اكرا (رويترز) - عندما أتيحت فرصة لأودي انتوي اجيي لكي يدخل لقاحات لمنع موت الأطفال من الإسهال في غانا أو لقاحات لمنع وفاتهم بسبب الالتهاب الرئوي فإنه فعل ما لم يفعله مسؤول عن التحصين في افريقيا قط.. قال إنه سيسير في الاتجاهين معا في ذات الوقت. ومستلزمات مثل هذه الخطة هائلة حتى في بلد صغير نسبيا يبلغ عدد سكانه 24 مليون نسمة. ومجرد حفظ حرارة مخزونات اللقاحات بمبردات أمر صعب للغاية في بلد مناخه مداري حيث يصل متوسط درجة الحرارة نهارا 30 درجة مئوية كما أن إمدادات الكهرباء في المناطق الريفية لا يمكن التعويل عليها. وبعد ذلك هناك برامج التدريب لعشرات الآلاف من العاملين في الرعاية الصحية وكذلك حملات التوعية الشاملة للوصول إلى مراكز في القرى وتحديث وإعادة إصدار ملايين من بطاقات السجلات الصحية للأطفال. لكن بينما كان يواجه مدير برنامج غانا الموسع للتحصين معدلات وفيات مرتفعة بين الاطفال يقول انتوي اجيي إنه لم يكن لديه وقت للفشل. وقال لرويترز "نظرنا إلى معدل الوفاة ورأينا أن بعضا من أعلى حالات الوفاة لدينا تسببها أمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات. الالتهاب الرئوي والإسهال يقتلان أطفالنا. "ذلك يتطلب عملا غير عادي. العمل العادي غير كاف. نحتاج للقيام بالأعمال بشكل مختلف." وفي عام 2008 وهو العام الأخير الذي أتيحت له بيانات كاملة توفي اكثر من 54 ألف طفل غاني قبل بلوغ عامهم الخامس. ويقول مسؤولون في الصحة العامة إن 20 في المئة من الوفيات نتيجة الالتهاب الرئوي والإسهال. لذلك ففي هذا العام ومنذ الأسبوع الماضي بدأت غانا تحصن أول دفعة من الرضع في حملة جديدة للوقاية من فيروس الروتا الذي يسبب الإسهال الحاد ومرض التكور الرئوي الذي يسبب الالتهاب الرئوي والتهاب السحايا وتعفن الدم. وتمول بصورة كبيرة اللقاحات سواء لفيروس الروتا او لمرض التكور الرئوي من جانب التحالف العالمي للقاحات والتحصين وهو مجموعة مدعومة من الجهات المانحة تمول برامج التلقيح للدول الفقيرة التي لا يمكنها دفع مقابل الأسعار المرتفعة. ودفعت ايما اجبيسي أغلى ثمن على الإطلاق وهو طفلها. تصف الأم التي تبلغ من العمر 25 عاما ابنها الثاني الذي توفي قبل عامين بعد عجزه عن مقاومة مرض الالتهاب الرئوي إنه كان طفلا "جميلا وممتلأ." كان إيزاك عمره خمسة أشهر عندما أصبح مريضا جدا. وتتذكر قائلة "أصيب بالحمى ولم يتمكن من التنفس بشكل سليم. كان هناك صوت مرتفع جدا عندما كان يتنفس.. وكان قصير وسريع." ومع ارتفاع حرارة ايزاك ومعاناة رئتيه طلب العاملون في مركز محلي للرعاية الصحية من والدته أن تنقله إلى مستشفى على بعد 45 دقيقة. بذل الاطباء هناك قصارى جهدهم لكن بعد فوات الأوان. وقالت الأم "عندما مات كان الأمر مؤلما للغاية. والألم كان شديدا. كان طفلا جميلا." وفي مستشفى الأميرة ماري لويز للأطفال في أكرا يقول أطباء إن مثل هذه القصص المفجعة شائعة. وقال اريك سيفا وهو مشرف طبي في مستشفى يضم 74 سريرا "في الشهر الماضي وفي غرفة الطوارئ كان 75 في المئة من أسباب الوفاة من أمراض الإسهال وأمراض التنفس مثل الالتهاب الرئوي... خلال شهر واحد ربما كان هناك 30 حالة وفاة نتيجة الإسهال وحالة واحدة على الأقل يوميا بسبب الالتهاب الرئوي." لذلك ليس هناك شك يذكر في السبب الذي جعل انتوي اجيي يختار محاربة المرضين معا. ويسبب فيروس الروتا التهاب المعدة والأمعاء ويمكن أن يؤدي إلى جفاف شديد ووفاة الأطفال الاكثر عرضة للإصابة وعمرهم بين ستة أشهر وعامين. ويتكلف علاج الإسهال الذي يسببه فيروس الروتا بين أطفال غانا ما يقدر بنحو 3.2 مليون دولار سنويا لكن دراسة أجريت مؤخرا أظهرت أن تحصين الأطفال ضد فيروس الروتا وهم أقل من خمس سنوات سيكون فعالا من حيث التكلفة حيث سيوفر مبلغ 1.7 مليون دولار شهريا من تكاليف العلاج وينقذ أرواح 1554 طفلا سنويا. وبالنسبة لأمهات مثل ابيجيل كوكوتي سيحدث مثل هذا البرنامج اختلافا كبيرا في حياتها. فهي تعمل في السوق قرب قريتها بمنطقة دودوي القريبة من اكرا وتعلم أنه عندما يمرض أبناؤها لا يمكنها الذهاب للعمل مما يجعل من الصعب عليها بدرجة أكبر توفير الأدوية التي يحتاجونها. وأحدث أبنائها هو جوناثان وعمره عشرة أسابيع وأصبح لتوه أحد أول الرضع في البلاد الذين يجري تحصينهم بشكل كامل من التكور الرئوي وفيروس الروتا إلى جانب التحصين المعتاد مثل اللقاح الخماسي وشلل الأطفال والحمى الصفراء وهي مدرجة بالفعل في برنامج تحصين الأطفال في غانا. وتضحك ابيجيل قائلة "الآن أعلم أنه سينمو ليصبح كبيرا وقويا. سيكون صحيح البدن وسيتعلم جيدا في المدرسة. ربما يصبح سياسيا أو ربما زعيما في المستقبل." (إعداد دينا عفيفي للنشرة العربية - تحرير محمد محمدين)