قضت محكمة استئناف في القاهرة الاربعاء باطلاق سراح الرئيس الاسبق حسني مبارك في اخر القضايا التي كان محبوسا على ذمتها، في خطوة تمهد لخروجه من السجن في حال لم تبرز قضايا جديدة في الساعات المقبلة. ولاحقا، امرت السلطات العسكرية المصرية بان يوضع مبارك قيد الاقامة الجبرية في حال الافراج عنه، وفق ما اعلنت الحكومة الموقتة. وقالت الحكومة في بيان نشره الجيش "اصدر نائب الحاكم العسكري في اطار حالة الطوارئ امرا بوضع الرئيس السابق محمد حسني مبارك قيد الاقامة الجبرية". وكانت مصادر قضائية قالت لوكالة فرانس برس ان "غرفة المشورة بمحكمة استئناف شمال القاهرة قررت قبول نظر تظلم فريد الديب محامي مبارك على قرار حبسه احتياطيا على ذمة قضية +هدايا الاهرام+ واخلاء سبيله". واكدت وكالة انباء الشرق الاوسط الرسمية انه بمقتضى القرار "فانه سيتم اخلاء سبيل مبارك، باعتبار ان هذه القضية هي الاخيرة التي كان يقضي فيها الرئيس الاسبق فترة حبس احتياطي"، مضيفة نقلا عن مصدر قضائي ان القرار "غير قابل للطعن". ولم يتضح فورا ما اذا كان سيجري اخلاء سبيل مبارك قريبا، خصوصا بعد قرار محكمة الجنايات بإخلاء سبيله في قضية "القصور الرئاسية" يوم الاثنين، حيث انه عادة ما تبرز قضايا جديدة ضده كلما انتهت قضية يحاكم فيها. وفي حال لم تقدم اي قضايا جديدة ضد مبارك الممنوع من السفر بسبب مواصلة محاكمته في قضايا اخرى، في الساعات المقبلة، فانه من المرجح ان يجري اخلاء سبيله "لدى استكمال الاوراق اللازمة لذلك، على الارجح غدا الخميس"، وفقا لمصدر قضائي. وقد اكد مساعد وزير الداخلية لقطاع مصلحة السجون اللواء مصطفى باز في تصريح للتلفزيون الحكومي انه "سيكون هناك تنسيق مع النيابة العامة حول ما اذا كان بالامكان اطلاق سراحه او ما اذا كان مطلوبا في قضايا اخرى". وسبق ان اصدرت محاكم الاستئناف والجنايات عدة قرارات باخلاء سبيل مبارك في القضايا الاخرى التي يتم التحقيق معه بشأنها او تلك التي يحاكم على ذمتها، معظمها نظرا لانتهاء الفترات التي حددها قانون الاجراءات الجنائية في شأن الحبس الاحتياطي. ومن بين هذه القضايا التي لا يزال يحاكم فيها مبارك (85 عاما) التواطؤ في مقتل متظاهرين قبيل سقوطه في شباط/فبراير 2011، وهي قضية سبق وان تقرر اخلاء سبيله فيها بسبب انقضاء المدة القانونية لحبسه احتياطيا (24 شهرا)، على ان تستكمل جلساتها يوم الاحد المقبل. وادت محاكمة اولى في حزيران/يونيو 2012 الى الحكم بالسجن المؤبد على الرئيس الاسبق على خلفية هذه القضية، لكن محكمة النقض امرت مجددا باجراء محاكمة جديدة بدات في 11 ايار/مايو. في هذا الوقت، اعلن الاتحاد الاوروبي انه سيعلق تزويد مصر بتجهيزات امنية واسلحة على خلفية موقفه من المواجهات فيها بين جماعة الاخوان المسلمين والسلطة المؤقتة، والتي قتل فيها نحو 1000 شخص في غضون اسبوع، معظمهم من الاسلاميين. ففي بيانهم الختامي دان وزراء الخارجية الاوروبيون "بشكل واضح كل اعمال العنف" التي تسببت بمقتل مئات الاشخاص منذ اسبوع. واضاف البيان "ان الاتحاد الاوروبي يعتبر ان العمليات التي قامت بها اخيرا قوات الامن المصرية كانت غير متناسبة وادت الى وقوع عدد غير مقبول من القتلى والجرحى". بالمقابل "دانوا بقوة الاعمال الارهابية مثل قتل عناصر شرطة في سيناء وتدمير عدد كبير من الكنائس واستهداف الطائفة القبطية". وينسب القسم الاكبر من هذه الهجمات الى انصار الاخوان المسلمين الذين انبثق منهم الرئيس المخلوع محمد مرسي. وبالاضافة الى هذه الادانات، اراد الاوروبيون تسجيل موقف فاتخذوا قرارا بتعليق "اجازات تصدير المعدات التي يمكن استخدامها في اطار القمع الداخلي" كالاسلحة الخفيفة التي تستعملها قوات الشرطة. وعلى الصعيد العسكري، "ستتم اعادة درس التعاون" بين البلدين في هذا المجال، فيما قرر القسم الاكبر من البلدان الاوروبية حتى الان تعليق شحناته من الاسلحة. في مقابل ذلك، تواصلت الاربعاء حملة السلطة على جماعة الاخوان المسلمين، حيث القت اجهزة الامن، بحسب مصادر امنية وعسكرية، القبض على الداعية الاسلامي صفوت حجازي المقرب من الجماعة، ومراد علي المستشار الاعلامي لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسي للاخوان المسلمين. واوضحت المصادر ان حجازي، الذي كان من اكثر المحرضين على السلطات الجديدة المؤقتة في اعتصام انصار الرئيس الاسلامي المعزول محمد مرسي في ساحة رابعة العدوية في القاهرة، اعتقل قرب واحة سيوة بصحراء مصر الغربية الحدودية اثناء محاولته الهروب الى ليبيا. والقي القبض على مراد علي من جهته في مطار القاهرة الدولي "بعد محاولته الهرب الى ايطاليا"، حيث قالت المصادر انه "كان يرتدي ملابس غير رسمية وحليق اللحية". وكان القضاء المصري اصدر في تموز/يوليو الماضي نحو 300 مذكرة اعتقال ومنع من السفر شملت قيادات واعضاء في جماعة الاخوان. ومنذ ذلك الحين، القي القبض على عدد كبير من قيادات الجماعة والمئات من انصارها اثر المواجهات التي تخللت التظاهرات التي اعقبت عملية فض اعتصامي انصار مرسي في رابعة العدوية وميدان نهضة مصر في القاهرة، الاربعاء الماضي. وقد دفعت هذه العملية التي قتل فيها المئات الحكومة الى اعلان حالة الطوارىء لمدة شهر وفرض حظر التجول في 14 محافظة مصرية بينها القاهرة والاسكندرية من الساعة 19,00 الى الساعة 6,00 بالتوقيت المحلي. وقد دعا الائتلاف الاسلامي الرئيسي، "التحالف الوطني لدعم الشرعية"، الى تظاهرات "حاشدة" يوم الجمعة المقبل في اطار ما اسماه "جمعة الشهداء". وجاء القبض على حجازي ومراد علي بعد يوم من القاء القبض على المرشد العام للجماعة محمد بديع في شقة في رابعة العدوية، قبل ان تامر النيابة العامة بحبسه 15 يوما بتهمة التحريض على العنف وقتل المتظاهرين، علما ان محاكمته مع قادة اسلاميين اخرين تبدا الاحد المقبل ايضا. وقد تسلم نائب المرشد العام للجماعة محمود عزت (69 عاما)،المحسوب على "صقور" جماعة الاخوان المسلمين، منصب المرشد بشكل موقت مكان بديع الذي اختير في كانون الثاني/يناير 2010 لمنصب المرشد العام الثامن لجماعة الاخوان التي تاسست في العام 1929. وقبيل القبض على بديع، الذي انكر التهم الموجهة اليه، وجهت النيابة العامة اتهامات الى الرئيس الاسلامي المعزول محمد مرسي بالاشتراك في "قتل والشروع في قتل" متظاهرين امام القصر الرئاسي نهاية العام الماضي، على ان يسجن "لمدة 15 يوما احتياطيا على ذمة التحقيقات".