توجه الروس الاحد الى صناديق الاقتراع في اطار الانتخابات الرئاسية التي يسعى من خلالها رئيس الوزراء الحالي فلاديمير بوتين للعودة الى الكرملين في اجواء معارضة لنظامه غير مسبوقة منذ وصوله الى الحكم قبل نحو عشر سنوات. ودعي حوالى 109 ملايين ناخب الى الادلاء باصواتهم منذ الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي في سائر ارجاء روسيا التي تعد اكبر بلد في العالم يمتد على تسع مناطق زمنية. ونظرا الى التفاوت الزمني بين مناطقها فقد بدأ التصويت في اقصى الشرق الروسي عند الساعة 20,00 ت غ السبت بينما فتحت مراكز الاقتراع الاحد عند الساعة الرابعة بتوقيت غرينتش في موسكو على ان تقفل مع اغلاق مكاتب الاقتراع في كالينينغراد عند الساعة 20,00 بالتوقيت المحلي (17,00 ت غ) في اقصى الغرب الروسي. وفي موسكو بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات عند الظهر (8,00 ت غ) 30%. وادلى فلايمير بوتين المرجح فوزه في الانتخابات بحسب استطلاعات الراي الاخيرة بصوته في العاصمة الروسية مع زوجته ليودميلا التي نادرا ما تظهر في العلن. وقال رجل روسيا القوي الذي يسعى للعودة الى الرئاسة التي اضطر للتخلي عنها في 2008 ليصبح رئيسا للوزراء لعدم استطاعته البقاء لولاية ثالثة متتالية، "نمت جيدا واديت التمارين الرياضية ثم جئت لادلي بصوتي". واضاف "آمل ان تكون نسبة المشاركة مرتفعة (...) وانا واثق من ان الناس سيبرهنون على حس المسؤولية لديهم". واضاف "آمل بمشاركة كبيرة (...) اني متأكد من ان الناس ستحلون بروح المسؤولية". ويواجه بوتين اربعة مرشحين اخرين هم الشيوعي غينادي زيوغانوف (15 الى 20% من نوايا التصويت بحسب استطلاعات الرأي) والشعبوي فلاديمير جيرينوفسكي والملياردير ميخائيل بروخوروف الذي دخل حديثا الى المعترك السياسي والوسطي سيرغي ميرنوف. لكن جميعهم حرص على عدم مهاجمة رجل الاستخبارات السوفياتية السابق مباشرة، كما لم يسمح لاي عضو في المعارضة الراديكالية بالترشح. وتحدثت احزاب سياسية معارضة ومنظمة غولوس غير حكومية لمراقبة الانتخابات ووسائل اعلامية مستقلة الاحد عن عمليات تزوير اثناء الاقتراع. وقال الحزب الديموقراطي يابلوكو الذي نشر عددا من المراقبين في مختلف انحاء روسيا، على موقعه الالكتروني ان "الاشخاص انفسهم يصوتون في المركزين رقم 2164 و2166 في موسكو". واضاف انه "في المكتب 155 في فلاديفوستوك اكتشف ناخبون (عند وصولهم) انهم صوتوا قبل وصولهم". وكانت السلطات رفضت ترشيح غريغوري يافلينسكي عن الحزب بسبب مخالفته في جمع توقيع مليوني دعم. وتحدث الحزب الشيوعي ايضا عن عمليات تزوير بالجملة قال مراقبوه انها وقعت في مركز للاقتراع في كيروف (شرق موسكو). اما المنظمة غير الحكومية غولوس التي تعمل بتمويلات اجنبية وترصد عمليات التزوير عبر موقعها على الانترنت بالتعاون مع النسخة الروسية من المجلة الاميركية فوربس، فقد تحدثت عن مئات من عمليات التزوير. من جانب اخر افاد مراسلو وكالة فرانس برس ان الكاميرات الالكترونية التي نصبت في كل مكتب اقتراع في روسيا ووعد بوتين بانها ستتيح التحقق من حسن سير الانتخابات، لم تكن تعمل جيدا الاحد. وكان يفترض ان يبث الموقع الرسمي لمراقبة الانتخابات على الانترنت صورا مباشرة تصل من 180 الف كاميرا الكترونية نصبت في 90 الف مكتب اقتراع، وان يمكن لكل من سجل اسمه مسبقا ان يتمكن من الاطلاع عليه ما يتيح نظريا مراقبة الاقتراع في كل مكتب تصويت. وفي اربع مكاتب اقتراع في محج قلعة وداغستان (القوقاز الروسي) حيث تابع مراسل وكالة فرانس برس صباح الاحد عمليات التصويت عبر الكاميرات الالكترونية فان نوعية البث لم تكن جيدة لكي يمكن الحديث عن احتمال فعلي بمراقبة الانتخابات عن بعد، حيث لم يتسن رؤية صندوق الاقتراع فيما الصورة تتوقف لعدة دقائق وتختفي مع صعوبات في فتح الانترنت. وذكر الموقع الالكتروني لصحيفة غازيتا من جهته ان نحو مئة حافلة تنقل خمسة الاف شاب من مختلف المناطق وصلت صباحا الى موسكو. والركاب يصوتون بحسب الموقع نفسه في العاصمة الروسية بموجب خصوصية التشريع الانتخابي الذي يسمح لشخص بالتصويت في مكتب اخر غير مكتبه. وترى المعارضة ان هذا القانون يسهل التصويت المتعدد. وبحسب غولوس فان الحملة الانتخابية لبوتين تميزت باستخدام كثيف لموارد الدولة لمصلحة الرجل القوي في البلاد، وبضغوط وعمليات تخويف خصوصا حيال المعارضة ووسائل الاعلام المستقلة. لكن التصويت يجري في هدوء واعلنت وزارة الداخلية انه لم يسجل اي حادث ملفت. وفي فلاديفوستوك (اقصى الشرق الروسي) اكدت المدرسة زينايدا بيكوفا (73 عاما) انها صوتت مع فلاديمير بوتين. وقالت "ان المرشحين الاخرين لا يعجبونني وبوتين اعرف ما فعل". وفي موسكو حيث تحظى المعارضة بدعم اكبر انتقدت سفلتانا كاتشاييفا (70 عاما) ببوتين وقالت "لم ار اي شيء جيد مع بوتين، واي تغيير نحو الافضل. كل شيء دمر". وقد تراجعت شعبية الرجل السابق في اجهزة الاستخبارات السوفياتية (كي جي بي) لكنه ما زال يحظى بنحو 60% بحسب استطلاعات الرأي الاخيرة. ويتوقع ان يفوز من الدورة الاولى على غرار ما حصل لدى انتخابه رئيسا في 2000 و2004. وكان بوتين ترك الرئاسة لديمتري مدفيديف في 2008 بسبب عدم تمكنه من تولي ولاية ثالثة على التوالي. لكنه بقي الرجل القوي في البلاد على رأس الحكومة. وقد تراجع مدفيديف عن الترشح الى الانتخابات الرئاسية تاركا المجال لعودة راعيه الى الكرملين لولاية او ولايتين من ست سنوات بدلا من اربع اثر تعديل دستوري مدد الولاية الرئاسية لسنتين، مما قد يبقيه نظريا في الحكم حتى العام 2024. وكانت الشهادات واشرطة الفيديو التي نشرت على الانترنت عن حشو صناديق وعمليات تزوير اخرى مفترضة اسهمت في تصاعد موجة الاحتجاجات غير المسبوقة التي يواجهها النظام الروسي منذ ثلاثة اشهر. وقد رفضت السلطات الروسية مسبقا اي اتهامات بالتزوير. وواجه بوتين هذه الاحتجاجات بلهجة شديدة تارة والمرونة تارة اخرى، متهما المعارضة والمراقبين بخدمة مصالح الخارج حينا واعلانه نصب كاميرات في كل مركز اقتراع تمكن من مراقبة عمليات التصويت على الانترنت. وبحسب السلطات نصبت 180 الف كاميرا في غضون اسابيع تنقل مباشرة سير عمليات الاقتراع. لكن بعثة منظمة الامن والتعاون في اوروبا لمراقبة الانتخابات في روسيا شككت في فاعلية مثل هذه المبادرة. واعلنت سلطات الشرطة تعبئة اكثر من ستة الاف شرطي اضافي في موسكو. وقال قائد شرطة موسكو فلاديمير كولوكولتسيف كما نقلت عنه انترفاكس "لا انصح احدا بان يختبر صلابة قوات الامن في موسكو. اننا نحشد تعزيزات والسبب لقيامنا بذلك واضح. اننا جاهزون لضمان الامن". واكد ان الشرطة رصدت على الانترنت دعوة "للتسلح بقضبان حديد ومقابض معاول واشياء اخرى مشابهة". وقد جمعت تظاهرات منذ كانون الاول/ديسمبر الماضي عشرات الاف الاشخاص في العاصمة، والافا اخرى في المدن الروسية الاخرى تحت شعار "روسيا بدون بوتين". الى ذلك دعت المنظمات المؤيدة للحكومة من جهتها الى تجمع ضخم قرب الكرملين للاحتفال بفوز مرشحهم مساء اليوم الاحد. ويجري التحضير على قدم وساق لاقامة منصة مع شاشات عملاقة ومكبرات للصوت بعد ظهر الاحد في احدى الساحات القريبة من الكرملين وسط مئات من عناصر الشرطة كما افاد احد مراسلي فرانس برس. اما المعارضون فقرروا الخروج الى الشارع مساء الاثنين للمطالبة ب"انتخابات نزيهة" وب"روسيا بدون بوتين".