ندد رجال دين وسياسيون سنة الجمعة في لبنان بتوقيفات وملاحقات تطال ابناء طائفتهم بعد العملية العسكرية ضد رجل الدين المتشدد الشيخ احمد الاسير المتواري عن الانظار، مطالبين الدولة باجراء تحقيقات في انتهاكات منسوبة الى عناصر في الجيش ومجموعات مسلحة غير نظامية. وقال مفتي صيدا الشيخ سليم سوسان في خطبة القاها في جامع الزعتري في صيدا ان هناك اشخاصا "يعتقلون ويلاحقون بدون ضابطة عدلية واستنابات قضائية"، وان اناسا "يساقون الى السجون لانهم متدينون او ملتحون او منقبون (...) او يضربون حتى الايذاء وربما وصلوا الى الموت". واعتبر ان "هذا امر مرفوض". وتشير مصادر امنية الى ان القوى الامنية اوقفت عشرات الاشخاص منذ الاثنين الماضي للتحقيق معهم في احتمال ارتباطهم باحمد الاسير الذي هاجمت مجموعة تابعة له الاحد حاجزا للجيش ما تسبب بمقتل وجرح عدد من الجنود. وتلت ذلك عملية عسكرية للجيش ضد مقره في عبرا قرب صيدا قتل فيها 18 جنديا وعدد لم يحدد من المسلحين. بينما فر الاسير الى جهة مجهولة. وطالب المفتي "بفتح تحقيق عادل وموضوعي وقانوني وشفاف مع بعض المجموعات العسكرية التي أساءت في تصرفها وانفعالها الى صورة المؤسسة العسكرية بالضرب والاساءة والاذى والمعاملة". وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي شريط فيديو يظهر فيه عناصر من الجيش اللبناني وهم يتعرضون بالضرب المبرح لرجل يشتبه بانه من انصار الاسير. وذكرت الوكالة الوطنية للاعلام ان الشرطة العسكرية اوقفت افراد "المجموعة العسكرية المسؤولة عن ضرب أحد المدنيين في صيدا" وقد احيلوا الى التحقيق. ودعت منظمة "هيومان رايتس ووتش" الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الانسان الى اجراء "تحقيق قضائي مستقل" في كل الانتهاكات التي نسبت الى الجيش. واعتبر مدير المنظمة في بيروت نديم حوري ان "التحقيق العسكري غير كاف". كما طالبت المنظمة باجراء تحقيق قضائي مستقل في معلومات عن مقتل الشاب السني نادر البيومي "تحت التعذيب" بعد تسليم نفسه الى الجيش اللبناني خلال المعركة بين الجيش وانصار الاسير. في طرابلس، اكبر مدن شمال لبنان، طالب الشيخ سالم الرافعي في خطبته ب"اجراء تحقيق كامل حول ما جرى في صيدا ومشاركة حزب الله"، و"باطلاق الموقوفين". وقال "الجيش اللبناني عليه ان يكون محايدا والا لن نسكت عليه". وخرج بعض المصلين في صيدا وطرابلس الى الشارع حيث عبروا عن غضبهم ودعوا الى الجهاد وهتفوا بحياة الشيخ احمد الاسير، وقطع بعضهم الطرق لبعض الوقت. على الاثر، توجه وفد يضم فاعليات صيدا على راسه رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة الى مقر رئاسة الجمهورية حيث سلموا الرئيس ميشال سليمان مذكرة طالبوا فيها ب"وقف التوقيفات والمداهمات العشوائية" واحالة ملف حوادث صيدا الى المجلس العدلي، اعلى هيئة قضائية في لبنان. كما طالبت المذكرة بمنع كل "سلاح في صيدا غير سلاح المؤسسات العسكرية والأمنية الشرعية"، وذلك بعد الشكاوى العديدة من قيادات وفاعليات سنية حول الظهور المسلح لحزب الله الشيعي وانصاره في المدينة خلال الايام الماضية وتغاضي الجيش عن هذا الظهور، ما يزيد من الشعور بالاحباط لدى الطائفة السنية. وصرح السنيورة للصحافيين بعد اجتماع عقده برفقة الوفد مع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي وقائد الجيش جان قهوجي "نحن ضد السلاح، الى اي جهة والى اي فئة انتمت، الا سلاح الجيش اللبناني والاجهزة الامنية". واخذت بعض المجموعات السنية المتشددة على فريق تيار المستقبل الذي ينتمي اليه السنيورة ويراسه الزعيم السني سعد الحريري رفع الغطاء عن الاسير ودعمه للجيش في العملية العسكرية الاخيرة. من جهة ثانية، قال السنيورة ان الوفد تسلم من قيادة الجيش اللبناني لائحة باسماء المطلوبين في احداث صيدا وباسماء القتلى والموقوفين، من دون ان يحدد اعدادهم. وكان مفتي صيدا اشار في وقت سابق الى عدم تسليم الجيش كل جثث القتلى الذين سقطوا في معركة عبرا من انصار الاسير او من المدنيين. على صعيد آخر، بث تلفزيون "ال بي سي" مساء الجمعة مقابلة مع زوجة احمد الاسير وشقيقته من دون تحديد المكان الذي اجريت فيه المقابلة، قالتا فيها انهما لا تعلمان مكان وجوده. وبدت الزوجة أمل وهي منقبة بشكل كامل باللون الاسود مع نظارتين سوداوين ايضا. وقالت بلهجة غاضبة "صوروه أنه ارهابي. نسوا تاريخه الطويل في الدعوة الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة". واضافت ان زوجها ودعها وودع زوجته الاخرى سمر "في الملجأ، وقال لكل منهما +سامحيني... أراكم في الجنة"، من دون ان توضح طريقة خروجها من المجمع الذي دخله الجيش وهو يطوقه وينتشر فيه منذ اربعة ايام. وقالت شقيقة الاسير نهاد "اتمنى ان يكون الله حقق امنيته بان يطعمه الشهادة على ان يكون موقوفا او اسيرا في مكان ما"، مضيفة "اذا كان شهيدا، نكون سعداء".