قتل 62 مقاتلا معارضا الاربعاء في كمين للقوات النظامية قرب دمشق، غداة خسارة هذه القوات السيطرة على مطار عسكري في ريف حلب كبرى مدن الشمال التي اعتبرتها منظمة العفو الدولية مدمرة "بالكامل". في غضون ذلك، يتسبب النزاع بمزيد من الاعباء الاقتصادية على دمشق التي دعمت القطاع النفطي باكثر من نصف مليار دولار اميركي خلال الاشهر الستة الاولى من العام 2013. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان "استشهد 62 مقاتلا من الكتائب المقاتلة على الاقل غالبيتهم من الشباب وفقد ثمانية اخرين وذلك اثر كمين نصبته لهم القوات النظامية السورية فجر اليوم في المنطقة الواقعة غرب مدينة عدرا الصناعية"، شمال شرق العاصمة. من جهتها، نقلت وكالة الانباء الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري سوري قوله ان القوات النظامية "قضت اليوم في كمين محكم على مجموعة ارهابية مسلحة تابعة لجبهة النصرة (المرتبطة بالقاعدة) حاولت التسلل الى الغوطة الشرقية والاعتداء على احدى النقاط العسكرية". وتشكل عدرا الواقعة على بعد 35 كلم من دمشق، ممرا رئيسيا الى الغوطة الشرقية التي تعد أحد المعاقل الرئيسية لمقاتلي المعارضة في ريف دمشق. والكمين هو الثاني تنفذه قوات نظام الرئيس بشار الاسد في المنطقة نفسها، اذ قضت على 49 مقاتلا معارضا في كمين مماثل في 21 تموز/يوليو. وادى النزاع الذي يدخل قريبا شهره التاسع والعشرين، الى مقتل اكثر من 100 الف شخص، اضافة الى دمار هائل في مختلف المناطق السورية. واليوم، اعتبرت منظمة العفو الدولية ان مدينة حلب "دمرتها" الحرب، وسكانها يتعرضون الى قصف يومي من قوات النظام وسوء معاملة في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة. وافادت المسؤولة في المنظمة دوناتيلا روفيرا ان "حلب مدمرة بالكامل" مشيرة الى فرار عدد كبير من سكان هذه المدينة التي كانت العاصمة الاقتصادية لسوريا قبل بدء النزاع. وارفقت المنظمة تصريحاتها بتقرير يتضمن صورا بالاقمار الصناعية لعدد من احياء المدينة قبل وبعد بدء المعارك في تموز/يوليو 2012. ومنذ ذلك الحين، تشهد المدينة معارك يومية بين النظام والمقاتلين المعارضين الذين باتوا يسيطرون على اكثر من نصف احياء المدينة. وتظهر الصور "الطابع المقلق لاستمرار النزاع وسط استهتار تام بالقواعد الانسانية الدولية بما يؤدي الى دمار واسع النطاق والموت والتهجير"، بحسب المنظمة. وقالت المنظمة ان "القوات الحكومية قصفت بلا هوادة وبلا تمييز المناطق الواقعة تحت سيطرة قوى المعارضة (...) والمدنيون اولا هم من يعاني من هذه الهجمات فيما يتعرضون في الوقت نفسه لسوء المعاملة من طرف مجموعات مسلحة معارضة". واليوم، يشن مقاتلو المعارضة هجوما للسيطرة على المناطق المحيطة بمبنى المخابرات الجوية، أحد ابرز معاقل النظام في حلب. وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن ان "مقاتلي المعارضة يشنون هجوما في محاولة للسيطرة على المباني المحيطة" بالمبنى الواقع عند الاطراف الشمالية الغربية للمدينة. وتشارك في الهجوم كتائب عدة بعضها اسلامية ابرزها "جبهة النصرة". وتأتي الاشتباكات غداة سيطرة المعارضين على مطار منغ العسكري الواقع في ريف حلب الشمالي، بعد اشهر من الحصار والمعارك. وافاد ناشطون معارضون للنظام في حلب، ان المقاتلين يحاولون بعد السيطرة على المطار، التقدم في اتجاه بلدتي نبل والزهراء ذات الغالبية الشيعية في ريف حلب، واللتين يحاصرهما المعارضون منذ مدة طويلة. وقال ناشط قدم نفسه باسم "محمد" لفرانس برس عبر الانترنت ان "نحو 300 مقاتل ممن حاربوا للسيطرة على منغ باتوا متوافرين للقتال في مكان آخر". وكان مصدر سوري معارض قال لفرانس برس في 24 تموز/يوليو ان المعارضة المسلحة تعد لهجوم شامل من اجل احكام السيطرة على مدينة حلب وريفها بدعم من المملكة العربية السعودية. واليوم تواصلت المعارك في مناطق مختلفة من البلاد، مع ترقب حلول عيد الفطر غدا الخميس او بعده الجمعة. ولم تلق دعوة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة الى هدنة خلال ايام العيد، اي آذان صاغية. اقتصاديا، وفي ظل وضع منهك جراء الازمة، كشفت وزارة النفط والثروة المعدنية ان الحكومة دعمت قطاع النفط في الاشهر الستة الاخيرة باكثر من نصف مليار دولار اميركي. وافادت الوزارة انها قامت بدعم المحروقات "بقيمة 112,131 مليار ليرة سورية (560 مليون دولار) لتلبية احتياجات السوق المحلية من المشتقات النفطية"، بحسب بيان تلقت وزارة وكالة فرانس برس نسخة منه. ويشكل هذا الدعم ما نسبته تسعة بالمئة من موازنة الدولة. وذكرت الوزارة ان اجمالي انتاج النفط في سوريا خلال النصف الاول من العام 2013 تراجع بنسبة 90 بالمئة عما قبل اندلاع الازمة، ليبلغ خلال الاشهر الستة 39 ألف برميل يوميا، مقابل 380 ألفا قبل منتصف آذار/مارس 2011. ودعمت الحكومة في شكل مستمر النفط، اضافة الى الكهرباء والسكر والارز والطحين. ودفعت بها الازمة الراهنة الى استيراد حاجتها في شكل شبه كامل من المحروقات، لا سيما من ايران حليفة دمشق. وتخصص الحكومة السورية لذلك 500 مليون دولار شهريا. من جهة اخرى، افادت سانا ان الحكومة اقرت مشروع "الكسب غير المشروع"، ومنحت بموجبه محكمة الجنايات حق النظر "بجرائم الفساد" وملاحقة مرتكبيه. وينص القانون على "معاقبة العامل أو القائم بخدمة عامة الذي يحصل لنفسه أو لغيره على كسب غير مشروع بالاعتقال المؤقت وبغرامة تعادل قيمة الكسب غير المشروع مع المصادرة"، وذلك في اطار "سياسة مكافحة الفساد" الحكومية، بحسب الوكالة. واحتلت سوريا في العام 2012، المرتبة 144 بين 176 دولة على مؤشر الشفافية العالمي. ومن نيويورك، اعلنت الاممالمتحدة الثلاثاء ان خبراءها المكلفين بالتحقيق في المعلومات حول استخدام اسلحة كيميائية في سوريا موجودون حاليا في لاهاي بهولندا، حيث "ينهون استعداداتهم قبيل توجههم" الى دمشق. وقال المتحدث باسم المنظمة الدولية مارتن نيسيركي في تصريح صحافي "ان هذه الاستعدادات ستنجز خلال الايام القليلة المقبلة وبعدها سيتم الاعلان عن بدء مهمتهم". واعلنت المنظمة الدولية في نهاية تموز/يوليو ان دمشق سمحت لمحققيها بالتحقيق من الاتهامات المتبادلة بين طرفي النزاع في استخدام السلاح الكيميائي في ثلاثة مواقع داخل سوريا.