احتج مجلس القضاء الاعلي (الهيئة العليا الممثلة رسميا للسلطة القضائية في مصر) السبت على تظاهرة نظمها الاخوان المسلمون الجمعة للمطالبة ب"تطهير القضاء" معتبرا انها "اساءة بالغة" للسلطة القضائية فيما برر الرئيس محمد مرسي هذه التظاهرة معتبرا ان مطلب تطهير القضاء نابع من "قلق مشروع لدى الناس". وقال مجلس القضاء الاعلى في بيان اصدره عقب اجتماع طارئ ان "التظاهرات التي جرت بالأمس تحت شعار ما يسمى +تطهير القضاء+ هي واقعة غير مسبوقة وتحمل إساءات بالغة إلى السلطة القضائية وجموع القضاة في مصر". واضاف البيان أن "قضاة مصر كانوا ولا يزالون ملاذ كل مظلوم، وأنه لا هم لهم سوى تطبيق صحيح حكم القانون، وأنهم يقولون كلمة الحق وفق ما تمليه عليهم ضمائرهم، وما تسفر عنه أوراق كل قضية على حدة، وأنه على كل متضرر من حكم قضائي أن يطعن فيه بالطرق التي رسمها القانون". كما وصف نادي قضاة مصر (تنظميهم النقابي) هذه التظاهرة ب"الهجمة الشرسة". واعرب النادي في بيان صدر عقب اجتماع طارئ عقده كذلك السبت عن "إدانته واستنكاره الشديدين لما جرى من حصار لمبنى دار القضاء العالي على خلفية التظاهرات التي خرجت تحت مسمى +تطهير القضاء+ وما تخللها من وصف للقضاة بالفساد". وقال البيان ان "قضاة مصر أصابتهم هذه الهجمة الشرسة بالصدمة والدهشة". واعتبر البيان ان "الهجمة التي يتعرض لها القضاة والسلطة القضائية، تتضمن اتخاذ إجراءات تعسفية وانتقامية ضد القضاء والقضاة، بدعوى تعديل قانون السلطة القضائية وتحت غطاء ما يسمى بتطهير القضاء". في المقابل اكد الرئيس المصري، في مقابلة تذيعها قناة الجزيرة الفضائية مساء السبت وبثت وكالة انباء الشرق الاوسط الرسمية مقتطفات منها، انه "يسمع كلمة التطهير في إطار قلق وهذا قلق مشروع لدي الناس من أحكام تصدر أحيانا لا يكون بعد العدل واضحا فيها بالشكل الذي يراه الناس". واستطرد "ثم أحكام البراءة التى تصدر على رموز النظام السابق تقلق الناس وقد يكون القاضي عادلا في حكمه طبقا لما هو متاح له من معلومات أو من أدلة ثبوت". واضاف "اشعر بالقلق ازاء الانتقادات الموجهة للقضاء"، مؤكدا في القوت نفسه "أنا أقف بالمرصاد لأى نوع من أنواع الخلط بين السلطات أو عدوان سلطة على أخري". وشهدت القاهرة الجمعة تظاهرة امام دار القضاء العالي للمطالبة ب"تطهير القضاء" دعت اليها جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها مرسي الذي اصدر القضاء عدة احكام ضد قراراته من بينها خصوصا حكم صدر الشهر الماضي بعودة النائب العام السابق عبد المجيد محمود الى منصبه بعد ان عزله الرئيس في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي وعين بدلا منه المستشار طلعت عبد الله. وجاءت هذه التظاهرة فيما يناقش مجلس الشوري الذي يهيمن عليه الاسلاميون والذي يتولى في الوقت الراهن سلطة التشريع مشروع قانون لخفض سن تقاعد القضاة من 70 عاما الى 60 عاما. ويقول بعض القضاة ان الاسلاميين يسعون لاصدار هذا القانون من اجل التخلص من قضاة معارضين لهم تجاوزوا سن الستين من ضمنهم النائب العام السابق. يذكر ان مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان) الذي عين الرئيس مرسي ثلث اعضائه ويهيمن عليه الاسلاميون يتولى حاليا بمفرده السلطة التشريعية في غياب مجلس النواب الذي تم حله في حزيران/يونيو الماضي وينتظر ان تجرى انتخابات جديدة لتشكيله في الخريف المقبل. من جانبه اصدر حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الاخوان، بيانا سعى من خلاله الى احتواء الازمة مع القضاة مؤكدا ان مناقشة مجلس الشورى لتعديلات قانون السلطة القضائية جاء "لمعالجة أوضاع قانونية غير متسقة مع الدستور الجديد ولحل مشكلات فى الساحة القضائية بما فيها قضية اختيار النائب العام". وشدد البيان على ان تعديلات قانون السلطة القضائية "ينبغي أن تحدث بالحوار الموضوعي مع السلطة القضائية ذاتها" و"دون احداث أزمة داخل السلطة القضائية التى هي إحدى الدعائم الرئيسية للدولة المصرية". ودخلت جبهة الانقاذ الوطني، التكتل الرئيسي للمعارضة، على خط الازمة واعتبرت في بيان ان هناك "هجمة اجرامية على المؤسسة القضائية تحمل شعارا زائفا وتستخدم عنفا مفرطا وتكشف اهداف جماعة الاخوان وسلطتها وسعيها الى التمكن من جميع مؤسسات الدولة وأجهزتها والانقضاض على ما يصعب التغلغل فيه". واكدت الجبهة ان "أي اصلاح للقضاء يجب أن يتم من داخله" ودعت "الشعب المصري للدفاع عن مؤسسة العدالة".