عززت الحكومة التركية اليوم الخميس ضغوطها على المتظاهرين ليخلوا بسرعة آخر معقل لحركتهم الاحتجاجية على امل الانتهاء من الاضطراب السياسي الذي يهز البلاد منذ اسبوعين. وبعد تشدده في مواجهة الذين وصفهم "باللصوص" و"المتطرفين"، قام رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان بخطوة عملية اولى حيال المحتجين الذين عادوا بالآلاف الى ساحة تقسيم مساء الاربعاء ليتحدوا عناصر الشرطة الذين سيطروا عليها. فخلال اجتماع مع حوالى عشرة من "ممثلي" حركة الاحتجاج وافقت الحكومة على مقابلتهم، اقترح اردوغان اجراء استفتاء في اسطنبول حول تطوير ساحة تقسيم وهو المشروع الذي كان وراء بدء حركة احتجاجية واسعة ضد الحكومة. وقال نائب رئيس الحكومة حسين تشيليك "يمكننا ان نطرح هذه المسالة على استفتاء شعبي (...) وفي الديموقراطية وحدها ارادة الشعب هي التي تؤخذ بالحسبان". كما طلب تشيليك مرة جديدة من المتظاهرين الذين لا يزالون يحتلون حديقة جيزي المجاورة لساحة تقسيم بضرورة مغادرتها "في اسرع وقت ممكن". وقال "ان حديقة جيزي يجب ان تخلى في اسرع وقت ممكن. لا يمكننا بالتاكيد الموافقة على استمرار هذه التظاهرات الى ما لا نهاية". وتابع تشيليك الذي هو ايضا المتحدث باسم حزب الحرية والعدالة "يجب ان تعود الحياة الى طبيعتها في حديقة جيزي واعتقد انه بعد بادرة حسن النية هذه (احتمال اجراء الاستفتاء) فان الشبان سيقررون مغادرتها". وصباح اليوم الخميس اكد وزير الداخلية التركي معمر غولير ان احتلال حديقة جيزي في اسطنبول يجب ان يتوقف سريعا. وصرح غولير امام الصحافة في انقرة ان "احتلال حديقة جيزي لا يمكن ان يدوم. منذ الاول من حزيران/يونيو تحتل مجموعات مكانا عاما وتمنع الاخرين من الدخول اليه (...) يجب ان يتوقف كل ذلك قبل ان يسبب مزيدا من التوتر". واضاف ان "هذا الوضع غير مقبول في ديموقراطية". وتابع "اتخذنا الاجراءات الامنية اللازمة. الشرطة مستعدة يوميا لاعادة النظام وضمان الامن". واشارت شبكة التلفزيون التركية ان تي في الى ان اردوغان شخصيا اسر لزوار ان "كل شيء سينتهي خلال 24 ساعة". لكن تشيليك نفى ان يكون ادلى بتصريح كهذا. من جهته، اكد ممثل للمتظاهرين لوكالة فرانس برس الخميس ان اقتراح اردوغان اجراء استفتاء ليس قانونيا ولا مرغوبا فيه. وقال تيفون كهرمان من حركة "تضامن تقسيم" اكبر تنسيقية للمتظاهرين في الموقع "هناك اصلا قرار قضائي اوقف الاشغال في الحديقة. في هذه الظروف اجراء مشاورة شعبية للبت في مصير الحديقة ليس قانونيا". واكد ان "الشروط لم تتحقق" لتنظيم مثل هذا الاستفتاء اذ ان القانون التركي ينص على ان اللجوء الى الاستفتاء لا يتم الا في اطار اصلاحات دستورية. كما اكد كهرمان رئيس غرفة التخطيط المدني لاسطنبول انه ضد مبدأ الاستفتاء بحد ذاته. وقال "هل نقرر تنظيم اقتراع لنعرف ما اذا كان علينا معالجة مريض بالسرطان؟"، موضحا ان حركة "تضامن تقسيم" التي تضم 116 جمعية ستجتمع اليوم الخميس للاعلان عن موقف رسمي مشترك من اقتراح اردوغان. وقال احد المتظاهرين اسكندر سيسمان (29 عاما) "لسنا موافقين (على الاستفتاء) ولا نثق بالحكومة". واضاف انه على "طيب (اردوغان) الاعتذار على كل ما فعله للحديقة وعن الغاز المسيل للدموع". الا ان اردوغان وجه الخميس "انذارا اخيرا" الى المتظاهرين كي يخلوا على الفور حديقة جيزي في اسطنبول. وقال "حافظنا على صبرنا حتى الان لكن صبرنا بدا ينفد. اوجه انذاري الاخير: ايتها الامهات والاباء الرجاء سحب ابنائكم من هناك". واضاف في كلمة في انقرة امام رؤساء البلدية المنتمين الى حزبه العدالة والتنمية المنبثق من التيار الاسلامي " لا يمكننا الانتظار اكثر من ذلك لان حديقة جيزي ليست ملكا للقوى التي تحتلها. انها ملك للجميع". وتابع "ادعو اخواني المدافعين عن البيئة: لا تجعلونا نشعر بالحزن لفترة اطول. دعونا ننظف حديقة جيزي لاعادتها الى اصحابها الشرعيين (...) سكان اسطنبول". وفي خطابه اكد اردوغان عزمه على استشارة سكان اسطنبول حول المشروع المتعلق بساحة تقسيم وحديقة جيزي التي كان نبأ هدمها الشرارة التي ساهمت في اندلاع التظاهرات في 31 ايار/مايو. وقال ردا على المتظاهرين الذين اكدوا ان استفتاء لن يكون قانونيا "يمكن لبلدية استشارة سكانها على مستوى اقليم بيوغلو (حيث تقع الحديقة) او مدينة اسطنبول (...) ليس هناك اي عقبة قانونية".