أقرت اللجان المشتركة في البرلمان اللبناني الاثنين مشروع قانون حماية المرأة من العنف الاسري المطروح على بساط البحث منذ سنوات، بعد حملات متواصلة قامت بها منظمات المجتمع المدني، ويفترض اقراره في جلسة عامة لمجلس النواب ليصبح نافذا. ورغم اعتبار لبنان مجتمعا ليبراليا الى حد بعيد في المنطقة العربية على مستوى التقاليد والاداء المجتمعي، فان العديد من قوانينه تحتاج الى تحديث، كما ان نفوذ المرجعيات الطائفية فيه يعوق كل تغيير جذري في كل ما يتعلق بالاحوال الشخصية التي تتبع قانونا للطوائف. وقد لاقى مشروع قانون حماية المراة من العنف الاسري لدى اقراره في مجلس الوزراء العام 2010، انتقادات ورفضا من المرجعيات الدينية السنية والشيعية. وحيا ناشطون في المجتمع المدني ونواب اقرار اللجان النيابية مشروع القانون مع المطالبة باجراء تعديلات عليه لتأمين مزيد من الحماية للمراة. وجاء اقرار هذا المشروع بعد عشرة ايام على وفاة رولا يعقوب في شمال لبنان متاثرة بجروح اصيبت بها نتيجة تعرضها للضرب المبرح على يد زوجها الموقوف. وقد اثار موتها موجة استياء عارم في اوساط المجتمع المدني. وشاركت معظم وسائل الاعلام، لا سيما شاشات التلفزة، منذ ذلك اليوم بحملة للضغط نحو اقرار القانون على خلفية مقتل رولا. وقالت فاتن ابو شقرا، منسقة حملة تشريع حماية النساء من العنف الأسري من منظمة "كفى عنف واستغلال" في بيان "اليوم تم وبجهودنا جميعاً اجتياز محطة أساسية في مشوارنا الطويل نحو الإقرار النهائي لمشروع حماية النساء من العنف الأسري في الهيئة العامة لمجلس النواب اللبناني". واضافت ان "معركتنا لم تنته بعد، بل سنستكمل مسيرتنا حتى إقرار" القانون في الهيئة العامة، و"مطالبنا للمرحلة اللاحقة سوف تركز على (...) تخصيص جزء الحماية للنساء". وتضم "كفى" ستين جمعية تناضل منذ 2008 من اجل اقرار القانون. واوضحت ابو شقرا في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس ان مشروع القانون "لا يحمي حقوق المراة بالتحديد"، مشيرة الى تعديل عنوانه ليضاف اليه كل افراد الاسرة. واشارت الى ان "دراسات الخبراء المحليين والدوليين تدل على ان النساء هن اللواتي يتعرضن للعنف في معظم الحالات، وبالتالي هذه الفئة يجب ان تؤمن لها الحماية". ويعترف نص مشروع القانون بوجود حالات "اغتصاب زوجي"، وهو ما عارضته المرجعيات الدينية الاسلامية بشدة، والذي تمسكت منظمات المجتمع المدني بتجريمه. الا انه يعتبر حصوله جنحة لا جناية. واوضحت ابو شقرا ان الجناية تكون فقط في حال حصول ضرب وجروح ناتجة من الاغتصاب. وراى النائب ابراهيم كنعان في اقرار مشروع القانون "خطوة نوعية" تعطي "المجتمع المدني في لبنان الأمل بأن المطالبة والمتابعة والتحركات المطلبية والإجتماعية والإقتصادية وحتى في بعض الأحيان السياسية، تعطي نتيجة إيجابية". ولفت النائب سامي الجميل الى ان مشروع القانون "يجعل العنف ضد المرأة يخضع للقضاء المدني وليس للقضاء الشرعي". ونوهت النائبة ستريدا جعجع بإقرار مشروع قانون "حماية المرأة وسائر أفراد الاسرة من العنف الأسري"، واعتبرت أنه "يعزز حماية المرأة اللبنانية ويوفر لها انطلاقة لمزيد من الحضور والحقوق". واضافت ان "لبنان كان سباقا على الصعيد الإقليمي منذ عقود، في الاعتراف بحق المرأة في التصويت، ولم يعد من المسموح أن تسبقه دول عربية عدة في هذا المجال"، مؤكدة في الوقت نفسه ان ما تحقق غير كاف بعد. ولا تقاضي القوانين اللبنانية الرجل في حال اقدم على اغتصاب امرأة اذا قبل بالزواج منها. ولا يسمح للنساء بنقل جنسيتهن اللبنانية الى اولادهن. كما ان الخوف من الفضيحة والمجتمع يدفع غالبا المراة المعنفة الى الصمت وتحمل سوء المعاملة في منزلها الزوجي، بالاضافة الى رفضها فضح زوجها خوفا على اولادها او تمسكا منها بانقاذ زواجها مهما كان الثمن. هكذا اكدت والدة رولا يعقوب التي قضت تحت ضربات زوجها انها كانت تعيش معهما في المنزل نفسه، لكن ابنتها كانت تمنعها من التدخل في كل مرة تتعرض للعنف على يد زوجها. علما ان الاخير كان يتعرض بالضرب لبناته التي لا يتعدى عمر اكبرهن الثانية عشرة. وقبل وفاة رولا يعقوب، كانت منظمات المجتمع المدني بدأت حملة اعلانية تجسدت بعشرات اللوحات المنشورة على الطرق في كل انحاء لبنان التي تحمل صورة ليد امراة وكانها ترتفع طالبة النجدة، مع عبارة تقول "انا ما متت بس غيري كتار ماتوا". وتحث على اقرار قانون العنف الاسري. ونادرة هي التشريعات التي تحمي المراة في العالم العربي. في الاردن حيث "جرائم الشرف" ممارسة شائعة، تم العام 2008 اقرار "قانون حماية الاسرة" في محاولة للحد من العنف المنزلي. وفي المغرب، امراة من ثلاث نساء معرضة للعنف، بحسب ارقام رسمية.