داهمت قوات الشرطة والجيش في ساعة مبكرة من صباح الخميس بلدة كرداسة بجنوب القاهرة التي تعتبر معقلا للاسلاميين حيث قتل لواء شرطة خلال تبادل لاطلاق النار في بدء العملية. وقال مسؤول امني ان "تبادلا كثيفا لاطلاق النار وقع بين الشرطة والارهابيين الذين كانوا يسيطرون على البلدة" الواقعة بالقرب من اهرامات الجيزة. واوضح ان "اللواء نبيل فراج مساعد مدير أمن الجيزة توفي من جراء اصابته بطلق ناري عند بدء المداهمات والاشتباكات مع عناصر مسلحة اعتلت اسطح العقارات" في كرداسة فور بدء عملية الاقتحام مضيفا ان فراج "لفظ أنفاسه الاخيرة فور وصوله الى مستشفى الهرم". واكد ان قرار مداهمة بلدة كرداسة "لتطهيرها من الارهابيين" اتخذ خلال اجتماع طارئ عقده ليلا مسؤولون في وزارة الداخلية. واضاف ان الهدف من العملية هو توقيف "140 شخصا مطلوب القبض عليهم" والعثور على منفذي "مذبحة" كرداسة حيث قتل نحو عشرة من رجال الشرطة في 14 أب/أغسطس الماضي. وافاد المسؤول الامني ان قوات من الجيش انتشرت لمساعدة الشرطة في عملية المداهمة كما ان مروحيات عسكرية تحلق فوق البلدة. وارتفع عدد الذين تم توقيفهم خلال هذه العملية مساء الخميس الى 65 شخصا كما اصيب تسعة من رجال الشرطة. وشهدت كرداسة مواجهات بين قوات الامن ومجموعات مسلحة بعد ساعات من هجوم الجيش على اعتصامين لانصار الرئيس المعزول محمد مرسي في 14 اب/اغسطس في القاهرة. وقتل 11 ضابطا في هذه المواجهات في كرداسة كما تم احراق عدد من مراكز الشرطة. ويشن الجيش والشرطة المصريان منذ عزل وتوقيف الرئيس الاسلامي محمد مرسي في 3 تموز/يوليو حملة عنيفة ضد انصاره ولا سيما من حركة الاخوان المسلمين والذين تتهمهم السلطات المصرية ب"الارهاب". وتأتي مداهمة كرداسة بعد اربعة ايام من عملية مماثلة قامت بها قوات الجيش والشرطة في بلدة دلجا بمحافظة المنيا في صعيد مصر التي كان يسيطر عليها اسلاميون مسلحون موالون لمرسي متهمون بحرق كنائس وبترويع الاقلية المسيحية المقيمة في دلجا. وأكد اللواء هاني عبد اللطيف المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية ان "قوات الأمن تواصل تقدمها بكرداسة" مضيفا ان "القوات لن تتراجع الا بعد تطهيرها من كافة البؤر الارهابية والاجرامية". واضاف المتحدث في تصريحات للصحافيين ان "اقتحام كرداسة اعتمد على شقين أساسيين، الأول يتعلق بحصار كرداسة من الخارج ومن ناحية مدخل البلدة على طريق القاهرة-الاسكندرية الصحراوي وهو الشق الذي تنفذه القوات المسلحة". وتابع ان "الشق الثاني يتعلق بالمواجهة المباشرة مع العناصر الارهابية والاجرامية وهو الشق الذي تقوم به المجموعات القتالية التابعة للعمليات الخاصة" التابعة لوزارة الداخلية. وأكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية أن "البؤر الاجرامية والارهابية ومن بينها دلجا وكرداسة هي من ضمن أبرز سلبيات نظام الاخوان، والتي تعمل وزارة الداخلية على تصفيتها حاليا لتحقيق الأمن والاستقرار فى الشارع المصري". وبالتزامن مع بدء عملية اقتحام كرداسة، اغلقت السلطات المصرية عددا من خطوط مترو القاهرة لفترة وجيرة اثر الاشتباه في وجود قنبلة. وقال مصدر امني انه تم ابطال مفعول العبوتين المزروعتين قرب محطة حلمية الزيتون ونشر خبراء متفجرات لتفحص مجمل خطوط سكك المترو. الا ان مسؤولا امنيا عاد واكد لفرانس برس ان الاجسام المشبوهة التي عثر عليها صباح الخميس على احد خطوط مترو القاهرة لم تكن عبوات ناسفة. وافاد المسؤول انه "بعد قيام خبراء المفرقعات بفحص العبوات تبين انها اكياس اسمنت مربوطة بسلك كهربائي للايحاء بانها عبوات ناسفة". واوضح المسؤول ان العبوتين عثر عليهما بالقرب من محطة مترو الزيتون (شمال شرق القاهرة) ما ادى الى اتخاذ قرار بوقف حركة سير المترو، مضيفا انه بعد وصول خبراء المتفجرات وقيامهم بالفحص والتأكد من ان العبوتين ليستا قنبلتين تقرر اعادة تسيير خطوط المترو. ويستخدم نحو ثلاثة ملايين من سكان العاصمة المصرية البالغ عددهم نحو 20 مليونا شبكة مترو القاهرة يوميا. وتسود مخاوف منذ عزل مرسي وفض اعتصامي انصاره منتصف الشهر الماضي من عمليات عنف قد يقوم بها اسلاميون انتقاما خصوصا من الجيش والشرطة. وفي الخامس من ايلول/سبتمبر الماضي نجا وزير الداخلية المصري، الذي يعتبره انصار مرسي شريكا رئيسيا لوزير الدفاع الفريق اول عبد الفتاح السيسي في عزل مرسي وفي الحملة على الاسلاميين، من اعتداء بسيارة مفخخة استهدف موكبه. ويعتبر الفريق اول السيسي الرجل القوي في البلاد منذ اطاحة مرسي وقد اعلن في الثالث من تموز/يوليو خارطة طريق تقضي بوضع دستور جديد للبلاد ثم اجراء انتخابات برلمانية ورئاسية خلال النصف الاول من العام 2014. واعلنت الحكومة انها قررت خفض عدد ساعات حظر التجوال ساعتين ليبدأ في منتصف الليل وينتهي في الخامسة صباحا باستثناء ايام الجمعة حيث يظل كما هو من السابعة مساء الى السادسة صباح اليوم التالي. وكان حظر التجول فرض في 14 اب/اغسطس الماضي في القاهرة و13 محافظة من محافظات مصر ال 27 بعد ساعات من فض اعتصامي انصار مرسي. ويأتي القرار الجديد بتقليص ساعات حظر التجول، الذي كان ساريا حتى الان بين الحادية عشرة مساء والسادسة صباحا، مع بدء العام الدراسي في مصر السبت المقبل. في المقابل وعدت جماعة الاخوان المسلمين بتظاهرات "مليونية" جديدة الجمعة في حين ان عدد المشاركين في هذه التظاهرات الاسبوعية يتناقص باضطراد مع تشديد الاجراءات الامنية. وفي شمال سيناء، حيث تزايدت الهجمات على قوات الامن والجيش منذ عزل مرسي اكد مسؤول امني اعتقال اثنين من ابرز قيادات الجماعات السلفية الجهادية التي تتخذ من هذه المنطقة معقلا لها. وعزل العسكريون مرسي، اول رئيس منتخب ديموقراطيا في مصر، بعد تظاهرات حاشدة شارك فيها ملايين المصريين مطالبين برحيل الرئيس الاسلامي لاتهامه بالاستئثار بالسلطة وتمكين الاخوان المسلمين من مفاصل الدولة والرغبة في اسلمة المجتمع والتسبب في مزيد من التدهور للاقتصاد المصري الذي عانى من ازمة كبيرة منذ اسقاط نظام حسني مبارك اثر ثورة 25 كانون الثاني/يناير 2011. ومنذ ذلك الحين تم توقيف مئات من اعضاء جماعة الاخوان المسلمين واحيل مرسي نفسه على محاكمة جنائية بتهمة "التحريض على قتل المتظاهرين" اثناء تظاهرات ضده اثناء وجوده في السلطة في نهاية 2012. من جانبه اعتبر مبعوث الاتحاد الاوروبي في مصر الخميس انه "لا بد" من تحقيق مصالحة في اطار عملية تضم الاطراف كافة معترفا في الوقت نفسه بانه امر بالغ "الصعوبة". وقال برناردينو ليون "تسلمت من ممثلي الطرفين الذين التقيت بهم الرسالة نفسها: يجب العودة الى عملية تشمل الاطراف كافة"، وذلك في اليوم الثاني من زيارته للقاهرة حيث التقى خصوصا وزير الخارجية نبيل فهمي والقيادي الاخواني عمرو دراج. وشدد المبعوث الاوروبي على ان "مستقبل مصر لا يقرره سوى المصريين" واضاف "يجب ان تكون المصالحة ممكنة حتى وان كانت تبدو اليوم بالغة الصعوبة".