استمر التهافت على محطات الوقود في مصر الثلاثاء لليوم الثالث على التوالي على خلفية مخاوف من ازمة ومن ارتفاع الاسعار على الرغم من النفي المتكرر للحكومة وتأكيداتها بانه ليس هناك اي نقص في الكميات المعروضة في السوق. وازاء تدفق السيارات الكبير على محطات الوقود كانت العديد منها في القاهرة وفي معظم محافظات البلاد تضع لافتة "لا يوجد وقود". وتشكلت طوابير طويلة امام محطات الوقود التي مازال لديها مخزون لبيعه. وقال محمد حسين وهو سائق تاكسي انه اضطر ان ينتظر ساعة في طابور امام احدى المحطات لكي يتمكن من التزود بالوقود. واضاف انه "مر على عشر محطات قبل ان يجد واحدة مازال الوقود متوفرا فيها". وقالت السلطات مجددا ان هذا الوضع ناجم عن انتشار شائعات يستفيد منها مضاربون لاعادة بيع الوقود في السوق السوداء. واكدت وزيرة التعاون الدولي فايزة ابو النجا ان "ما يحدث هو أزمة مفتعلة وراءها شائعات من بعض أصحاب المصالح الذين يرغبون فى تحقيق أرباح من وراء شائعة اختفاء البنزين". وقالت بعض الصحف ان الازمة ناتجة عن قيام بعض المهربين بشراء الوقود المدعوم من الحكومة لاعادة بيعه باسعار اعلى في الخارج. ونفى مسؤولون حكوميون ان يكون صندوق النقد الدولي اشترط رفع الدعم عن الوقود وبالتالي رفع اسعاره لمنح مصر قرضا قيمته 3,2 مليارات دولار يجري التفاوض حوله الان بين الحكومة المصرية والصندوق. وقالت ابو النجا ان "هناك شائعات تواكبت مع زيارة بعثة صندوق النقد الدولي لمصر وما هو معروف تقليديا بأن الصندوق يطلب رفع أسعار الطاقة وبعض الشروط الأخرى في مفاوضاته". واضافت ان "فرض الشروط لم يعد أسلوب صندوق النقد الدولي في مفاوضاته مع الدول". ويباع الوقود المدعوم في السوق المصرية بقرابة نصف سعره الحقيقي وتتحمل الحكومة فارق السعر. وبدأ المستهلكون في التزاجم عل محطات الوقود الاحد مع انتشار شائعات عن رفع اسعاره. وقالت وزارة البترول في بيان اصدرته "ان الحكومة ليس لديها نية لرفع أسعار البنزين وأن شركات تسويق المنتجات النفطية بدأت في زيادة امدادات البنزين التي يتم طرحها في المحطات والمستودعات يوميا أعلى بنسبة 33 % من كميات المعتادة". وكان وكيل وزارة البترول محمود نظيم قال الاثنين ان "غالبية احتياجات مصر من البنزين يتم انتاجها من خلال معامل التكرير المصرية وان حجم الاستيراد لا يزيد عن 10 فى المائة من تلك الاحتياجات" مؤكدا ان "جميع وحدات انتاج البنزين تعمل بطاقتها الكاملة". ويساهم دعم الوقود في زيادة عجز الموازنة العامة المصرية الذي يتفاقم منذ اسقاط الرئيس السابق حسني مبارك في 11 شباط/فبراير الماضي. ويقول الخبراء، ان العجز في موازنة الدولة ربما يتجاوز تقديرات الحكومة والتي تصل الى 24 مليار دولار. وتعتقد الخبيرة الاقتصادية زينب عبد الرحمن ان "عجز الموازنة هذا العام قد يصل الى 180 مليار جنيه (30 مليون دولار)". وتأتي مشكلة الوقود وسط مناخ من القلق المتزايد ازاء وضع الاقتصاد المصري بشكل عام الذي يعاني من تراجع بنسبة 30% في عائدات السياحة مقارنة بالعام الماضي ومن تراجع حجم الاستثمارات الاجنبية. وانخفض الاحتياطي المصري بمقدار النصف اذ تراجع من 36 مليار دولار في كانون الثاني/يناير 2010 الى 18 مليار دولار مطلع العام الجاري. ولكن قناة السويس حققت لمصر دخلا قدره 5,2 مليارات دولار خلال العام الماضي اي بزيادة نصف مليار دولار عن العام السابق. ويأمل المسؤولون المصريون في تحسن الاقتصاد وان تساهم الانتخابات البرلمانية ثم الرئاسية في تحقيق استقرار سياسي وامني يؤدي الى تحسن الاقتصاد خلال الشهور المقبلة.