تشهد منطقة اللاذقية في شمال غرب سوريا اجواء تشنج شديد بين مجموعة اسلامية مرتبطة بتنظيم القاعدة وكتائب مقاتلة تحت لواء الجيش السوري الحر، وذلك غداة مقتل قائد كتيبة يتمتع بسمعة جيدة على ايدي "الدولة الاسلامية في الشام والعراق". واكد المرصد السوري لحقوق الانسان وشهود ان كمال حمامي المعروف باسم ابو بصير الجبلاوي قتل الخميس برصاص مقاتلين من "الدولة الاسلامية في العراق والشام" في جبل التركمان في محافظة اللاذقية (غرب). وتكررت مثل هذه الحوادث في سوريا خلال الفترة الاخيرة، مؤشرة الى توتر متصاعد بين مجموعات الجيش الحر والمجموعات الاسلامية الجهادية المؤلفة في جزء كبير منها من مقاتلين غير سوريين. وقال المرصد في بريد الكتروني ان "مقاتلي الدولة الاسلامية في العراق والشام اغتالوا امس الخميس قائد كتيبة العز بن عبد السلام كمال حمامي، اثر محاولة عناصر من الدولة الاسلامية ازالة حاجز اقامه عناصر الكتيبة في منطقة تواجدهم" في جبل التركمان شمال مدينة اللاذقية. وقتل احد عناصر "الدولة" حمامي، فيما اصيب اثنان من عناصر الكتيبة بجروح خطيرة. واورد مقاتل كان في مكان الحادث رواية اخرى على "فيسبوك"، قائلا "ذهبت مع اخي ورفيق خندقي القائد ابو بصير لنتناول طعام الافطار عند احدى كتائب العز بن عبد السلام (..). اوقفنا حاجز مكتوب عليه الدولة الاسلامية في بلاد الشام والعراق وقال لنا المسؤول ممنوع المرور بأمر من الأمير أبو أيمن". واضاف المقدم ابو احمد ان حمامي توجه الى عناصر الحاجز الذين لم يكونوا من السوريين على ما يبدو وسأل "هل جئتم الى بلدنا لتكونوا عونا ام عبئا علينا؟". وتابع ابو احمد "جاء ابو ايمن وفجأة حاصرونا وشهروا سلاحهم في وجهنا"، مشيرا الى ان حمامي طلب من عناصره القاء السلاح لانه لا يريد حمل السلاح في وجه "اخوة"، مذكرا بان المعركة هي ضد "قوات الاسد". فصرخ ابو ايمن، بحسب رواية ابو احمد "اشهدوا بأني قاتل ابو بصير". واضاف ان ابو بصير انتقد جماعة ابو ايمن قائلا لهم "انتم لا تمتون الى الاسلام بصلة. فما كان من ابو ايمن الا ان اطلق النار". واكد ناشطون في المنطقة ان هناك توترا شديدا بين مجموعات الجيش الحر وعناصر "الدولة الاسلامية" اليوم الجمعة. وطالب المستشار السياسي والاعلامي للجيش الحر لؤي مقداد في اتصال مع قناة "العربية" التلفزيونية ب"تسليم من نفذ هذه الجريمة البشعة". ويجمع مقاتلون وناشطون على ان حمامي كان "من اوائل الثوار" ضد نظام بشار الاسد في منطقة اللاذقية، وساهم في "تحرير" عدد من القرى والبلدات في ريف اللاذقية. وكان صحافيون في وكالة فرانس برس التقوا مرتين خلال الاشهر الفائتة قائد كتيبة العز بن عبد السلام في جبال اللاذقية. وابو بصير شاب في الثلاثينات، متزوج، ترك عائلته الميسورة في الساحل ليلتحق بالثورة. وقال لفرانس برس في احد اللقاءين ان الجهاديين القادمين الى سوريا من خارجها "تركوا بلادهم للمشاركة في حربنا. لكن هذا بلدنا، ولا نريد اناسا من الخارج ليفرضوا قانونهم علينا. يجب ان يعلموا ان عليهم الرحيل ما ان تنتهي الحرب". بدا منظما ويحظى باحترام كبير بين افراد كتيبته. ويقول ناشط قريب منه يقدم نفسه باسم عبود لفرانس برس ان القائد الشاب "كان معتدلا، ويمثل فكر السوريين عامة وابناء الساحل خاصة بالوصول الى دولة ديمقراطية عبر صناديق الاقتراع". ويضيف "لدى تحرير قرية القصب المسيحية، قام احد المقاتلين الاجانب بكسر صليب في كنيسة، فرفض ابو بصير ذلك واصطدم معه". وقال عبود عبر سكايب "الناس بغضب شديد جدا جدا. هذه ضربة للجيش الحر عموما". ولا تخضع المجموعات المقاتلة ضد نظام الرئيس بشار الاسد لقيادة واحدة، وهي مشرذمة، وعدد كبير منها يدين بالولاء للاسلام بشكل او بآخر. الا ان جبهة النصرة والدولة الاسلامية في العراق والشام تقاتلان بشكل مستقل عن مجموعات الجيش الحر، وهما ابرز مجموعتين جهاديتين في سوريا. وكان تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" المرتبط بتنظيم القاعدة اقدم قبل ايام على قطع رأس قائد كتيبة آخر وذبح شقيقه في محافظة ادلب (شمال غرب). جاء ذلك على خلفية معركة وقعت بين عناصر "الدولة" ومقاتلين من كتائب اخرى في بلدة الدانة قتل فيها العشرات، كما افاد المرصد. ويتهم ناشطون جبهة النصرة والدولة الاسلامية في العراق والشام المتطرفتين باعتقال عشرات الناشطين والمقاتلين المعارضين للنظام السوري بتهم تتمحور اجمالا حول مخالفة للشريعة الاسلامية او تفسير معين للاسلام. واثار مقتل فتى في الرابعة عشرة على ايدي عناصر من دولة العراق والشام امام اهله قبل اسابيع في مدينة حلب (شمال) بعد اتهامه بالتجديف احتجاجات واسعة. على صعيد آخر، يعزو خبراء جزءا من التوتر المتنامي بين الاسلاميين والمقاتلين الآخرين الى الضغوط التي يمارسها الغرب على هيئة الاركان التابعة للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية من اجل التمايز عن المتطرفين. وقد اعلن الغرب مرارا ان اي سلاح يمكن ان يقدمه الى مقاتلي المعارضة السورية يجب ان تسبقه ضمانات بعدم وقوع هذا السلاح في ايدي جهاديين. وقال الخبير في شؤون الشرق الاوسط آرون لوند لوكالة فرانس برس "الجهات المانحة تنتظر ان يشدد الجيش الحر موقفه من القاعدة". واضاف "اذا اراد الجيش الحر مالا من الولاياتالمتحدة، فعليه ان يطرد القاعدة".