شارك عشرات آلاف البحرينيين الجمعة في احتجاجات مناوئة للحكومة في أول تظاهرة مرخَّصة رسميا من قبل السلطات المختصة منذ يونيو/ حزيران الماضي، وقد رددوا هتافات تندد بالأسرة الحاكمة ورفعوا صور ناشطين معتقلين وطالبوا بإطلاق سراحهم. وقد جرت مظاهرة الجمعة تحت شعار الحرية والديمقراطية ونظمتها جماعات معارضة عدة تقودها جمعية الوفاق الوطني الإسلامية، أكبر الكتل المعارضة في البلاد. ولم تحدث اشتباكات خلال مسيرة يوم الجمعة التي امتدت لمسافة ثلاثة كيلومترات على طول الطريق السريع الواقع إلى الغرب من العاصمة المنامة. وقد حمل المحتجون الأعلام البحرينية ورفعوا صور الناشط الحقوقي وقائد الاحتجاجات نبيل رجب، داعين السلطات إلى الإفراج عنه وعن بقية المعتقلين السياسيين في المملكة. وكان قد حُكم على رجب قبل أسبوعين بالسجن ثلاث سنوات في ثلاث دعاوى بتهمة قيادة احتجاجات غير مرخص لها، وهو حكم استرعى انتقادات أمريكية للمنامة. وتطالب أحزاب المعارضة بإعطاء السلطة الكاملة للبرلمان المنتخب في التشريع وتشكيل الحكومة. وكانت وزارة الداخلية البحرينية قد حظرت في يونيو/ حزيران الماضي تنظيم المظاهرات والاحتجاجات بدعوى أنها تنتهي بأعمال عنف . وتعيش البحرين، التي تستضيف مقر الأسطول الخامس الأمريكي، أزمة منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية التي تقودها الأغلبية الشيعية قبل أكثر من 18 شهرا للمطالبة بالديمقراطية في المملكة التي تحكمها أسرة آل خليفة السنية. وترفض الحكومة حركة الاحتجاجات التي تستلهم انتفاضات الربيع العربي التي شهدتها دول أخرى في المنطقة، وتصفها بأنها احتجاجات طائفية ، وتعتبرها جزءا من محاولة إيرانية للهيمنة على المنطقة . إلا أن الشيعة في البحرين يرفضون مثل هذه الاتهامات وينفون أن تكون إيران طرفا في تأجيج الاحتجاجات في الجزيرة. وفي 22 من أغسطس/ آب الماضي رشق محتجون الشرطة بالقنابل الحارقة وبالحجارة خلال جنازة محتج مراهق قتلته الشرطة بالرصاص. ويشكو كثير من الشيعة التهميش السياسي والاقتصادي، الأمر الذي تنفيه الحكومة وتصر على أنها تعامل مواطنيها كافة على قدم المساواة. وقالت هيئة شؤون الإعلام البحرينية يوم الخميس الماضي إن نائب رئيس الوزراء البحريني التقى بأعضاء في جمعية الوفاق الوطني الإسلامية بناء على طلبهم. وردا على الاضطرابات زادت أسرة آل خليفة الحاكمة من سلطات البرلمان في الرقابة على الوزراء، وتقول إن الشرطة تخضع للمراجعة لتتوافق مع المعايير الدولية. وتضغط الولاياتالمتحدة على حكام البحرين ليحلوا الأزمة مع المعارضة من خلال الحوار، لكنها في الوقت نفسه تقدِّر علاقاتها بحكومة المنامة التي تسمح لأسطولها الحربي بإدارة عملياته من قاعدة في المنامة. وقد أصبحت البحرين ساحة للتنافس بين قوتين إقليميتين: إيران والسعودية. وكانت الرياض قد أرسلت العام الماضي قواتها في إطار قوة خليجية تابعة ل درع الجزيرة ، وذلك لمساندة الحكومة البحرينية، بينما تساند إيران قضية المعارضة في وقت تنفي فيه الاتهامات بتدبيرها الاضطرابات. وتعمل السفن الحربية الأمريكية على ضمان تدفق صادرات النفط الخليجية عبر مضيق هرمز الذي يمر من خلاله 40 في المئة من النفط المنقول بحرا في العالم. وقد هددت إيران مرارا بتعطيل الملاحة في الخليج عبر إغلاق المضيق المذكور، وذلك إذا تحول النزاع في شأن برنامج طهران النووي إلى صراع مسلح.