طرابلس (رويترز) - قال مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا بعد اندلاع أعمال عنف في العاصمة طرابلس ان البلاد تواجه خطر الانزلاق الى حرب أهلية ما لم تتم السيطرة على الميليشيات المتناحرة التي ملأت الفراغ الذي خلفه سقوط معمر القذافي. ووجه عبد الجليل التحذير الشديد بعد معركة بالاسلحة النارية بين ميليشيات في أحد أشد شوارع طرابلس ازدحاما أسفرت عن مقتل أربعة مسلحين. وبعد اكثر من شهرين على اعتقال القذافي وقتله ما زال المجلس الوطني الانتقالي يسعى جاهدا لبسط السيطرة على زعماء الميليشيات المتناحرة الذين يرفضون التنازل عن السيطرة على مقاتليهم وتسليم أسلحتهم. وقال عبد الجليل في تجمع بمدينة بنغازي في شرق البلاد في وقت متأخر أمس الثلاثاء ان هناك خيارين كلاهما مر. ومضى يقول ان الخيارين هما اما التعامل مع تلك الاشتباكات بحزم ووضع الليبيين في مواجهة عسكرية وهو أمر غير مقبول أو الانقسام فتقوم حرب أهلية. وتابع أنه في حالة عدم توفر الامن لن يسود القانون ولن تحدث تنمية ولن تجرى انتخابات. وأضاف أن الناس يأخذون حقوقهم بأيديهم. وقادت الميليشيات التي تشكلت من البلدات المختلفة ومن مختلف المعسكرات الايديولوجية الانتفاضة التي استمرت تسعة أشهر بدعم من غارات جوية لحلف شمال الاطلسي لانهاء حكم القذافي الذي استمر 42 عاما. لكنها في الوقت الحالي مترددة في القاء السلاح وتسريح مقاتليها. وتتنافس الميليشيات على النفوذ في ليبيا الجديدة وتعتقد أنها حتى تحصل على نصيبها من السلطة السياسية عليها أن تحتفظ بوجود مسلح في العاصمة. وبدأ المجلس الوطني الانتقالي خطوات لتشكيل جيش كامل وقوة شرطة لتولي المهمة الامنية من الميليشيات. لكن عبد الجليل أقر بأن التقدم بطئ للغاية. وقال ان الامن منعدم لان المقاتلين لم يسلموا أسلحتهم على الرغم من الفرص التي أتيحت لهم من خلال المجالس المحلية. ومضى يقول ان الاستجابة ضعيفة حتى الان وان المقاتلين ما زالوا يتمسكون بأسلحتهم. وطرابلس مقسمة حاليا الى ما يشبه إقطاعيات متفرقة تسيطر على كل منها ميليشيا مختلفة ونادرا ما تشاهد الشرطة عدا شرطة المرور ولا يوجد أثر للجيش الوطني المشكل حديثا. ورغم أن وجودها في الشوارع انخفض كثيرا قرب نهاية الشهر الماضي ما زالت الميليشيات تسيطر على مجمعات أمنية كانت تستخدمها في السابق قوات القذافي. ويزيد وجودها في شوارع طرابلس ليلا. ويوجد في طرابلس مجموعتان رئيسيتان من المقاتلين من أبناء المدينة يقود احداهما عبد الحكيم بلحاج وهو اسلامي قضى بعض الوقت في معسكرات طالبان في افغانستان ويدير حاليا الميليشيا من جناح في فندق فاخر في طرابلس. ويقود الميليشيا الثانية عبد الله ناكر وهو مهندس الكترونيات سابق لا يخفي كراهيته لبلحاج. وهناك ايضا ميليشيات من خارج العاصمة حيث يسيطر مقاتلون من الزنتان وهي معقل لمناهضي القذافي الى الجنوب الغربي من العاصمة على المطار الدولي. وانسحب أغلب مقاتلي ميليشيا مصراته وهي مدينة الى الشرق من طرابلس من وسط العاصمة غير أنها تحتفظ بقوات على المشارف الشرقية من المدينة. ويحدد المقاتلون الذين ينتمون الى الاقلية الامازيغية مناطقهم بأعلامهم ذات الالوان الازرق والاخضر والاصفر. ويضاف الى تلك الميليشيات مجموعة أخرى من المقاتلين من شرق البلاد المعقل الاصلي للتمرد ضد القذافي وهم الاقرب الى زعماء المجلس الانتقالي ويطمحون لتشكيل أساس الجيش الوطني الجديد وهو ما يقلق منافسيهم. وفضل كبار المسؤولين الحكوميين تجنب إثارة القضية الى أن أصدر عبد الجليل تحذيره بشأن الميليشيات. وعندما سئل رئيس الوزراء عبد الرحيم الكيب بشأن الجماعات المتنافسة قال لرويترز هذا الاسبوع ان الحكومة تبني الجيش الوطني الليبي وتريد ضمان أن يكون فعالا عند الضرورة. وغالبا ما يندلع العنف عندما يرفض مقاتلون الخضوع للتفتيش عند المرور عبر نقاط تفتيش تابعة لمجموعة منافسة أو عندما تحتجز جماعة مقاتلين من ميليشيا اخرى. ووقف يوم الاربعاء عدد قليل من الحراس مزودين ببنادق نصف الية خارج مجمع في شارع الزاوية كان مركز المعركة التي اندلعت يوم الثلاثاء. وتمت إزالة عربات الميليشيات التي كانت تغلق تقاطع الطرق المؤدي الى المجمع وكان الشارع شبه خال مع هطول أمطار غزيرة. لكن احتمالات تجدد العنف ما زالت قائمة. وقال حكيم عبد الرحمن حماد وهو طيار عسكري سابق ويتزعم حاليا ميليشيا في مدينة طبرق على الحدود مع مصر ان التوتر سيثور دائما بسبب وجود عدد كبير من الجماعات. واضاف لرويترز أن هناك عددا كبيرا من الجماعات المسلحة وربما يحدث احتكاك بينها ينتهي بمواجهة. ووصلت هيمنة الميليشيات في ليبيا الى مفترق طرق الان بعد تعيين رئيس لاركان الجيش الوطني الجديد يوم الثلاثاء. وحتى الان تقول الميليشيات انها لا يمكن أن أتسلم سلحتها وتسمح باستيعاب مقاتليها في الجيش لان هيكل قيادته غير مكتمل. وبتعيينه الضابط المتقاعد يوسف المنقوش رئيسا للاركان يضع المجلس الانتقالي الميليشيات امام خيارين اما بدء تسليم السيطرة للجيش أو تحدي القيادة الليبية صراحة. وفي مقابلة بثها التلفزيون الليبي قال المنقوش ان آلية استيعاب مقاتلي الميليشيات السابقين في الجيش ستكون جاهزة قريبا. وقال ان رسالته للثوار هي أن عليهم أن يثبتوا للعالم مرة أخرى أنهم وطنيون وأنهم سيندمجون في مؤسسات الدولة ويعملون على بناء جيش وطني قوي. لكن الميليشيات ستحتاج الى الاقناع. وقال فتحي باش اغا عضو المجلس العسكري بمصراتة انه لا يزال غير متأكد من أن الوقت مناسب لتخلي الميليشيات عن دورها. وأضاف باش اغا أنه عندما تثبت الدولة قدرتها على تولي مسؤولية حماية الحدود وتأمين البلاد فسوف يسلمون السلاح. وقال ناكر زعيم ميليشيا مجلس ثوار طرابلس انه يرحب بتعيين رئيس لاركان الجيش وسوف يتعاون معه. لكنه أيضا لديه شروط لتسليم السلاح ولنصح رجاله بالانضمام الى الجيش. وقال للصحفيين يوم الاحد انهم سيفعلون هذا بعد أن يضمنوا حقوق ورواتب الثوار. وأضاف أنه منحهم حرية كاملة في الانضمام للجيش أو الشرطة أو تسليم اسلحتهم والحصول على وظيفة مدنية لكنه يريد قبل تسليم المقاتلين والسلاح أن تكون هناك الية للعمل ويريد معرفة كم سيتقاضون كرواتب.