تزايدت مخاوف القبارصة القلقين ازاء صفقة انقاذ مالي ضخمة مع اعلان رئيس مجلس ادارة "بنك قبرص" اكبر بنوك الجزيرة الاثنين استقالته فيما بقيت المصارف مغلقة ليومين آخرين. وتظاهر مئات الطلاب امام القصر الرئاسي وسط استياء شعبي متزايد تجاه الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي بسب خطة انقاذ للجزيرة بقيمة 10 مليار يورو. وذكرت تقارير ان رئيس مجلس ادارة "بنك قبرص" اندرياس ارتيمس قدم استقالته بسبب الشروط الجائرة للخطة المالية التي وضعت لانقاذ الجزيرة المتوسطية من الافلاس. وحذر وزير المالية ميخاليس ساريس من ان الضريبة على المبالغ الكبيرة في "بنك قبرص" و"بنك لايكي" ثاني اكبر البنوك الذي ستتم تصفيته، يمكن ان تتجاوز 40%. ورغم الخطة لا تزال البنوك مغلقة لليوم الحادي عشر بناء على تعليمات السلطات التي اوعزت لها بالاغلاق حتى الخميس لمنع اي تهافت على سحب الودائع والذي من شأنه ان يودي بالجزيرة الى الافلاس. وقال ساريس ان قبرص تواجه "حالة طارئة" وانها "تجربة غير مسبوقة" لكنه اعرب عن اعتقاده ان البنوك ستتمكن من فتح ابوبها الخميس. والضوابط المالية التي فرضتها الحكومة على مبالغ السحب او التحويل سترفع "خلال اسابيع" بحسب ساريس، دون تحديد تلك الشروط. غير ان تصريحاته لم تهدئ غضب الشارع. فقد تظاهر نحو 1500 من الطلاب وساروا باتجاه القصر الحكومي في نيقوسيا هاتفين "ارفعوا اياديكم عن قبرص". وقال احد الطلاب ويدعى خريستوس (16 عاما) "لا نعرف ما هو مستقبلنا ونحنا غاضبون لان الامر لن يتوقف عند هذه الاجراءات". واعلن الرئيس نيكوس انستاسيادس الاثنين لدى عودته من بروكسل حيث تم التوصل لخطة الانقاذ في اللحظة الاخيرة، ان الخطة "مؤلمة" لكن ضرورية. غير ان اصلاح القطاع المالي القبرصي المتضخم الذي يطالب به الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي واجه صعوبات في بداية الطريق عندما اعلن رئيس مجلس ادارة "بنك قبرص" استقالته، بحسب ما ذكرت وكالة الانباء القبرصية. ومن المتوقع ان يناقش مجلس ادارة البنك استقالة ارتيمس في وقت لاحق الثلاثاء. وقالت وسائل اعلام محلية ان ارتيمس قدم استقالته على خلفية الشروط التي بموجبها يستوعب "بنك قبرص" ديون "بنك لايكي" وبسبب تكليف شخص ادارة عملية اعادة الهيكلة وبيع فروع البنك في اليونان، دون استشارة هيئة ادارة البنك. وتستهدف خطة الانقاذ المستثمرين اصحاب الودائع التي تفوق 100 الف يورو في كل من "بنك قبرص" و"بنك لايكي" وتشترط تصفية "بنك لايكي" مع توقع خسارة آلاف الوظائف. وخفضت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني درجة "بنك قبرص" و"بنك لايكي" الى فئة "التخلف عن السداد" ووضعت "بنك هيلينيك" ثالث اكبر بنوك الجزيرة على لائحة المراقبة السلبية. وقال بنك بيريوس اليوناني الثلاثاء انه وقع اتفاقا للاستحواذ على كافة الودائع والقروض والفروع اليونانية المملوكة لفروعه القبرصية الثلاثة. وتراجعت الاسهم اليونانية بنسبة 4,58 بالمئة في تعاملات منتصف النهار غير ان الاسواق الاوروبية ارتفعت في غالبيتها وانتعش اليورو بعد اربعة اشهر من انخفاض قيمته امام الدولار، فيما كانت ردود افعال الاسواق الاسيوية مختلطة. وكانت الاسواق المالية تراجعت في اليوم السابق اثر تعليقات لرئيس يوروغروب وزير المالية الهولندي يورين ديسلبلويم قال فيها ان صفقة قبرص يمكن ان تشكل اساسا لصفقات انقاذ مستقبلية. وشرح الوزير الهولندي فيما بعد ان قبرص "حالة خاصة" لكن العضو في المجلس التنفيذي للبنك المركزي الاوروبي بينوا كور قال الثلاثاء ان ديسلبليوم "اخطأ" في الادلاء بتلك التعليقات. واثارت خطة الانقاذ المالي غضب المستثمرين الروس الكثر الذين يمتلكون ودائع في بنوك قبرص التي يشبهها البعض بالملاذ الضريبي، بعكس ما ترغب به دول اخرى في منطقة اليورو. وقالت نتاليا (39 عاما) خبيرة الاقتصاد المتزوجة من مدير شركة روسية وتقيم في ليماسول الساحلية، ان الوضع وخاصة اغلاق البنوك "امر سخيف". غير انها اضافت "مثل كثير من الروس جئت طلبا للبحر والطقس الجميل والهواء المنعش لاطفالي. وهذا لا يزال في مكانه. نحن باقون طالما لم تغلق المدرسة (الدولية)". وقالت السلطات القبرصية ان الاغلاق المستمر للبنوك ضروري لضمان "سلاسة عمل النظام المصرفي بالكامل". ورغم ان الاقتصاد القبرصي لا يمثل اكثر من 0,2 بالمئة من اقتصاد كل دول منطقة اليورو، الا ان الازمة على الجزيرة تهدد بتجدد القلق ازاء العملة الاوروبية الموحدة بعد تقديم صفقات انقاذ لاربع دول اخرى. والموقع الاستراتيجي لقبرص والقاعدتان العسكريتان البريطانيتان على ارضها والتوتر مع شمال الجزيرة الذي تحتله تركيا، اعطت بعدا جديدا لهذه الازمة.