اتسع نطاق الاقتتال بين الجنود في جنوب السودان وامتد إلى منطقة قريبة من بلدة بور اليوم الأربعاء مما أثار مخاوف من اندلاع صراع أكبر في البلاد. وقال مسؤول في بور التي تقع إلى الشمال من جوبا إن الجنود تقاتلوا في ثكنتين عسكريتين. وقال صحفي إن القوات الموالية لريك مشار نائب الرئيس السابق سيطرت على الثكنتين بعد اشتباكات تنم عن أن العنف يتخذ منحى عرقيا أكثر فأكثر. وتدور اشتباكات بين الجنود في العاصمة جوبا منذ يوم الأحد مما أسفر عن مقتل ما يصل إلى 500 شخص فيما وصفه الرئيس سلفا كير بأنه محاولة انقلاب دبرها أنصار مشار. وأقيل مشار في يوليو تموز وتصاعدت التوترات السياسية منذ ذلك الحين. وقال موقع صحيفة سودان تريبيون الإلكتروني إن مشار نفى أي دور في القتال أو في أي محاولة انقلاب. وساد الهدوء جوبا بعد إطلاق نار متقطع خلال الليل لكن وردت أنباء عند اندلاع قتال في توريت إلى الشرق من جوبا مما يزيد من التوترات في البلاد. وقال دبلوماسي غربي له باع طويل في التعامل مع جنوب السودان "الشيء المقلق هو أن يتسع نطاق العنف العرقي بمجرد امتداد هذا الصراع من جوبا إلى مناطق أخرى ثم تبدأ إعادة تجميع الميليشيات القديمة." وقالت الحكومة إنها اعتقلت عشرة أشخاص بينهم سبعة وزراء سابقين فيما يتعلق "بانقلاب تم إحباطه" وإنها تريد استجواب آخرين من بينهم مشار. وفي بور حيث قتل جنود موالون لمشار من قبيلة النوير المئات من قبيلة الدينكا التي ينتمي لها كير عام 1991 يخشى السكان امتداد القتال لأبعد من الثكنتين. وقال حسين مار نائب حاكم ولاية جونقلي حيث تقع بلدة بور لرويترز "دار قتال الليلة الماضية في ثكنتين عسكريتين" لكنه قال إن بلدة بور هادئة. وقال صحفي في بور لرويترز عبر الهاتف إن القوات بقيادة القائد بيتر قديت حليف مشار سيطرت على الثكنتين بعدما تخلى عنهما جنود الدينكا. لكن التفاصيل غامضة وأشارت رواية اخرى إلى سقوط ثكنة واحدة فقط في أيدي حلفاء مشار. وذكرت الأممالمتحدة في جنوب السودان إن قتالا اندلع صباح يوم الأربعاء في منطقة بور وقالت على موقع تويتر إن أكثر من ألف مدني لجأوا إلى مجمعها. كما تحدثت عن اشتباكات في قاعدة عسكرية في توريت. وقال الدبلوماسي إن اتساع نطاق القتال يدفع بالبلاد صوب صراع عرقي "من الصعب الرجوع عنه" مضيفا أن كير زاد من خطر حدوث هذا عندما وصف الاشتباكات بأنها محاولة انقلاب وليس محرد اقتتال داخل الجيش. وأضاف "سيؤثر هذا على كثير من الدول... ستكون هناك عواقب سلبية على الجميع." ويمكن أن يهدد اتساع نطاق الصراع المعونات الحيوية للبلاد وأن يستغله السودان الذي يختلف مع الجنوب باستمرار على قضايا الحدود والنفط والأمن. ومن شأن ذلك أيضا أن يضر جهود بناء دولة فاعلة في الجنوب. لكن أبوبكر الصديق المتحدث باسم وزارة الخارجية السودانية قال لرويترز عبر الهاتف "أجرى الرئيس عمر البشير قبل يومين اتصالا بأخيه الرئيس سلفا كير وهذا يعبر عن مدى الاهتمام السوداني بما يدور فى الجنوب .. ونقول ان امن واستقرار جنوب السودان من امن واستقرار جمهورية السودان." وفي جوبا عادت حركة المرور إلى الشوارع وأعيد فتح المطار وسط هدوء مشوب بالتوتر. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها تنظم رحلات جوية لإجلاء مواطنيها وقالت بريطانيا إنها تقوم بإجلاء بعض العاملين في سفارتها وتجمع اسماء الرعايا الراغبين في المغادرة. ومن المتوقع أن تحذو دول غربية أخرى حذوهما. ويعيش ويعمل كثير من عمال الإغاثة في جوبا. وقال دبلوماسيون إن الأممالمتحدة تلقت تقارير تفيد بمقتل ما بين 400 و500 شخص وجرح زهاء 800 آخرين في الاضطرابات الأخيرة في البلاد التي اعلنت الاستقلال عن السودان في 2011 بعد صراع دام عقودا. وقال أحد عمال الإغاثة في جوبا "يشعر معظم الناس بالفزع خشية أن يواجهوا حشودا أو يروا جثثا." وأضاف أن المدينة كانت أهدأ صباح يوم الأربعاء بعد أن استيقظ السكان على إطلاق نار كثيف وعلى طلقات المدفعية في اليومين السابقين. وتصاعدت التوترات السياسية منذ اقالة مشار. وقال نائب الرئيس السابق انه سيخوض انتخابات الرئاسة واتهم كير بالدكتاتورية. وكان كير قد قال قبل الاشتباكات إن منافسيه يحيون خلافات أدت إلى إراقة الدماء في التسعينيات. وهو يواجه انتقادات متزايدة لانه لم يفعل شيئا يذكر لتحسين المعيشة في احد أفقر دول أفريقيا. وكتب اريك ريفز الخبير في شؤون جنوب السودان في تقييم لأعمال العنف "يجب أن يدرك سلفا أن تهمة 'الدكتاتورية' قد استفحلت وأن لزاما عليه أن يفعل ما هو ضروري لمحو هذا الوصف قدر الإمكان." وقال ريفز "هناك عدد من الخطوات الملحة يجب أن يتخذها لنيل ثقة المجتمع الدولي وتهدئة قبيلة النوير في منطقة جوبا ومناطق أخرى." من أندرو جرين (شارك في التغطية خالد عبد العزيز من الخرطوم - إعداد محمد اليماني للنشرة العربية - تحرير أمل أبو السعود)