بدأ قضاة تونس الثلاثاء إضرابا عاما ليومين احتجاجا على "اعتداء" الحكومة التي تقودها حركة النهضة الاسلامية على صلاحيات "هيئة قضائية دستورية" من بين مهامها التعيين في الوظائف القضائية العليا. ودعا إلى الإضراب "جمعية القضاة التونسيين" وهي الهيكل النقابي الأكثر تمثيلا للقضاة في تونس، و"نقابة القضاة التونسيين". و"الجمعية" و"النقابة" هما الهيكلان النقابيان الوحيدان للقضاة في تونس. وقال القاضي أحمد الرحموني رئيس "المرصد التونسي لاستقلال القضاء" (غير حكومي) لفرانس برس أن القضاة أضربوا اليوم عن العمل في كامل محاكم البلاد. ولاحظ أن هذا الاضراب هو "من أوسع الحركات الاحتجاجية في تاريخ القضاء التونسي" وانه يأتي على خلفية تعيين الحكومة مسؤولين في وظائف قضائية عليا "في عملية سطو" على صلاحيات "الهيئة الوقتية للقضاء العدلي" التي صادق على إحداثها المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) في آب/أغسطس 2013. وذكر بأن القانون الذي أحدثت بموجبه هذه الهيئة ينص على ان التعيين في الوظائف القضائية العليا هو من صلاحيات الهيئة وليس الحكومة. وفي السابع من تشرين الثاني/نوفمبر الحالي عينت الحكومة رئيسا للمحكمة العقارية، ومتفقدا عاما بوزارة العدل، ومديرا عاما لمركز الدراسات القانونية والقضائية، وعزلت المدير العام لمركز الدراسات القانونية، ومددت لسنة كاملة مهام الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بتونس، ومساعد وكيل الدولة العام، رغم أنه من المفروض إحالتهما على التقاعد قريبا. وخلال اليوم نفسه نفذ القضاة اضرابا عن العمل احتجاجا على هذه التعيينات. والسبت اتهم المجلس الوطني ل"جمعية القضاة التونسيين" في بيان الحكومة ب"تعمد التعدي على صلاحيات الهيئة الوقتية للقضاء العدلي". وقال المجلس ان التعيينات التي قامت بها الحكومة "تمثل سطوا على اختصاصات هيئة قضائية دستورية مستقلة، وانقلابا على شرعيتها وضربا لاستقلال القضاء والتفافا على استحقاقات +الثورة+ في بناء سلطة قضائية مستقلة ومحايدة". وأضاف ان "السلطة السياسية فرضت تعيينات مباشرة داخل الهيئة الوقتية للقضاء العدلي (نفسها) ما أدى الى إجبارها على تعليق جلساتها العامة". وقال الرحموني لفرانس برس ان "الحكومة استندت في هذه التعيينات الى القانون الأساسي للقضاة الصادر سنة 1967 وليس الى القانون المحدث لهيئة القضاء العدلي الصادر في 2013 والذي من المفروض انه ألغى قانون سنة 1967". وطالب المجلس رئيس الحكومة علي العريض القيادي في حركة النهضة "بالتراجع عن أوامر التعيين والتمديد التي يستند فيها الى قوانين ملغاة (قانون 1967) لم تعد تمثل إلا إرثا لنظام الاستبداد والفساد". وحذر القضاة المعينين "من مغبة توظيف أنفسهم لخدمة أغراض السلطة السياسية في ضرب استقلاليتهم في هذه المرحلة التأسيسية". كما حذر "السلطة التنفيذية ووزارة العدل من التورط في اتخاذ عقوبات تأديبية ضد القضاة على خلفية تحركاتهم الجماعية بهدف حماية استقلاليتهم". ودعا المسؤولين القضائيين الى "عدم الانخراط في توجه وزارة العدل لإعداد قوائم ب(أسماء) القضاة بسبب مشاركتهم في تلك التحركات". وقال انه كلف "المكتب التنفيذي (للجمعية) بالاتصال بكل المنظمات الدولية المدافعة عن استقلال القضاء لاطلاعها على خطورة ما يحدث من حصار للهيئة الوقتية للقضاء العدلي من قبل السلطة السياسية، بما ينذر بإجهاض مسار التأسيس لقضاء مستقل ضامن للحقوق والحريات ولنظام ديموقراطي حقيقي". ويتهم قضاة ومعارضون حركة النهضة بالنزوع للسيطرة على القضاء لتوظيفه سياسيا لصالحها، في حين تنفي الحركة هذه الاتهامات.