تصاعد دخان اسود كثيف مساء الثلاثاء مع انتهاء التصويت الاول للمجمع التاريخي الذي بدأ اعماله في كنيسة سيستينا في الفاتيكان، ما يعني عدم انتخاب بابا جديد خلفا لبنديكتوس السادس عشر. وسيعود الكرادلة ال115 الناخبون الى الكنيسة الاربعاء اعتبارا من الساعة 8,30 ت غ لمواصلة اجتماعهم السري والتصويت مجددا حتى تأمين التوافق على اسم البابا الجديد بغالبية الثلثين. وتصاعد الدخان الاسود قرابة الساعة 18,40 ت غ واستقبل بصيحات عكست خيبة الامل لدى الاف تجمعوا في الساحة في انتظار النتيجة. وكان الكرادلة دخلوا في وقت سابق كنيسة سيستينا، وانحنوا امام المذبح قبل ان يجلسوا في اماكنهم المحددة لهم في ارجاء الكنيسة الشهيرة تحت جداريات مايكل انجلو الرائعة. وتلا كل من الكرادلة الذين ينتمون الى 64 جنسية قسما باللغة اللاتينية تعهد بموجبه "الحفاظ على السرية المطلقة حول كل ما يتعلق مباشرة او غير مباشرة بالاصوات وعمليات التصويت لانتخاب الحبر الاعظم". وبموجب تقليد دائم وصارم موروث من القرون الوسطى، لكن وقائعه نقلت مباشرة على شاشة كبيرة في ساحة القديس بطرس، تلا مسؤول الاحتفالات الليتورجية الحبرية بصوت قوي صيغة "اكسترا اومنيس" (الجميع الى الخارج). وغادر غير المعنيين بعمليات التصويت -المحتفلون بالقداس وصحافيو وسائل الاعلام الفاتيكانية وحتى السكرتير الشخصي لبنديكتوس السادس عشر، يورغ غانسفين- الكنيسة. ثم اغلقت الابواب معلنة بدء المجمع. وقبل بدء اول انتخاب، القى الكاردينال المسن بروسبر غريش "تأملا" ثم غادر بدوره كنيسة سيستينا. وفي ساحة القديس بطرس، تم نقل وقائع جلسة افتتاح المجمع على شاشات عملاقة، ورغم المطر اصر الجمع على ملازمة الساحة لرصد النتيجة. وقال الكاهن الايطالي الشاب ماريو متدثرا بالاسود تحت مظلة سوداء "آمل ان ياتي من خارج اوروبا. عليه ان يدخل الكنيسة في عصر جديد"، مبديا تاثره ب"المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق الكرادلة". وابتداء من الاربعاء، يرتقب حصول اربع عمليات اقتراع يوميا، اثنتان صباحا واثنتان مساء. وقالت غليندا امايا (38 عاما) حاملة علم بلادها بنما "ساعود غدا وبعد غد حتى انتخاب بابا جديد. لا يهمني اذا كان اسود او ابيض، من الشمال او الجنوب، لان الايمان كوني". وتصاعد الدخان الاسود يعني حرق كل بطاقات الاقتراع لمحو اي اثر للتصويت السري الذي لا يمكن للكرادلة الحديث عنه حتى بعد فترة طويلة من انعقاد المجمع. وبحسب الخبراء في شؤون الفاتيكان وفي حال عدم حصول مفاجآت فانه يرتقب ان تكون مدة المجمع قصيرة، يومان الى اربعة ايام كحد اقصى. ومن بين الكرادلة الناخبين الذين عينوا جميعا خلال حبرية البابا الراحل يوحنا بولس الثاني او المستقيل بنديكتوس السادس عشر، هناك حوالى عشرة اسماء تم تداولها في الايام الماضية كمرشحين لترؤس الكنيسة الكاثوليكية. وتناقلت وسائل الاعلام اسماء الايطالي انجيلو سكولا او الكندي مارك ويليه والبرازيلي اوديلو شيرر او النمسوي يوزف شونبورين او المجري بيتر اردو او الاميركيين تيموثي دولان وشون اومالي وجميعهم لديهم نقاط مشتركة كثيرة مع يوحنا بولس الثاني او بنديكتوس السادس عشر. وهم محافظون جميعا وحريصون على منع اضمحلال العقيدة اكثر من الاصلاحات التي ينتظرها كثيرون لا سيما في الغرب. وسيكون على الكرادلة اختيار من سيواجه الازمة العميقة التي تجتازها الكنيسة الكاثوليكية والتي شهدت في الاونة الاخيرة فضيحة فاتيليكس وفضائح التحرش الجنسي. وهناك تحديات ثقيلة تنتظر خليفة بنديكتوس السادس عشر من احتجاجات داخلية الى اضطهاد للمسيحيين حول العالم الى قضايا اخلاقية وتجاوزات اخرى تشهدها الكنيسة. ومع انتخاب البابا الجديد ينتهي شهر صعب بدأ في 11 شباط/فبراير مع اعلان بنديكتوس السادس عشر استقالته بشكل مفاجىء وهو في سن الخامسة والثمانين. وسيكون اول بابا على قيد الحياة يشهد انتخاب خلف له. وسيراقب يوزف راتسينغر هذه العملية عن بعد من مقر كاستيل غاندوفلو على بعد 30 كلم من الفاتيكان حيث اصبح مقر اقامته. وقال بعد اعلان استقالته انه اتخذ هذا القرار "من اجل خير الكنيسة" التي انتقد الانقسامات فيها. والبابا ينتخب باكثرية الثلثين من اصوات الكرادلة. وحتى قبل خروج الدخان الابيض من مدخنة كنيسة سيستينا وانطلاق اجراس كاتدرائية القديس بطرس، سيكون الكاردينال الايطالي جيوفاني باتيستا ري، اول الكرادلة الاساقفة، قد طرح على البابا المنتخب السؤال الآتي: "هل تقبل بانتخابك القانوني حبرا اعظم؟" وسيجيب بنعم ويختار اسمه الجديد الذي قد يكون بولس او يوحنا او يوحنا بولس او بيوس او بنديكتوس ... وبعد ثمان واربعين دقيقة، هي الفترة التي يقسم خلالها الكرادلة يمين الولاء ويرتدي الحبر الجديد ثيابه الجديدة، سيحصل الكاردينال الفرنسي جان لوي توران على شرف الاعلان باللغة اللاتينية امام الجموع المحتشدة في ساحة القديس بطرس "هابيموس بابام" (لدينا بابا) ويكشف عن اسمه. ثم يكشف البابا الجديد الذي يضع نجمة حمراء على كتفيه، وجهه للعالم. عندئذ تبدأ مرحلة جديدة من تاريخ المسيحية الذي بدأ قبل الفي سنة.