تسعى الولاياتالمتحدة والصين لاحلال الظروف الملائمة لجعل العلاقة بينهما اكثر سلاسة من خلال زيارة نائب الرئيس الصيني شي جينبينغ المرشح لتولي الرئاسة لواشنطن، غير ان ايا من الطرفين لا تساوره اوهام بشان امكانية حل الخلافات العميقة القائمة بينهما. وشي جينبينغ الذي يرجح ان يكون الرئيس المقبل لثاني قوة اقتصادية في العالم حتى العام 2023، سيلقى الاستقبال المخصص لرؤساء الدول وسيستقبله الرئيس باراك اوباما في البيت الابيض. وفي محاولة لاظهار صورة اكثر ليونة سواء في الصين او في الخارج، سيقوم شي بجولة على ولاية ايوا حيث يلتقي رفاقا له عرفهم خلال رحلة قام بها الى الولاياتالمتحدة في شبابه عام 1985، كما سيزور لوس انجليس حيث يلتقي شبانا اميركيين يتعلمون اللغة الصينية. ومع دخول الصين مرحلة انتقالية واقتراب الانتخابات الرئاسية في الولاياتالمتحدة في تشرين الثاني/يناير، قال مسؤولون في البيت الابيض انه من غير المرجح صدور اعلانات وقرارات هامة، متوقعين ان يتم التعبير عن المخاوف الاميركية التقليدية حيال مجموعة من المسائل. وقال بن رودز مستشار البيت الابيض لشؤون الامن القومي "انه استثمار في عملية بناء العلاقة، ولو انه يشكل فرصة لمواصلة الضغط حول مسائل مدرجة على جدول اعمالنا مع الصينيين". ويندد السياسيون الاميركيون باستمرار بسعر صرف العملة الصينية متهمين بكين بابقائه ادنى من قيمتها الفعلية لتحفيز الصادرات، كما يتهمون الصين بالتساهل في مسالة حماية الملكية الفكرية. كما تبدي الولاياتالمتحدة قلقها حيال مسالة حقوق الانسان منددة باعتقال عدد متزايد من المعارضين وبقمع المطالبات في مناطق التيبت. كما استنكرت الفيتو الذي فرضته الصين وروسيا على قرار في مجلس الامن كان الهدف منه زيادة الضغط على الرئيس السوري بشار الاسد لوضع حد لتصاعد العنف في هذا البلد حيث يواجه النظام حركة احتجاجية يقابلها بالقمع. غير ان ادارة اوباما اعطت الاولوية لتواصل مع شي على امل بناء علاقات اكثر تعاونا في المستقبل بين البلدين. وقام نائب الرئيس الاميركي جو بايدن بجولة على الصين في اب/اغسطس قضى خلالها ما مجموعه عشر ساعات مع شي. وقال داني راسل كبير مستشاري اوباما في شؤون اسيا "في اسيا عموما وفي الصين تحديدا، العلاقات لها اهمية ومن المهم بشكل خاص اقامة علاقات على مستوى رفيع". وتابع "ذلك يتيح لنا التطلع الى تقليص سوء التفاهم، كما يساعدنا على بناء الثقة وتفادي المفاجآت من الجانبين". ويبدي القادة الصينيون ريبة عميقة حيال نوايا الولاياتالمتحدة. وعلى الرغم من الضغوط التي يواجهها اوباما في الداخل بشان الميزانية، فقد حدد اولوية لنفسه تعزيز القوة العسكرية الاميركية في اسيا وهو يخطط لتعزيز الوجود العسكري الاميركي في الفيليبين واستراليا وسط الاتهامات الموجهة الى الصين باعتماد موقف اكثر عدائية حيال جيرانها. وفي خطاب القاه اخيرا حذر نائب وزير الخارجية الصيني كوي تيانكاي من "نقص في الثقة" بين البلدين داعيا الطرفين الى "معالجة (الامر) بجدية". وحذرت نينا هاشيغيان الباحثة في مركز التقدم الاميركي القريب من اليسار من الدخول في "ديناميكية خطيرة" حيث يعتبر الاميركيون الصين بمثابة تهديد في ظل الصعوبات الاقتصادية التي يواجهونها، ما يثير بدوره مخاوف لدى الصينيين من ان تحاول الولاياتالمتحدة احتواء هذا التهديد. وقالت هاشيغيان ان امام القادة الاميركيين فرصة ليثبتوا لشي ان الولاياتالمتحدة ترحب بصين مزدهرة، في وقت يضغطون على هذا البلد لحضه على الامتثال ل"القوانين والتنظيمات الدولية". واضافت "ان لم نكن نثق في نوايا بعضنا البعض (وهي الحال راهنا) فان هذا التواصل والتفاهم الشخصي يمكن ان يحد من ريبتنا الى حد ما". وبالرغم من التركيز على شخص شي، فان العديد من المسؤولين والخبراء يرون ان نظام الصين مغلق بشكل لا يسمح بمعرفة ما اذا كان سيسعى لاجراء تغييرات بعدما يخلف الرئيس هو جينتاو، او ان كان حتى قادرا على ذلك. وقال باري سوتمان الاستاذ في جامعة هونغ كونغ للعلوم والتكنولوجيا ان سجل شي يشير الى انه من غير المرجح ان "يبتعد بشكل واضح عن العقلية السياسية السائدة حاليا لدى القادة الصينيين". وقال ديريك سيزورز الباحث في معهد هيريتاج المحافظ في واشنطن ان مدى النفوذ الذي سيمارسه شي على اللجنة الدائمة في الجمعية الوطنية الشعبية المولجة عملية اتخاذ القرارات امر غير واضح. ولفت سيزورز الى ان الصين تدار من خلال تفاهم زعامات اعلى الهرم وفي هذا السياق يفتقر شي الى مكانة هو الذي ارتقى سلم السلطة بمباركة دينغ هسياو بينغ الزعيم التحديثي الراحل. وقال سيزورز معلقا على زيارة شي "انها اشبه بالتامين. فان تبين انه مهم، سيكون من الجيد بناء علاقة معه، وهو شيء لا ضرر فيه. لكن شخصية الفرد تبقى ثانوية بالنسبة لموقعه في صفوف الحزب".