خصصت الصحف البريطانية الصادرة صباح الجمعة تغطيات واسعة للاحتجاجات المتواصلة التي تشهدها بعض العواصم العربية والإسلامية على فيلم براءة المسلمين المسيء للإسلام. أفردت صحيفة الفاينانشال تايمز تغطية واسعة للاحتجاجات التي شهدتها بعض العواصم العربية والإسلامية. تقول الصحيفة تحت عنوان الصراع يشكل اختبارا لمدى حسن نية واشنطن تجاه جماعة الإخوان المسلمين لمراسل الصحيفة في واشنطن جيفري داير إن جهود الإدارة الأمريكية بشأن بناء علاقات جيدة مع حكومة مصر التي تقودها جماعة الإخوان المسلمين تواجه أول اختبار حقيقي لها على ضوء الهجوم الذي تعرضت له السفارة الأمريكية في القاهرة. ومضت للقول إن رغم اتجاه الأنظار في البداية إلى موت السفير الأمريكي في بنغازي بليبيا، فإن المشكلة السياسية الكبرى هي تأثير الأحداث المتسمة بالفوضى في العلاقات بين واشنطنوالقاهرة. وترى الصحيفة أن العلاقات الثنائية بين الحكومتين ليست مصيرية فحسب بسبب الأهمية السياسية لمصر في منطقة الشرق الأوسط وإنما بسبب أن مصر أصبحت نموذجا لكيفية تعامل الولاياتالمتحدة مع الأحزاب السياسية الإسلامية المنتخبة بعد الربيع العربي. وأضافت الصحيفة أن الغضب الشعبي العارم في العالم الإسلامي احتجاجا على الفيلم الذي يكتنفه الغموض قد يعزز مطالب بعض الإسلاميين بشأن تشديد القيود على حرية التعبير في الدستور المصري المرتقب كما يقول نشطاء الحقوق المدنية وبعض الرموز الثقافية. وتذكر الصحفية أن المسؤولين الأمريكين وبعض المحللين يعتقدون أن التحفظ النسبي الذي أبداه مرسي في إدانة الهجوم على السفارة شجع المحتجين ويمكن أن يؤدي إلى مزيد من أعمال العنف المناهضة للولايات المتحدة. لكن المسؤولين يرون أن بهدف تشجيع العناصر الأكثر اعتدالا في حركة الإخوان المسلمين وضمان التأييد المتواصل لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، تحتاج الإدارة الأمريكية إلى بناء علاقة عمل قوية مع القاهرة. واختتمت الصحيفة قائلة إن رغم تأييد بعض قادة الكونغرس من أمثال السيناتور الجمهوري جون ماكين للانفتاح على حركة الإخوان، فإن حسن النية الذي تعامل به واشنطن الإخوان يظل متسما بالهشاشة ويمكن أن تتضرر بسبب أعمال العنف التي تطاول المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط. خصصت صحيفة الغارديان بدورها تغطيات واسعة لاحتجاجات القاهرة لكنها انفردت بتحليل لمحررها لشؤون الشرق الأوسط إيان بلاك ومساعدة صحفية مصرية من القاهرة، سارة السرجاني بعنوان مرسي يسعى لتهدئة الغضب الأمريكي بالتعهد بحماية السفارات الأجنبية . يذهب التحليل إلى أن الرئيس المصري، محمد مرسي، سعى لتقليل الأضرار التي لحقت بالعلاقات المصرية الأمريكية الحساسة من خلال التعهد بحماية السفارات الأجنبية في القاهرة عشية احتجاجات جديدة دعت إليها جماعة الإخوان المسلمين احتجاجا على فيلم مثير للجدل بشأن النبي محمد. ويضيف أن مرسي تعرض لانتقادات بسبب تحركه البطيء تجاه الهجوم على السفارة الأمريكية في القاهرة وبسبب طلبه من السفارة المصرية في واشنطن مقاضاة منتجي الفيلم في الولاياتالمتحدة قبل أن يعلق على الهجوم على السفارة في حد ذاته. وكانت الاشتباكات العنيفة في محيط السفارة تصاعدت يوم الأربعاء وفي وقت مبكر الخميس. وقال مرسي الخميس في خطاب موجه للشعب المصري أدعو الجميع أن يأخذوا في الاعتبار عدم انتهاك القوانين المصرية وعدم مهاجمة السفارات. أدين وأعارض كل من أهان نبينا. لكن من واجبنا حماية ضيوفنا وزوارنا الأجانب . ويرى التحليل أن رغم تركز أنظار العالم على الهجوم المميت الذي تعرضت له القنصلية الأمريكية في بنغازي بليبيا بسبب الفيلم، فإن العديد من المراقبين في القاهرة أبدوا قلقهم بشأن مستقبل العلاقات الأمريكية المصرية والتي تشهد مرحلة جديدة يكتنفها الغموض منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك وتنصيب مرسي الذي كان عضوا في جماعة الإخوان المسلمين بصفته أول رئيس مصري ينتخب بطريقة ديمقراطية. وأضافت الصحيفة في تحليلها أن القلق تصاعد بعدما قال الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، لا أظن أن بالإمكان اعتبارهم (المصريون) حلفاء لكننا لا نعتبرهم أعداء. إنهم شكلوا حكومة جديدة تحاول شق طريقها . وترى الصحيفة أن هذا التعليق يتسم بالفتور من قائد بلد يزود مصر بملياري دولار أمريكي سنويا، ومعظمها مساعدات عسكرية. وتابعت قائلة إن هناك محاولة لنزع فتيل التوتر مع الولاياتالمتحدة يتمثل في إعلان حزب النور السلفي عن انسحابه من المظاهرات المقررة الجمعة في حين قالت حركة الإخوان المسلمين إن أعضاءها سيقفون صامتين خارج المساجد ولن يتوجهوا إلى ميدان التحرير أو السفارة الأمريكية القريبة منه. وفي هذا السياق، انتقد الأمين العام للإخوان المسلمين، محمود حسين، مجموعات صغيرة هاجمت السفارة واستبدلت العلم الأمريكي بعلم أسود يشبه علم تنظيم القاعدة. وأضاف قائلا هذا عمل نحو 20 شخصا وليس مئات المحتجين. هذا دليل على أن بعض المجموعات في الولاياتالمتحدة ومصر ترغب في تخريب العلاقات الأمريكية المصرية . وفي الإطار ذاته، قال نائب جماعة الإخوان، خيرت الشاطر، على حساب الجماعة باللغة الإنجليزية في موقع تويتر أشعر بالسرور أن لا أحد من موظفي السفارة أصيب ، معربا عن أمله في أن تتحسن العلاقات الأمريكية المصرية وتجتاز العاصفة لكن موقع الجماعة العربي على تويتر وموقعها الرسمي على الإنترنت حملا عنوان المصريون انتفضوا للدفاع عن الرسول . واختتمت الصحيفة بالقول إن السفارة الأمريكية في القاهرة ردت على التغريدة الإنجليزية قائلة شكرا لك. لكن بالمناسبة هل تأكدت مما نشر في موقعكم باللغة العربية؟ آمل أن تعرفوا أننا نقرأه أيضا. أفردت صحيفة الإندبندنت بدورها في صفحاتها الأولى تغطية للهجوم على السفارات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط. تقول الصحيفة إن الهجوم على القنصلية الأمريكية في ليبيا ومقتل السفير الأمريكي وثلاثة من موظفي القنصلية من المرجح أن يكون نتيجة اختراق أمني خطير ومستمر. وتذهب الصحيفة إلى أن المسؤولين الأمريكيين يعتقدون أن الهجوم كان مدبرا رغم أن تفاصيل زيارة السفير الأمريكي إلى مقر القنصلية كان المفروض أن تبقى طي الكتمان. وتمضي الصحيفة قائلة إن الإدارة الأمريكية تواجه الآن أزمة في ليبيا إذ إن وثائق سرية اختفت من القنصلية في حين أن المنزل الآمن في بنغازي الذي آوى إليه موظفو القنصلية تعرض لهجوم بقذائف الهاون. كما أن الملاجئ الآخرى الذي يفترض أن يؤي إليها الموظفون الأمريكيون لم تعد آمنة . وذكرت الصحيفة أن بعض الوثائق التي ضاعت كانت تتضمن أسماء الليبيين المتعاونين مع السفارة الأمريكية، ما يعرض حياتهم للخطر في حين تتصل وثائق آخرى بعقود النفط. وقالت الصحيفة إن وزارة الخارجية الأمريكية حصلت على معلومات ذات مصداقية بشأن احتمال تعرض قنصليتها في بنغازي وسفارتها في القاهرة إلى الهجوم وذلك قبل 48 ساعة من هجوم المحتجين عليهما حسب مصادر دبلوماسية رفيعة.