يبدأ محافظو حزب المستشارة الالمانية انغيلا ميركل الجمعة محادثات مع خصومهم المهزومين من وسط اليسار، هي خطوة اولى في طريق طويلة وشائكة قد تقود الى حكومة "ائتلاف واسع". ورغم فوزها في انتخابات 22 ايلول/سبتمبر تحتاج ميركل الى التحالف اما مع الاشتراكيين الديموقراطيين او الخضر لضمان غالبية بعد ان فشل حليفها السابق، الحزب الديمقراطي الحر، في دخول البرلمان. ومهما كانت النتيجة فان المحادثات تلك يمكن ان تمتد لاسابيع، كما حصل في السابق، حيث يسعى الشركاء المتفاوضون لانتزاع اكبر اثمان ممكنة لقاء سياسات وحقائب وزارية. ويتردد الحزب الاشتراكي الديموقراطي بالدخول مجددا الى الحكم في ظل ميركل ذات الشعبية الواسعة، كما كان بين 2005 و2009 عندما لم يسجل له اي رصيد يذكر من الانجازات المشتركة ومني بهزمتين موجعتين متتاليتين في الانتخابات. وفيما تبدو مشاركة جديدة في السلطة والفوز بمناصب وزارية من الامور المغرية للمسؤولين في الحزب الاشتراكي الديموقراطي، يفضل الكثير من الاعضاء العاديين في هذا الحزب الذي تأسس قبل 150 عاما، الهجوم على حكومة ميركل من مقاعد المعارضة واعادة تجميع انفسهم. اما المسيحيون الديموقراطيون في حزب ميركل، فقد سعوا لرسم خط وهمي وتعهدوا منع اي زيادة ضريبية طالب بها الاشتراكي الديموقراطي في حملته لتمويل النفقات العامة. وقال زعيم المسيحيين الديموقراطيين في البرلمان فولكر كاودر لتلفزيون ايه.آر.دي العام "معنا لن تكون هناك زيادة في الضرائب" مؤكدا ان هذا موقف ميركل ايضا. وقبل يوم تعهد هورست سيهوفر رئيس حكومة مقاطعة بافاريا القوي وحليف ميركل ان "المواطنين لديهم كلمتي" بعدم زيادة الضرائب. من ناحيته قال سيغمار غابريال زعيم الاشتراكي الديموقراطي انه اذا فشلت المحادثات فان حزبه "لا يخشى" ان ينتهي في المعارضة او حتى مواجهة انتخابات جديدة. وتعهد حزبه ايضا عرض اي مقترح لائتلاف اوسع بين اليسار واليمين، امام مؤتمر للحزب ثم طرحه للتصويت امام اعضائه ال470 الفا للبت في مسألة الدخول في تعايش صعب جديد. وفي المحادثات الاستكشافية المتوقعة الساعة 11,00تغ الجمعة، سيضم الفريق المحافظ على الارجح كل من ميركل وسيهوفر وكاودر اضافة الى وزير المال فولفغانغ شويبله. وسيضم وفد الاشتراكيين الديموقراطيين مرشحه الانتخابي بير شتاينبروك الذي قال انه سينسحب من المراتب العليا للحزب، اضافة الى غابريال وزعيم الكتلة البرلمانية فرانك-فالتر شتاينماير ورئيس حكومة مقاطعة شمال راين وستفاليا، هانيلور كرافت. ورفضت اندريا نالز من الحزب الاشتراكي الديموقراطي الاثنين الحديث عما اذا كان للحزب اية خطوط حمراء مشيرة فقط الى البيان الانتخابي للحزب لكنها تعهدت ان الحزب لن يخرج من المحادثات "خالي الوفاض". ووصفت تقارير وسائل اعلام حول مواقف الحزب التفاوضية بانها "آراء شخصية" بما في ذلك مطلب بست حقائب وزارية كما ورد في صحيفة فرانكفورتر الغماينه سوناغتسايتونغ. وبخلاف دعوته لزيادة في الضرائب تسدد نفقات الشؤون الاجتماعية ومعاشات التعاقد ومصاريف البنية التحتية، دعا الاشتراكي الديموقراطي في بيانه الانتخابي الى وضع حد ادنى وطني للاجور لمساعدة الطبقة الفقيرة العاملة. ويتوقع ان يجري الاشتراكي الديموقراطي، ولابقاء كافة خياراته مفتوحة، محادثات استكشافية مع حزب الخضر مثيرا احتمال ولادة ما سيكون بلغة الالوان في السياسة الالمانية، حكومة "سوداء-خضراء". وائتلاف كهذا كان في الماضي مستحيلا، سيجمع الحزب المحافظ المتجذر مع مجموعة خرجت من عباءة الحركات المدافعة عن البيئة والسلام والمعادية للطاقة النووية في سبيعينيات القرن الماضي. غير ان ميركل وبعد كارثة فوكوشيما اليابانية في 2011 تبنت مطالبة الخضر الاستغناء عن الطاقة النووية فيما اصبح هذا الحزب بشكل متزايد حزب ناخبي المدن من الطبقة الوسطى. ووسط المناورات السياسية يلتقي الرئيس يواخيم غاوك قادة كافة الاحزاب الرئيسية في الايام المقبلة في قصر بيلفو في برلين لاجراء محادثات منفصلة حول الوضع السياسي. وقالت صحيفة سودويتشه تسايتونغ الصادرة في ميونيخ ان غاوك يريد ان يسأل كل واحد منهم عن تقديره للوضع السياسي وكيفية منع شلل سياسي في اكبر اقتصاد في اوروبا.