القاهرة (رويترز) - هاجمت المعارضة المصرية الرئيس محمد مرسي يوم الجمعة لدعوته لانتخاب أعضاء مجلس النواب في ظل أزمة واسعة لكنها تواجه تحديا بسبب انقسامها في مواجهة الإسلاميين الذين كسبوا جميع الانتخابات منذ ثورة 25 يناير 2011. وما ان دعا مرسي لانتخاب مجلس النواب مساء يوم الخميس حتى اتهمه معارضوه الليبراليون واليساريون بتعميق الانقسام بينهم وبين الإسلاميين. وهدد بعضهم بمقاطعة الانتخابات التي ستبدأ يوم 27 ابريل نيسان وتنتهي في واخر يونيو حزيران. وهيمن الإسلاميون تتقدمهم جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي على مجلس الشعب الذي حل العام الماضي بحكم محكمة بعد نحو سبعة أشهر من انتخابه. وسيكون على مجلس النواب وهو الاسم الذي أطلقه دستور البلاد الجديد على البرلمان إقرار إجراءات تقشف اقتصادي صارمة يرفضها أغلب الناس في وقت تسعى فيه مصر للحصول على قرض 4.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي لتحفيف حدة أزمة اقتصادية تمر بها. وقرر مرسي إجراء الانتخابات على أربع مراحل لتوفير الإشراف القضائي الكامل على الاقتراع ويأمل أن يكون من شأن انتخاب المجلس إنهاء الانتقال المضطرب إلى الديمقراطية بعد الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك. ورحب الإسلاميون بالانتخابات قائلين إنها الوسيلة الوحيدة للخروج من أزمات مصر السياسية والاقتصادية. لكن السياسي الليبرالي محمد البرادعي قال إن إجراء الانتخابات بدون التوصل لوفاق وطني "سيزيد الوضع اشتعالا." ?وكتب في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي تويتر "الإصرار على الاستقطاب والإقصاء والقمع مع غياب الرؤية والإدارة والمصداقية والعدالة وما نراه من تدهور أمني واقتصادي هو طريقنا الي الهاوية." وتشهد مصر يوم الجمعة احتجاجات في القاهرة ومدن أخرى لكن عاصفة ترابية جعلت عدد المحتجين قليلا للغاية في ميدان التحرير بؤرة الثورة التي أسقطت مبارك. ورفع المحتجون مطالب متفاوتة في الوقت الذي تتفاوت فيه آراء المعارضين. وبينما دعا البعض لإسقاط مرسي طالب البعض الآخر الجيش الذي دعم مبارك ومن سبقوه من الرؤساء للعودة لإدارة شؤون مصر. وقالت جبهة الإنقاذ الوطني التي تضم عددا من الأحزاب الليبرالية واليسارية وساسة غير إسلاميين إنها ستحدد موقفها من الانتخابات في اجتماع خلال أيام. وقال خالد داوود المتحدث باسم الجبهة "سنجتمع أوائل الأسبوع المقبل لنقرر ما إذا كنا سنقاطع أو نشارك في الانتخابات. لكن كما هو واضح لكم المعارضة ككل تشعر بالضيق بسبب القرار المنفرد من جانب الرئاسة. هذا قرار متسرع." وقال داود إن مصر يجب أن تكون أولوياتها أخرى مثل تغيير الدستور الجديد المثير للجدل الذي صاغته العام الماضي جمعية تأسيسية غلب عليها الإسلاميون. وأضاف "حلوا هذا الموضوع أولا ثم تكلموا عن الانتخابات." وفي حين تستطيع المعارضة الاتفاق على مهاجمة مرسي انتهت تهديداتها السابقة بالمقاطعة إلى لا شيء. ولا تزال المعارضة متفرقة وغير منظمة على العكس من القدرات المالية والتنظيمية للإسلاميين الذين كسبوا الانتخابات الرئاسية والتشريعية السابقة. وقال النائب الليبرالي السابق والأستاذ الجامعي عمرو حمزاوي " ?نحن الآن أمام اختيار سياسي صعب وأمام سيف الوقت الضاغط وأمام امتحان لقدرة المعارضة على البقاء موحدة وقبل كل هذا أمام اختبار ضمير عسير." ورحبت الأحزاب والجماعات الإسلامية بالانتخابات الجديدة واستنكرت التهديد بالمقاطعة. وقال طارق الزمر من حزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية إن الانتخابات هي الطريق الوحيد للخروج من الأزمة. واضاف أن الشعب يجب أن يتاح له اختيار من يرى أنهم الأنسب لتمثيله. وتابع أن أغلبية القوى السياسية لن تقاطع الانتخابات.? وقال عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين إن البرلمان سيكون من شأنه توحيد الحياة السياسية المصرية. وقال في صفحنه على موقع فيسبوك "?مجلس النواب القادم سيكون بإذن الله متنوعا تصدح فيه كل ا?صوات الوطنية ا?سلامية بكل تنويعاتها واليمينية الليبرالية بكل اختلافاتها واليسارية أيا كانت صراعاتها." وأضاف "الجميع يدرك أهمية المرحلة وأن غياب صوته خطأ كبير وقد يكلفه غيابا طويلا عن المشهد البرلماني والحزبي والسياسي في مرحلة بناء مصر." ويرجح أن يشكل الإسلاميون تحالفات وأن يهيمنوا على البرلمان مثلما فعلوا في المرة السابقة حين هيمنوا على مجلس الشعب الذي حله المجلس الأعلى للقوات المسلحة حين كان يدير شؤون البلاد مستندا لحكم أصدرته المحكمة الدستورية العليا قضت فيه بعدم دستورية مواد في قانون انتخاب المجلس النيابي. وأثارت اختيارات مرسي لتاريخ الاقتراع غضب مسيحيين رأوا أنه تجاهل احتفالات بأعياد لهم ستجرى الانتخابات خلالها. وقالت جماعة الكلمة وهي جماعة قبطية إن تحديد التاريخ عمل مقصود لإقصاء المسيحيين عن الحياة السياسية. (شاركت في التغطية ياسمين صالح وعلي عبد العاطي - إعداد محمد عبد اللاه للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن)