في المدن النائية المتناثرة في الصحراء الواسعة بشمال مالي يراود الأمل المدنيين القلقين من حكم المتشددين الاسلاميين في أن تتمكن القوات الفرنسية من طرد المتمردين.. لكن الخوف يتملكهم وسط طلقات الرصاص المتبادلة بين الجانبين مع محاولة المقاتلين الاسلاميين الذوبان بين السكان المحليين. وقال عدد من سكان بلدات جاو وكيدال وتمبكتو في اتصال هاتفي مع رويترز ان المقاتلين يختبئون من الطائرات الحربية الفرنسية لكنهم ما زالوا قادرين على القتال. وبعد تسعة اشهر من طردهم لجيش مالي وفرض منظورهم للشريعة الاسلامية في البلدات التي سيطروا عليها في مناطق شاسعة من الصحراء الكبرى اصبح للمتمردين -الذين ينتمون لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي وحلفائه من جماعة انصار الدين وحركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا- أنصار ومتعاطفون في هذه البلدات. لكن سكانا كثيرين يقولون انهم يتمنون رحيلهم. وقال رجل من تمبكتو -المدينة التجارية القديمة التي تبعد 700 كيلومتر إلى الشمال الشرقي من العاصمة باماكو- "هناك امل كبير... نأمل أن تتحرر المدينة قريبا." وبعد ان تخلى المتمردون عن نقاط القيادة التي اقاموها وتفادوا التنقل في قوافل الشاحنات المسلحة التي يسهل استهدافها آووا إلى منازل خاصة مما أثار المخاوف من احتمال استخدامهم المدنيين كدروع بشرية. وقال الرجل الذي يسكن في تمبكتو "الجهاديون تركوا بناياتهم المعتادة إلى منازل يكتنفها قدر أكبر من الخصوصية." ومثله مثل كل من تحدثوا من مناطق يسيطر عليها المتمردون طلب الرجل عدم الكشف عن هويته خوفا على سلامته من انتقام المقاتلين الاسلاميين. واتهم المتمردون بعض السكان بالفعل بالتجسس عليهم لصالح اعدائهم. ولم تتعرض تمبكتو لغارات جوية بعد لكن الطائرات الحربية الفرنسية قصفت معسكر تدريب ومخزن سلاح في بلدة جاو التي تقع على بعد 300 كيلومتر إلى الشرق وهي مهد حركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا التي نشأت في مالي. وقال رجل يعيش في جاو "الغارات الجوية الفرنسية قامت بمهمتها. لقد اصابت الجهاديين بشدة وفر كثير منهم حيث ذهب بعضهم إلى الأحراش واختبأ البعض الآخر في منازل مهجورة. "لو كانت هناك قوات برية لانتهت الحرب." واضاف انه اضطر للخروج من جاو لاجراء مكالمة هاتفية بعد ان قطع المتمردون الخطوط الارضية في البلدة بعد اتهام سكان محليين باعطاء مواقعهم للقوات الفرنسية. وقال مدير محطة حافلات في بلدة زارما على الجهة المقابلة من الحدود مع النيجر والواقعة على بعد حوالي 200 كيلومتر إلى الجنوب من جاو ان الانباء الوحيدة التي تصل إلى هذه المدينة تأتي على ألسنة عدد قليل من السائقين الذين يغامرون بعبور نقاط تفتيش أقامها الإسلاميون. وأضاف عبد الرحمن الحسيني "الانباء الوحيدة التي نتلقاها تأتي من هؤلاء السائقين لأن الهواتف لا تعمل الان. كل الخطوط انقطعت." وفي كيدال -وهي معقل إياد أق غالي زعيم جماعة أنصار الدين في الشمال- قال رجل لرويترز عبر الهاتف ان البلدة هادئة بشكل عام حيث فر اغلب الاسلاميين إلى الجبال القريبة المنتشرة على الحدود مع الجزائر. وقالت امرأة في كيدال "نريد انتهاء هذه الحرب بأسرع ما يمكن. إذا فشل الجيش الفرنسي فسوف يظن الاسلاميون انه لا يمكن دحرهم وسيجتذبون عددا أكبر بكثير من المقاتلين." لكن صورة القوة التي لوح بها الاسلاميون للسكان المحليين الذين لا يشعرون بالرضا عن الحكومات البعيدة عنهم في باماكو اجتذبت إليهم بعض المعجبين. وتعليقا على ذلك قالت المرأة التي تعيش في كيدال "أخاف من المستقبل. "ابني الذي يبلغ من العمر ثمانية اعوام يقفز فرحا كلما رأى رجال أنصار الدين في عرباتهم. قال لي انه يريد ان يكون قويا كهؤلاء الرجال. وأنا اريده ان يذهب إلى المدرسة." من تيموكو ديالو واداما ديارا (إعداد ابراهيم الجارحي للنشرة العربية - تحرير أمل أبو السعود)