اسطنبول (رويترز) - قالت مصادر من المعارضة السورية يوم الجمعة إن معارضين بارزين يتساءلون عما اذا كان يجب عليهم أن يشاركوا في محادثات السلام المقررة الشهر القادم بعد تحذيرات أمريكية من أن رحيل الرئيس السوري بشار الاسد عن السلطة سريعا غير مضمون. وأضافوا عقب اجتماع مع السفير الأمريكي روبرت فورد في اسطنبول هذا الاسبوع أنه أبلغهم بألا يتوقعوا نتائج سريعة للمحادثات المقرر أن تبدأ في سويسرا في 22 يناير كانون الثاني وأن الإطاحة بالأسد ليست في يد واشنطن. والمحادثات المزمعة هي أكثر المحاولات الدولية جدية حتى الآن للتوصل الى حل سياسي للصراع الذي بدأ منذ قرابة ثلاث سنوات وأدى إلى مقتل أكثر من 100 الف شخص وتشريد الملايين وتحول إلى حرب بالوكالة بين القوى السنية والشيعية في الشرق الأوسط. واستعاد الأسد الذي عززه دعم ايران وحلفائها في المنطقة بعضا من الأراضي التي سقطت في ايدي مقاتلي المعارضة واستبعد مسؤولو حكومته اي شكل من اشكال التنازل عن السلطة خلال محادثات جنيف 2 في تحد لإصرار المعارضة على ضرورة رحيل الأسد. وقال زعماء الائتلاف الوطني السوري تحالف المعارضة السياسية الرئيسي في الخارج إنهم مستعدون لحضور المحادثات. لكنهم يصرون على أن هذه العملية لابد أن تؤدي لرحيل الاسد ولم يوافقوا رسميا بعد على المشاركة. وفي الوقت الذي كرر فيه فورد العبارة التي دأبت الولاياتالمتحدة على ترديدها وهي أنه لا مستقبل للأسد في سوريا فقد حذر المعارضة من أن الأسد سيبقى في منصبه على ما يبدو اذا لم تتجاوز كتائب المعارضة الخلافات بين الجماعات المعتدلة المدعومة من الغرب والإسلاميين المتشددين الذين يعارضون محادثات جنيف. وقالت مصادر في المحادثات لرويترز إن فورد ذكر أن عملية جنيف ستستمر لعدة اشهر على الأرجح. وقال عضو في الائتلاف طلب عدم نشر اسمه لحساسية الموضوع "الرسالة التي وصلتنا هي أنه لا يمكن توفير ضمانات. الولاياتالمتحدة قالت إنها تريد رحيل الاسد لكن هذا في أيدي الشعب السوري." وعززت هذه اللهجة الشكوك التي تساور البعض داخل الائتلاف بشأن جنيف. وقال عضو الائتلاف "هذا يزعج القيادة العليا كثيرا. إنهم يقيمون بشكل جاد ما اذا كان ينبغي لهم أن يذهبوا الى جنيف." وقال الأمين العام للائتلاف بدر جاموس إن المعارضة تعتقد أن الولاياتالمتحدة وروسيا لا تبذلان ما يكفي من الجهد لضمان نجاح محادثات جنيف. وكانت واشنطن وموسكو قد ضغطتا إلى جانب الأممالمتحدة من أجل عقد المحادثات. وقال جاموس إنهما لا تمارسان ضغطا كافيا على الأسد. ومن المقرر أن يحتمع أعضاء الائتلاف في السابع من يناير كانون الثاني ليقرروا رسميا ما اذا كانوا سيشاركون في محادثات جنيف. وقال جاموس إنه اذا لم تتحسن الأوضاع فربما يقرر أعضاء الائتلاف ألا يذهبوا إلى جنيف. وعلى الرغم من شكاوى الائتلاف فإنه ليس في وضع يسمح له بمقاومة الضغوط الدولية لحضور مؤتمر جنيف إذ أنه ليست له قاعدة قوة سياسية حقيقية كما أن جناحه العسكري وهو القيادة العسكرية العليا للجيش السوري الحر المدعوم من الغرب نفوذه محدود على الأرض. لكن دولا خليجية مثل السعودية وقطر وهما داعمان رئيسيان للمعارضة السياسية ومقاتلي المعارضة تشعر بالقلق من محادثات جنيف وقد تضغط على الائتلاف حتى لا يشارك فيها. وقال مصدر من الائتلاف يقيم في اوروبا "بعض القوى الإقليمية لا تريدنا أن نذهب" في إشارة الى السعودية وقطر. وأضاف "هذه الدول ليست ضد جنيف من حيث المبدأ لكنها لا ترى أن المناخ الحالي سيؤدي الى مؤتمر ناجح." واستطرد قائلا "لكن اذا كانوا لا يريدوننا أن نذهب فعليهم أن يتحلوا بالشجاعة الكافية ليطلبوا هذا. لسنا بالقوة التي تكفي لنطلب تأجيل العملية." وأشار عضو الائتلاف هادي البحرة يوم الجمعة الى أن قوى بالشرق الأوسط قد تعطل المحادثات التي ستجري الشهر القادم وقال في تغريدة على موقع تويتر "هناك احتمال أن يتأجل مؤتمر جنيف 2 لغياب التوافق الإقليمي بشأنه." والى جانب الخلافات السياسية المحيطة بمحادثات جنيف فإن الانقسامات المزمنة بين جماعات المعارضة قوضت ايضا الجهود الغربية للضغط على الاسد الذي تحكم عائلته سوريا منذ 40 عاما. وفي الشهر الماضي سيطرت الجبهة الإسلامية وهي تحالف من ست جماعات متشددة ترفض محادثات جنيف على مخزن رئيسي للأسلحة في شمال سوريا كان تحت سيطرة المجلس العسكري الأعلى المدعوم من الغرب. وقالت الولاياتالمتحدة هذا الأسبوع إن الجبهة الإسلامية رفضت عرضها إجراء محادثات مباشرة. وحذرت من أنه اذا لم تعترف بقية جماعات المعارضة بالمجلس العسكري الأعلى فإن احتمال أن يصبح قوة يعتد بها سيكون ضئيلا. وقال السفير الامريكي فورد "اذا لم يحدث تنسيق .. ولم يحدث تعاون وثيق بين الجماعات المسلحة المختلفة التي تقاتل النظام .. سينجح النظام في البقاء." وقال عضو في الهيئة السياسية للائتلاف الوطني إن هذا التصريح يحمل نفس فحوى رسالته التي أبلغها للمعارضة وهي ان الولاياتالمتحدة لا ترى دورا للأسد في سوريا "لكنها لا تستطيع فرض هذا". وعبر دبلوماسي كبير في الأممالمتحدة طلب عدم نشر اسمه عن شكوك مماثلة للتي عبر عنها فورد بشأن رحيل الأسد. وقال "لا يمكن أن يكون الأسد جزءا من العملية الانتقالية. توقيت رحيل الاسد ليس واضحا... سوف يتعين أن يختفي من المشهد .. ولكن في اي مرحلة تحديدا؟ هذا ما نأمل في أن تتم مناقشته في جنيف." (إعداد دينا عادل للنشرة العربية - تحرير مصطفى صالح)