واصلت احزاب الترويكا (الائتلاف الحكومي الثلاثي) الحاكمة في تونس الخميس بمفردها مفاوضات اللحظة الاخيرة لتشكيل حكومة جديدة خلفا لحكومة رئيس الوزراء المستقيل حمادي الجبالي الامين العام لحركة النهضة الاسلامية، وذلك بعد انسحاب بقية القوى السياسية من المفاوضات، وسط شكوك حول تشكيل الحكومة في الاجال القانونية المحددة. واعلن التلفزيون الرسمي ان علي العريض القيادي في حركة النهضة ووزير الداخلية في الحكومة المستقيلة، شرع في "جولة اخيرة من المفاوضات" مع ممثلين حن حزبي "التكتل" و"المؤتمر" الشريكين العلمانيين للنهضة في الائتلاف الحاكم. وكانت المفاوضات انطلقت الشهر الماضي بمشاركة احزاب الترويكا وثلاثة اطراف اخرى ممثلة في المجلس التاسيسي (البرلمان) هي حزبا "حركة وفاء" (يضم منشقين عن حزب المؤتمر) و"التحالف الديمقراطي" (اجتماعي وسطي) وكتلة (مجموعة) "الحرية والكرامة". وفي 19 شباط/فبراير الماضي استقال حمادي الجبالي الامين العام لحركة النهضة من رئاسة الحكومة احتجاجا على رفض حزبه تشكيل حكومة تكنوقراط غير حزبية راى انها الحل الوحيد لاخراج البلاد من ازمة سياسية خانقة اججها اغتيال المعارض اليساري البارز شكري بلعيد في السادس من الشهر نفسه. وفي 22 شباط/فبراير كلف الرئيس التونسي منصف المرزوقي رسميا علي العريض، باعتباره مرشح حزب النهضة الاكثر تمثيلية في البرلمان (89 مقعدا من اجمالي 217) بتشكيل حكومة جديدة تخلف حكومة الجبالي. وبحسب "التنظيم (القانون) المؤقت لتنظيم السلط العمومية" في تونس يتعين على العريض تقديم تشكيلة الحكومة وبرنامج عملها الى الرئيس التونسي في اجل لا يتجاوز 15 يوما من تاريخ تكليفه بتشكيلها اي يوم غد الجمعة الموافق للثامن من آذار/مارس الحالي. وفي حال تجاوز هذه المهلة يمنح القانون الرئيس التونسي صلاحية تكليف الشخصية التي يراها الانسب بتشكيل الحكومة. والاربعاء اعلن حزب "حركة وفاء" انسحابه "النهائي" من مفاوضات تشكيل الحكومة المقبلة بسبب اصرار احزاب الترويكا وكتلة الحرية والكرامة على "رفض مناقشة خيار تحييد وزارات السيادة" (الدفاع والداخلية والعدل والخارجية). وقال محمود البارودي القيادي في حزب "التحالف الديمقراطي" الخميس لوكالة الانباء الرسمية ان حزبه قرر عدم المشاركة في الحكومة القادمة بسبب ترشيح شخصيتين "قريبتين من حركة النهضة" لتولي وزارتي العدل والداخلية، ورفض مقترح الحزب تحييد وزارة الشؤون الدينية وحل "الرابطة الوطنية لحماية الثورة". و"الرابطة" منظمة غير حكومية تعتبرها المعارضة "ميليشيات اجرامية" وتتهم حركة النهضة باستعمالها ل"ضرب خصومها السياسيين" فيما تنفي النهضة هذه الاتهامات باستمرار. واضاف البارودي ان الرابطة اتي تورطت في قتل معارض علماني في 2012 "تعمل لخدمة اجندا سياسية لكل من حركة النهضة وحزب الموءتمر". ودعا البارودي رئيس الجمهورية الى تكليف شخصية مستقلة بدلا عن العريض بتشكيل الحكومة القادمة. وقال رئيس كتلة "الحرية والكرامة" محمد الطاهر الايلاهي الخميس لوكالة الانباء التونسية ان كتلته لن تشارك في الحكومة المقبلة بسبب تمسك احزاب الائتلاف الحاكم بحقائب وزارية لكنه لم يستبعد مشاركة أعضاء من الكتلة في الحكومة "اذا تمت دعوتهم بصفة شخصية". وقال علي العريض في تصريح صحفي بثته اذاعة موزاييك اف ام التونسية الخاصة صباح الخميس ان الاحزاب المشاركة في المفاوضات "اتفقت على ارضية عمل" دون اعطاء تفاصيل. وبحسب محمد الطالهر الايلاهي تنص ورقة العمل على "معالجة الانفلات الامني وايجاد حلول لغلاء المعيشة وخلق مواطن شغل خاصة بالجهات الداخلية المحرومة مع تبني حوار وطني شامل بعد شهر من تشكيل الحكومة الجديدة دون استثناء أي طرف مع التأكيد على مدنية الدولة وتطبيق القانون على مرتكبي العنف ومن يحرض عليه". وفي سياق آخر قال خليل الزاوية القيادي في حزب "التكتل" في تصريح نقلته الخميس اذاعة "شمس إف إم" التونسية الخاصة ان حل الترويكا أمر غير مستبعد في حال فشلت في تشكيل حكومة جديدة. وكانت احزاب الترويكا شكلت ائتلافا حكوميا بعد انتخابات 23 تشرين الاول/اكتوبر 2011 التي فازت فيها حركة النهضة. وقال علي العريض لاذاعة موزاييك اف ام "انا لا اخشى ان تفشل (المفاوضات) المطلوب مني ان ارضي ضميري وان ابذل قصارى جهدي".