تؤكد مصادر في المعارضة السورية المسلحة ان المجموعات الجهادية التي تقاتل في سوريا ورغم قلة عددها تلعب دورا مهما بسبب اندفاعة عناصرها وخبرتهم التقنية. واذا كانت المجموعات الجهادية تضم بغالبيتها سوريين متطرفين، الا انه يوجد في صفوفها ايضا متطوعون اجانب تتزايد اعدادهم باستمرار ويتولون في غالب الاحيان تنفيذ العمليات النوعية ضد قوات الرئيس بشار الاسد. ويؤكد جمال الدين ابراهيم (35 عاما) وهو قائد كتيبة من الجيش السوري الحر في حلب "ان قوتهم تكمن في انهم لا يخافون الموت"، مضيفا "في احد الايام كنا نتعرض لنيران قناص، واقتحم احد المجاهدين المكان وصولا الى مدخل المبنى ودخل وقتله. لا يمكن لاي من رجالي ان يقوم بذلك. وقال +لقد اتيت هنا للموت+". والجهاديون الذين يعملون على هامش تحركات الجيش السوري الحر يقاتلون في مجموعات تحظى باستقلالية ولا تخضع الا لاوامر قادتها، يتعاونون في بعض الاحيان مع مقاتلي الجيش الحر، لكنهم يشنون ايضا عملياتهم الخاصة. ويضيف جمال ابراهيم "نتعاون جيدا"، موضحا "اذا لم يعد لدي ذخائر، سيعطونني اياها. لكن حين ينتهي الهجوم يعود كل منا الى قاعدته". وفي كل مناطق سيطرة الجيش السوري الحر، يتهرب الجهاديون من اي اتصال مع الصحافة ويسيطرون على اعلامهم عبر مواقع الانترنت التابعة للمتطرفين. وهم بغالبيتهم من قدامى المجاهدين ضد الولاياتالمتحدة في العراق او افغانستان، ويشتبهون بالصحافيين متخوفين من ان يكونوا جواسيس. وفي فيلا في اطمة قرب الحدود التركية يجوب حوالى عشرين جهاديا، بعضهم ذو ملامح غربية والاخرون سود، الحي على متن دراجات نارية صينية رفعت فوقها الاعلام السوداء التي كتب عليها "الشهادة" و"لا اله الا الله، ومحمد رسول الله". لكنهم يصوبون سلاحهم خلال اي مبادرة اتصال حتى بدون كاميرا او آلة تصوير. ويقول مهرب محلي انه ساعد في دخول "عشرات الجهاديين الاجانب" الى سوريا. وفي منزل كبير مجاور، جاء ابو سعيد وهو احد القادة المحليين لجماعة النصرة لينقل حوالى عشرة اجهزة لاسلكي من اصل من 120 قدمها ثري لبناني للثوار. وعند اول سؤال من صحافي يبتسم قائلا "يجب عدم الحديث عن النصرة، ذلك قد يكون خطيرا، حتى بالنسبة اليكم". وفي تقرير نشر في لندن اعتبرت مجموعة الابحاث كويليام ان "الغالبية الكبرى من المقاتلين في هذه الشبكات هم سوريون مع عدد مقاتلين اجانب يتراوح بين 1200 و1500". واعتبر التقرير ان "المجموعات الجهادية تلعب دورا مهما بشكل متزايد في البلاد"، مضيفا ان "فروع تموين هذه الجماعات بالاسلحة والمال وكذلك المكون الاتني-الديني للانتفاضة السورية سيجتذبان بالتأكيد نحوها عددا كبيرا من المقاتلين، بعضهم عناصر سابقين في الجيش السوري الحر وآخرون قدموا من الخارج". وخبراء المتفجرات الذين تلقوا تدريبا في العراق او افغانستان قدموا للثوار خبرة تقنية مهمة في صنع عبوات ناسفة او سيارات مفخخة وكذلك انتحاريين يشنون هجمات على المباني الرسمية للنظام. والاعتداء الذي استهدف الاربعاء مجمع الاركان العامة للقوات السورية في دمشق تبنته مجموعة جهادية تدعى "تجمع انصار الاسلام". وهناك مجموعات مثل النصرة تستخدم خطابا عنيفا ضد الغربيين على غرار القاعدة وتتوعد بعدم وقف القتال الا حين تعتمد الخلافة الاسلامية في كل المنطقة، الى حد ان بعض الخبراء يشتبهون بانهم صنيعة اجهزة الاستخبارات السورية. وفي صفوف الجيش السوري الحر، يقلل القادة من دور المجاهدين الاجانب واهميتهم مدركين بان ذلك يترك صورة سلبية. وقال العقيد من الثوار احمد الفج لوكالة فرانس برس "لو ساندتنا الدول الغربية منذ البداية، لما كنا وجدناهم هنا. لم نكن لنحتاج اليهم. وانا اؤكد لكم انه بعد النصر، لن يطرحوا اي مشكلة وسنهتم بامرهم. الشعب السوري لا يدعمهم، انه الى جانبنا". وهذا ما حصل في الاونة الاخيرة في باب الهوى، احد المراكز الحدودية مع تركيا. فقد كانت تسيطر عليه مجموعة جهادية بقيادة ابو محمد العبسي وقامت برفع العلم الاسود على المركز. وامرتها كتيبة "الفاروق" في الجيش السوري الحر بمغادرة المكان، لكنهم لم يمتثلوا لهذه الاوامر. وبعد ايام عثر على جثة ابو محمد في حفرة.