القاهرة (رويترز) - عبر باحثون وخبراء عن القلق على مستقبل حقوق الانسان في مصر وسط حالة الشد والجذب بين الجيش والاسلاميين بعد تولي رئيس اسلامي قيادة البلاد لأول مرة لكنهم قالوا ان انتفاض المصريين على الظلم يعني انه لم يعد لديهم استعداد لتقبل الانتهاكات. وتسلم محمد مرسي الرئيس السابق لحزب الحربة والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين يوم السبت الماضي السلطة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي أدار شؤون البلاد منذ إسقاط الرئيس السابق حسني مبارك في انتفاضة شعبية مطلع العام الماضي. وفي أول خطاب للامة بعد اعلان نتيجة الجولة الثانية للانتخابات الاسبوع الماضي تعهد مرسي بالعمل لتكون "منظومة القيم المصرية وهويتها الحضارية إضافة إلى القيم الإنسانية خصوصا في مجال الحريات واحترام حقوق الإنسان والمحافظة على حقوق المرأة والأسرة والطفل وإلغاء كل أشكال التمييز." لكن اريك تراجر الباحث في برنامج السياسة العربية بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى قال في مناظرة بالقاهرة مساء الأحد ان "مصر تواجه وضعا صعبا.. فمن ناحية كان المجلس العسكري مستبدا للغاية وعلى الجانب الاخر جماعة الاخوان المسلمين دينية للغاية." واستبق المجلس العسكري اعلان نتيجة الانتخابات باصدار قرارات قلصت سلطات منصب الرئيس وفتحت الباب امام تدخل المجلس في كتابة الدستور الجديد للبلاد. وقال تراجر في المناظرة التي عقدت بمركز الازهر للمؤتمرات "حاكم المجلس العسكري أكثر من عشرة آلاف مدني في محاكمات عسكرية (منذ الانتفاضة ضد مبارك) بينما ترى جماعة الاخوان في نفسها الحزب الحاكم المقبل وهذا ما يجعل الناس تشعر بالقلق." وقالت هبة مرايف الباحثة في شؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا بمنظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان "نحتاج لمعرفة نتيجة المفاوضات بين الاخوان المسلمين والمجلس العسكري... علينا الانتظار لنرى تشكيلة الحكومة لانها لو كانت تضم بعض الشخصيات المستقلة ستكون قادرة على كسب ثقة الناس ومن ثم اصلاح ملف حقوق الإنسان وغيرها من الملفات الهامة." لكن مرايف قالت "التخوفات من الاخوان ليست القضية الاكبر لكن المهم صلاحيات الرئيس وتشكيلة مجلس الوزراء. وعلى هذا الاساس يمكننا ان نحكم على الملفات التي لها اولويات مثل ملف التعذيب لكن اذا ابقى (الرئيس) على وزير الداخلية الحالي فلن نرى أي تقدم في الفترة المقبلة." وردا على مرايف قال نادر عمران عضو لجنة الاتصال السياسي بحزب الحرية والعدالة "حقوق الإنسان لا يمكن أن يضمنها سوى القانون. لابد ان يتضمن الدستور حقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الطفل... لا بد من سن قوانين تكفل حقوق الإنسان وتجرم التعذيب وتتيح لمنظمات المجتمع المدني امكانية التفتيش على السجون واقسام الشرطة." وقال عمران "برنامجنا المقبل سيشمل تقنينا لوضع المنظمات الأهلية مما يعطيها مساحة أكبر للعمل وقوة أكثر." وأضاف "إبعاد ذلك عن الرئاسة امر صحي فلا يجب ان نعول على الرئيس علينا ان نعول على سيادة القانون... حقوق الإنسان متفق عليها لا تحتاج إلى رئيس معين... نريد دولة القانون." ووافقه في الرأي الناشر المستقل هشام قاسم وعبر عن ثقته في قدرة المواطنين والمجتمع المدني على ردع الانتهاكات لحقوق الانسان. وقال "لا بد ان يتغير النهج. بغض النظر من اصبح الرئيس فلا يمكننا الاعتماد على شخص واحد من أجل الارتقاء بحقوق الإنسان. "قمنا بثورة ومن الآن فصاعدا علينا الا نعتمد على ذلك أو نسمح بذلك. يتعين على جماعات حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني والنشطاء التأكد من ان الأمر لا يتوقف فقط على الرئيس." عقدت المناظرة ضمن سلسلة (حوارات العرب الجديدة) التي يديرها تيم سيباستيان المراسل السابق لتلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) تحت رعاية برنامج شراكة تابع لوزارة الخارجية البريطانية والوكالة السويدية للتعاون الدولي بهدف تشجيع الشباب على المشاركة في تطوير الحياة السياسية في بلدانهم من خلال التحاور. وقالت الناشطة سالي ذهني التي تعمل بهيئة الأممالمتحدة للمرأة "ما يشعرنا بالقلق على حقوق الإنسان اننا لم نسمع أي بيان من حزب الحرية والعدالة يدعم حقوق الإنسان في الفترة الماضية." وخالفتها مرايف قائلة "الهجوم غير المبرر على الاخوان غير بناء. نريد نقدا سياسيا بناء. وعلى المجتمع المدني والاحزاب الليبرالية الضغط من أجل ملفات حقوق الإنسان. كثير من تصريحات مرسي مشجعة جدا وهذا يعكس تغييرا في السياسة العامة ومحاولة حقيقية لبناء تحالف مع الاحزاب اللييبرالية الاخرى." لكنها قالت "الاخوان حزب محافظ وليس متشددا لكن على يمينه السلفيين وعلى يساره الليبراليين والاختيار الآن من الأهم ... هل (تدعم) الشرعية الثورية من ناحية الليبراليين في ملفات الحريات؟ أم سيضطرون إلى اعطاء مساحة أكبر للسلفيين وتكون كلها متعلقة بتطبيق الشريعة؟ علينا الانتظار لنرى ما تحمله الايام المقبلة." وقال تراجر من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى "الأمل الحقيقي في المصريين انفسهم فقد اظهروا خلال العام الماضي انه في حالة وقوع ظلم عليهم فانهم ينتفضون لمواجهة هذا الظلم."