قد تحول التدابير الصارمة المعلنة الجمعة في فرنسا ولدى جاراتها الاوروبيات في ظل الازمة الاقتصادية دون تمكين هذه الدول من تحقيق هدف خفض العجز في الميزانية العامة الى 3% من اجمالي الناتج الداخلي في 2013، كما يرى المحللون الاقتصاديون. وكشف مشروع الميزانية الذي اعلن الجمعة ان فرنسا ستبذل "جهدا غير مسبوق" في 2013 للاقتصاد في النفقات يصل الى 36,8 مليار يورو بينها اكثر من 24 مليارا ستجمع عن طريق زيادة الضرائب. وتأتي هذه القرارات بعد سنتين من اجراءات التقشف، ويفترض ان تفضي الى تحقيق وفر من 60 مليار يورو. ويقول المحلل الاقتصادي اريك هيير من المرصد الفرنسي للاوضاع الاقتصادية انه "جهد كبير حقا بالمعدل السنوي على ثلاث سنوات وخصوصا في فترة الازمة، هذا لم يحصل ابدا من قبل"، ويضيف "انه يحصل في اسوأ الاوقات، انها ببساطة كارثة". ويوضح هيير ان اتباع هذه السياسة في ظل الازمة، وفي الوقت نفسه مع باقي دول منطقة اليورو ومع يورو قوي يضخم تأثير هذه السياسات، معتبرا انه في الوضع الحالي فان كل يورو يتم توفيره يؤدي الى خفض النشاط الاقتصاد بيورو واحد تقريبا. ولكن تراجع النشاط الاقتصادي يعني بالتالي خفض العائدات الضريبية، وفي فرنسا حيث تقترب ضريبة الدخل من 50%، فان السعي لتوفير 30 مليار يورو لا يمثل في الحقيقة سوى 15 مليارا. وتقول هيلين بودشون من بنك بي ان بي باريبا ان "تحقيق هدف ثابت بعيد المدى يتطلب ثباتا. غير ان الهدف الذي حددته الحكومة متغير: كلما صوبوا، كلما ابتعد الهدف". وتوضح ان "الالتزام باي ثمن بهذا الهدف يهدد النمو الضعيف المتوقع. واذا ما انهار النمو، فان هدف خفض العجز لن يتحقق هو الآخر". ويتوقع هيير "انهم لن يلتزموا بتعهداتهم. سرعان ما سيدركون انهم لن يتمكنوا من تحقيق نسبة النمو المحددة عند 0,8%"، في حين تمت مراجعة توقعات النمو الى 0% لسنة 2013 مقابل 0,3 في السابق. ويتوقع ادراك ذلك منذ 7 تشرين الثاني/نوفمبر عندما تعلن المفوضية الاوروبية عن توقعاتها. وقد تعلق بروكسل في المناسبة عينها على فرضية النمو التي قدمتها باريس وعلى ميزانيتها. وعندها سيكون هناك خياران، كما يقول هيير "عدم المضي في هذه الاستراتيجية لانها لا تقود الى اي مكان (أو) الاصرار عليها مهما كان الثمن". ويضيف ان الخيار الثاني قد يتطلب خطة تقشف جديدة في شباط/فبراير واخرى في تموز/يوليو. وفي حال اصرت الحكومة الفرنسية وحدها على المضي قدما، سيتراجع اجمالي الناتج المحلي بنسبة 1,3%، قياسا على توقعات المرصد الفرنسي. ولكن اذا اصرت كل الدول الاوروبية وخصوصا اسبانيا وايطاليا على الالتزام بتعهداتها، فستشهد فرنسا انكماشا بنسبة 4,2%، اي اسوأ من تراجع النشاط الاقتصادي في عز الازمة في 2009 عندما بلغ الانكماش 3,1%. ويقول كريستيان سان اتيان، الاستاذ في جامعة باري دوفين "هذا ثانوي: الاساس ليس (تراجع العجز الى) 3% وانما الاساس بالنسبة لفرنسا هو استعادة قدرتها التنافسية. انها مسالة بقاء". ويقول سان اتيان لفرانس برس "بدلا من صدمة ايجابية لتشجيع التنافسية، يتم اعتماد صدمة ضريبية سلبية عنيفة"، معلنا انه ينتظر ان يرى افعالا تفيد باعطاء دفعة ملموسة للتنافسية بعد عرض تقرير حول المسألة في منتصف تشرين الاول/اكتوبر. ويقول هيير "من الجيد اعتماد سياسات اكثر صرامة، ولكن ينبغي ان تكون محسوبة بدقة وان تتبع جدولا زمنيا واقعيا". ويضيف "نحن نرى محاولة لمواجهة عجز ظرفي، هذا مستحيل، في حين انه ينبغي اعتماد السياسات في مواجهة التقلبات الدورية، وهذا يعني مساعدة الاقتصاد عندما تكون الدورة الاقتصادية في ادنى مستوى لها، وممارسة التقشف عندما تكون في اعلى مستوى.