مهما تعددت اسماء الاستحقاق بين جدار او كارثة او هاوية مالية، فان الولاياتالمتحدة تتجه بشكل مباشر نحو زيادة كبيرة في الضرائب واقتطاعات آلية في الموازنة في الثاني من كانون الثاني/يناير، مما ينذر بانكماش جديد ستكون له انعكاسات في مختلف انحاء العالم. وما لم يتم التوصل الى اتفاق بين الجمهوريين والديموقراطيين في الكونغرس وبين الرئيس باراك اوباما بحلول 31 كانون الاول/ديسمبر، فان اعادة صياغة تلقائية دون تمييز للموازنة ستدخل حيز التنفيذ في العام 2013 مما سيجعل الوعود الانتخابية لاوباما وللمرشح الجمهوري ميت رومني وهمية. وحتى الان، تجاهل المرشحان هذا الاستحقاق الى حد كبير قبل بضعة اسابيع فقط على موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في السادس من تشرين الثاني/نوفمبر، الا ان الخبراء حذروا من ان الوقع الاقتصادي والدبلوماسي ل"الهاوية" لن يكون اقل كارثية. واوضح ستيف بل المدير السابق للجنة الموازنة في مجلس الشيوخ لوكالة فرانس برس ان "الولاياتالمتحدة تواجه خطر خسارة مركزها كاحتياطي نقدي دولي"، محذرا على غرار كل الخبراء في واشنطن من ضرورة تسريع المفاوضات وفرض التوصل الى اتفاق قبل نهاية العام. وحذر مارتن انديك مدير برنامج الشؤون الخارجية في مركز بروكينغز انستيتيوت "انه التحدي الاكبر" للسياسة الخارجية للرئيس المقبل. واضاف "سيؤثر ذلك على الاقتصاد وعلى العلاقات مع شركائنا التجاريين وحلفائنا وعلى قدرتنا على النمو والحفاظ على انتشارنا العسكري في الخارج". ويبدو ان واشنطن تحصد العاصفة بعد ان زرعت الريح بنفسها. ففي صيف 2011، تفادت الولاياتالمتحدة في اللحظة الاخيرة التخلف عن السداد بعد صراع استمر اشهرا بين الجمهوريين والديموقراطيين حول رفع سقف الدين والتوصل الى خطة لخفض العجز القياسي. وتم التصويت انذاك على قانون يلزم، ايا كان الثمن، خفض العجز البالغ 1200 مليار دولار على مدى عشر سنوات اعتبارا من العام 2013. وتم تشكيل لجنة خاصة مكلفة اعداد خطة التخفيض. الا ان وكالة التصنيف ستاندارد اند بورز اعتبرت ان النص "غير كاف"، وخفضت تصنيف البلاد نقطة واحدة ما شكل ضربة مالية كبيرة. كما ينص احد بنود القانون على اجراء اقتطاعات تلقائية في حال فشل اللجنة وهو احتمال اصبح واقعا في اواخر 2011 عندما لاحظ اعضاؤها مدى الخلافات بينهم حول مسالة زيادة الضرائب. ومن المفترض بالتالي ان يحصل خفض آلي في الموازنة الفدرالية بواقع 10% تقريبا يشمل كل الوزارات اعتبارا من 2013. وفي موازاة ذلك، ستزداد الضرائب بنسبة 20% على الجميع ما يوازي الفي دولار سنويا في الاسر المتوسطة الدخل، بحسب مركز تاكس بوليسي سنتر. ولا يزال من الممكن ان يصوت الكونغرس على قانون جديد لالغاء الاجراء الالي او لارجاء التطبيق لبضعة اشهر، الا ان المفاوضات عالقة في هذا العام الانتخابي. وقال غاري ثيير من شركة ولز فارغو ادفايزرز "لا يبدو اي من الحزبين مستعدا للتوقيع على اتفاق قبل الانتخابات". واضاف ان "الهاوية المالية اجراء فعال لخفض العجز بشكل سريع الا انه سيضر بالاقتصاد في الوقت نفسه". ويندد كل السياسيين بمن فيهم اوباما ورومني بعواقب "الهاوية"، الا ان احدا لا يتراجع عن موقفه. واوردت صحيفة واشنطن بوست ان الرئيس سيلجأ الى حقه في الفيتو لاعتراض اي اتفاق مؤقت ما لم يتضمن زيادة في الضرائب على الاكثر ثراء، مما يشكل موقفا متشددا. وسيتم تقليص نفقات الدولة الفدرالية بما فيها النفقات العسكرية للسنة المالية 2013 التي بدات في الاول من تشرين الاول/اكتوبر، ب109 مليارات دولار مما سيعيد عجز المالية (اذا ما اضيف الى الضرائب) الى 641 مليار دولار، اي 4,0% من اجمالي الناتج الداخلي (في مقابل 7,6% في 2012). الا ان نسبة البطالة الرسمية سترتفع الى 9,1% في نهاية 2013 (في مقابل 7,8% في ايلول/سبتمبر)، بحسب مكتب موازنة الكونغرس. وحذر صندوق النقد الدولي من جهته ان الولاياتالمتحدة يمكن ان تخسر اربع نقاط من النمو وان تعود الى الانكماش الامر الذي سينعكس على الاقتصاد العالمي. وفي مطلق الاحول، فان الرئيس والكونغرس اللذين سينتخبان في السادس من تشرين الثاني/نوفمبر لن يبدآ مهامهما سوى في كانون الثاني/يناير، وعليه فان اوباما والكونغرس الحالي هما من سيتفاوض في تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الاول/ديسمبر وربما حتى الاول من كانون الثاني/يناير.