قضت محكمة تونس الابتدائية الخميس بإسقاط تهمة "التجاهر عمدا بفعل فاحش" (الاخلال بالاداب العامة) التي وجهها القضاء التونسي في تشرين الأول/أكتوبر الماضي الى فتاة اغتصبها شرطيان، في قضية أثارت ضجة اعلامية وحقوقية داخل تونس وخارجها. وقالت المحامية بشرى بلحاج حميدة لوكالة فرانس برس ان قاضي التحقيق "ختم البحث (التحقيق) في قضية الفتاة المغتصبة وقضى بحفظ (إسقاط) تهمة التجاهر عمدا بفعل فاحش التي تم توجيهها الى الفتاة وخطيبها لعدم وجود أدلة تدينهما وباحالة ثلاثة شرطيين متهمين في القضية على دائرة الاتهام". وأوضحت ان شرطيين يواجهان تهمة "اغتصاب انثى بالعنف" فيما يواجه الثالث تهمة "تلقي رشوة". وفي الرابع من ايلول/سبتمبر 2012، اعتقلت السلطات ثلاثة شرطيين، اتهم اثنان منهم باغتصاب الفتاة داخل سيارتها ثم داخل سيارة أمن في ساعة متأخرة من ليل الثالث من ايلول/سبتمبر الفائت، والثالث "بالابتزاز" المالي لخطيبها الذي كان برفقتها. ويتبع الشرطيون الثلاثة مديرية الأمن الوطني بمنطقة حدائق قرطاج القريبة من قصر الرئيس التونسي وسط العاصمة. وزعم الشرطيون انهم ضبطوا الشابة داخل سيارة وهي تمارس الجنس مع خطيبها في ساعة متأخرة من ليل الثالث من أيلول/سبتمبر. كما أعل خالد طروش الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية ان الفتاة وخطيبها ضبطا في "وضعية غير أخلاقية". ونفت الشابة وخطيبها هذه التهمة بشدة فيما قالت محاميتهما راضية النصراوي ان الشرطيين "مجرمون" ولا يمكن اعتماد "اقوالهم المشكوك فيها". وقالت الفتاة انها كانت تتحدث مع خطيبها داخل سيارتها عندما وصل الشرطيون الثلاثة في سيارة بيضاء. وبحسب الضحية، طلب منها شرطيان الصعود معهما الى سيارة الشرطة ثم ابتعدا بها إلى مكان خال وتناوبا على اغتصابها طوال ساعة و15 دقيقة، فيما بقي الثالث مع صديقها ليبتزه ماليا ويطلب منه 300 دينار (150 يورو). واوضحت ان احد الشرطيين عاود اغتصابها مرة ثانية لكن داخل سيارتها. ويواجه الشرطيان اللذان اغتصباها عقوبة الاعدام التي لم تطبق في تونس منذ اكثر من عشرين عاما، او السجن المؤبد. وأعربت الفتاة في تصريح الخميس لإذاعة شمس إف إم الخاصة عن "فرحها" بحفظ التهمة بحقها وخطيبها. وقالت "كنت أتوقع حفظ التهمة، وقد فرحت أنا وخطيبي بصدور هذا القرار، ربما هذه بداية انتصار لي، لكني لن انتصر إلا عندما يصدر الحكم النهائي" بإدانة الشرطيين. واعتبرت أن حفظ التهمة بحقها يفضح "كذب" الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية وأيضا مروجي "الاشاعات" الذين يقولون انها اقترحت على رجال الشرطة ممارسة الجنس معهم مقابل عدم تتبعها وخطيبها بعد أن تم ضبطهما. واجرت الفتاة وخطيبها مقابلات مع وسائل اعلام تونسية وأجنبية من دون كشف هويتهما. وفي 27 ايلول/سبتمبر الفائت اجرى القضاء التونسي مقابلة بين الفتاة وخطيبها والشرطيين الثلاثة. وقالت الفتاة في وقت سابق انها تلقت "تهديدات من المؤسسة الامنية لدفعها الى التنازل عن القضية". واعلنت الناشطة الحقوقية سهام بن سدرين رئيسة المجلس الوطني للحريات، ان قاضيا هدد الفتاة بمقاضاتها خلال أول جلسة استماع لها اذا تحدثت عن تعرضها لعملية اغتصاب من قبل الشرطيين. واتهمت بن سدرين وزارة العدل التي يتولاها نور الدين البحيري القيادي في حركة النهضة الاسلامية الحاكمة، بالسعي الى "التستر على جرائم" من أجل انقاذ سمعة الوزير وحزبه. وفي الثاني من تشرين الاول/أكتوبر، مثلت الفتاة وخطيبها أمام قاض بمحكمة تونس الابتدائية للتحقيق معهما بتهمة "التجاهر عمدا بفعل فاحش" التي تصل عقوبتها في القانون التونسي الى السجن ستة اشهر. وفجر توجيه هذه التهمة الى الفتاة انتقادات داخل تونس وخارجها، كما اجج اتهامات لحركة النهضة الاسلامية الحاكمة بعدم الاكتراث لحقوق المرأة التي تحظى في تونس بوضع حقوقي فريد في العالم العربي. ودعت منظمة العفو الدولية في وقت سابق السلطات التونسية الى اسقاط التهمة الموجهة الى الشابة ورفيقها واعتبرتها "محاولة ماكرة لتشويه سمعة الضحية". وذكرت المنظمة بأن اقدام رجال امن على اغتصاب اشخاص "كان يستخدم (في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي) كاداة للقمع، وهو شكل من أشكال التعذيب".