا من وحشية نظام الاسد ومن حرب اهلية لا نهاية لها". واعتبر الوزير الفرنسي من جهته، ان "هذا الخيار هو خيار السعي الى السلام"، على الرغم من "استفزازات وتجاوزات النظام". في برلين، رأى وزير الخارجية الالماني فرانك-ولتر شتاينماير في قرار المعارضة السورية "بريق امل للناس في سوريا". واوضح في بيان مقتضب ان "اي تقدم طفيف ومهما كان طفيفا لانتقال القوافل الانسانية او للتوصل الى اتفاق وقف اطلاق نار على مستوى محلي سيكون نجاحا". كما اشاد وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ بالقرار "الصعب" الذي اتخذته المعارضة السورية، مؤكدا ان اي اتفاق من شأنه ان يضع حدا لنزاع اودى بحياة 130 الف شخص منذ اذار/مارس 2011، يتطلب تنحي الاسد عن السلطة. وتؤكد المعارضة السورية ان اي حل سياسي يجب ان يلحظ رحيل بشار الاسد مع اركان نظامه من السلطة، بينما يؤكد النظام ان هذا الامر غير مطروح على طاولة البحث، وان مصير الرئيس السوري يقرره الشعب السوري من خلال صناديق الاقتراع. وبذلك يتوجه الطرفان الى جنيف، وهما يحملان اهدافا متباينة تماما. وقال رئيس الائتلاف المعارض احمد الجربا في كلمة القاها مساء السبت بعد اعلان الموافقة على المشاركة في المؤتمر ان طاولة جنيف "بالنسبة لنا ممر في اتجاه واحد الى تنفيذ كامل لمطالب الثوار بلا ادنى تعديل وعلى راسها تعرية السفاح من سلطاته كاملة (...) تمهيدا لسوقه الى عدالة الله والتاريخ وقوانين البشر". واضاف "ندخل جنيف (...) على نية خلاص سوريا من الباغي ان لم يكن بالسيف فبغيره وبالسيف معا"، مضيفا "ومن يعتقد اننا سندخل جنيف لننسى مرحلة خلت هو ملتبس مشتبه". وتابع "نريده (جنيف-2) صراحة لمواجهة الارهاب الذي مارسه" النظام السوري. ووصف الجربا المرحلة القادمة بانها "محطة جديدة في ثورتنا" و"لحظة فاصلة". واكد عدم التخلي عن العمل العسكري، قائلا "سنترك اغصان الزيتون تعانق فوهات البنادق حتى النصر المبين". وشارك 75 عضوا من الهيئة العامة للائتلاف في اجتماع التصويت للذهاب الى المؤتمر، بينما رفض الاعضاء ال44 الذين انسحبوا من الائتلاف الاسبوع الماضي بسبب رفضهم الذهاب الى المؤتمر، العودة عن انسحابهم. وذكر مصدر دبلوماسي لوكالة فرانس برس ان ممثلين عن تركيا وقطر، وبتفويض من الدول الغربية والعربية الداعمة للمعارضة، التقوا على مدى يومين في انقرة اربع مجموعات مقاتلة من المعارضة المسلحة لا تنتمي الى الائتلاف، بينها الجبهة الاسلامية، في محاولة لاقناعها بفائدة مؤتمر جنيف-2، وان ثلاث مجموعات على الاقل وافقت على الانضمام الى وفد المعارضة السورية الى سويسرا. وكان مصدر في الجبهة الاسلامية التي تعتبر من اكبر المجموعات المقاتلة على الارض افاد وكالة فرانس برس امس ان الجبهة شاركت في الاتصالات الجارية في اسطنبول مع الائتلاف. كما اعلنت هيئة الاركان العامة للقوى العسكرية السورية المعارضة برئاسة اللواء سليم ادريس دعمها "حلا سلميا" للازمة السورية، وناشدت المفاوضين عن المعارضة الذين سيشاركون في مؤتمر جنيف-2، التمسك ب"اهداف الثورة" وعلى راسها رحيل الرئيس السوري. ويبدو واضحا ان هذا الدعم العسكري في اللحظة الاخيرة ساهم في تشجيع الائتلاف على التصويت على المشاركة، رغم تفككه. وقال مستشار رئيس الائتلاف منذر اقبيق في اتصال هاتفي مع قناة "العربية" ان "الاولوية الآن لتشكيل وفد" التفاوض، مشيرا الى ان ذلك سيتم "خلال الساعات المقبلة"، وان "الوفد سيضم دبلوماسيين وسياسيين وممثلين عن الجيش الحر والقوى العسكرية"، وسيتالف من اشخاص من داخل الائتلاف وخارجه. ميدانيا، نفذ الطيران الحربي الاحد غارات جوية على احياء في مدينة حلب وريفها (شمال) ترافقت مع قصف الطيران المروحي بالبراميل المتفجرة مناطق اخرى في المدينة، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان الذي اشار الى سقوط قتلى وجرحى. وياتي ذلك غداة مقتل 34 شخصا في قصف من الطيران الحربي السوري على هذه المناطق.