بعد ستة اشهر على توليه سدة الرئاسة يسعى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الثلاثاء في خلال مؤتمر صحافي الثلاثاء الى تلميع صورته بعد الانتقادات الشديدة له في الصحافة وتراجعه في استطلاعات الراي، في وقت تزداد التساؤلات حول مدى وضوح هدف تحركه على الساحتين الداخلية والدولية. فقد بات على هولاند التخلي عن اطار الرئيس "العادي" والتحول الى "رئيس كبير على المستوى الذي تتطلبه مكانة موقع الرئاسة" و"اتباع اسلوب اكثر رسمية واكثر تضخيما" للهجته، كما صرح مؤخرا لصحيفة لوموند احد مؤيديه جان ايف لو دريان. وامام نحو 400 صحافي ياتي الخطاب الرئاسي مساء اليوم في الوقت الذي يتفاوض فيه رئيس الدولة على برنامج حساس يسعى خلاله الى اعادة الروح التنافسية الى الاقتصاد الفرنسي. وعلى الصعيد الدولي ينتظر الكل ايضا معرفة ما سيقوله بشان ملفات ضخمة مثل المشاركة الفرنسية في عملية عسكرية لاستعادة شمال مالي من الجماعات الاسلامية المتطرفة التي تسيطر عليه وموقف فرنسا في الشرق الاوسط والادنى حيث تبدو اقل حضورا منها في عهد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي. وعلى الساحة الوطنية اتخذ الرئيس قرارا يتناقض مع وعود حملته وذلك برفع قيمة ضريبة القيمة المضافة وهي الضريبة التي يعارضها اليسار. وبدون ان يرى تحولا تاما يقارن بما شهدته فرنسا من اجراءات تقشف عام 1983 اعتبر الخبير الاقتصادي ايلي كوهين، الذي دعم هولاند خلال الحملة، ان ما حدث هو "تغيير في الاتجاه". لكن عادة تغيير الاتجاه هذه محفوفة بالمخاطر في الوقت الذي سجلت فيه شعبية الرئيس انخفاضا في ثلاث استطلاعات نشرت الاثنين لم تزد فيه نسبه مؤيديه عن ما بين 41 و44%. ويرى رئيس مؤسسة الاستطلاعات والتحليلات والاستشارات برنار سانان انه يتعين على رئيس الدولة اولا "اعطاء الفرنسيين اسباب تبعث الامل مع وجود الازمة وانخفاض معنوياتهم الى ادنى درجة" ثم "اظهار ان الحكومة في حالة تعبئة" في الوقت الذي اضعفت فيه سلسلة هفوات الثقة في رئيس وزرائه جان مارك ايرولت. واخيرا "وضع نفسه في عباءة الرئاسة في مواجهة هولاند المستهدف من الكل" الذي اثر ايضا على هيبة "سلطة رئاسة الجمهورية" لدى الرأي العام. واعتبر سانان ايضا ان "الراي العام على استعداد لقبول تغير مواقفه" مثل موقفه من ضريبة القيمة المضافة الا ان الفرنسيين "سيحكمون عليه بمعيارين: هل هو موقف سليم، هل له فاعلية؟". وربما تكون المهمة شديدة التعقيد حيث يتعين على الرئيس "توجيه اشارات قوية الى الجهات الاقتصادية الفاعلة" مع الاحتفاظ ب"قاعدته الانتخابية" بعد ان بات جزء كبير بالفعل من اغلبيته يقف له بالمرصاد. فقد سبق ان حذر زعيم اليسار المتشدد جان لوك ميلانشون، قائلا "غدا، سنرى كيف سيوضح لنا هولاند ان ما لم ينجح في اماكن اخرى، مثل اليونان واسباميا والبرتغال، يمكن ان ينجح هنا؟". ويقول احد المقربين منه انه سيكون على فرنسوا هولاند ان "توضح معنى تحركه وان يحدد هدفا لكن ايضا ان يطرح نفسه كمجمع امام فرنسيين في حالة قلق" وخاصة بشان "قضية العمل المركزية". وتضع الحكومة والحزب الاشتراكي امالا كبيرا على هذا الخطاب. وقال وزيرة في حكومته ايرولت "انتظر كلمة توجيهية ممتازة ورؤية واضحة لما يريد الذهاب اليه" في حين قال المتحدث باسم الحزب الاشتراكي دافيد اسولين انه يريد منه ان "يفهم الفرنسيين معنى الجهود المطلوبة منهم". اما معسكر اليمين شان السكرتير العام للاتحاد من اجل حركة شعبية جان فرنسوا كوبيه فانه يتوقع شيئا مختلفا من فرنسوا هولاند "لحظة نقد ذاتي في مواجهة كل الاكاذيب التي قالها للفرنسيين خلال حملته".