يعقد قادة دول مجموعة العشرين قمتهم في مدينة كان الفرنسية هذه المرة في وقت تشهد فيه أوروبا ازمة ديون حادة اتخذت ابعادا جديدة بعد اعلان الحكومة اليونانية اجراء استفتاء شعبي بشأن خطة الإنقاذ الأوروبية. فمواجهة أزمة الديون تتطلب أموالا ضخمة لا يبدو أن دول الاتحاد الأوروبي قادرة على تقديمها أو أنها على الأقل لا تريد المخاطرة بأموال دافعي الضرائب. لذا اتجهت أوروبا للبحث عن خيارات أخرى أهمها مغازلة الاحتياطات الصينية الضخمة المقدرة ب 3200 مليار دولار. كما يسعى الأوروبيون الى استقطاب الاموال الخليجية على شكل تشجيع شراء حصص في البنوك او اقتناء سندات او حتى المشاركة في صندوق االاستقرار المالي عندما تتضح آليات عمله. تردد خليجي وبالرغم من التقارير الإعلامية بين الحين والآخر عن صفقات خليجية في هذا المجال فإنها تبقى محدودة مقارنة بحجم الصناديق السيادية التي تمتلكها بعض الدول االخليجية. فقد أعلنت قطر عن ضخ 500 مليون دولار في صفقة اندماج مصرفين يونانيين هما ايافجي يورو بنك وبنك الفا تعطيها 16 في المئة من رأسمال البنك الذي أصبح الأكبر في البلاد. من جهتها ذكرت مصادر مصرفية ان الشركة المساهمة برسيزون كابتل المملوكة من دولة قطر ستشتري البنك الخاص كا بي ال بنك الذي يقع مقره في لوكسمبورغ بقيمة مليار يورو. في حين تجري المفاوضات بين مجموعة مستثمرين يمثلون الأسرة الحاكمة في قطر لشراء مصرف ديكسيا للتجزئة وادارة الاصول في لوكسمبورغ وهو فرع من فروع مجموعة ديكسيا التي انهارت مؤخرا بسبب الازمة المالية. حجم الصناديق السيادية ولا توجد بيانات رسمية حول حجم الصناديق السيادية في دول الخليج إلا أن التقارير الإعلامية تقدر حجم صندوق الاستثمار القطري ب 70 مليار دولار والذي ذاع صيته في السنوات الأخيرة بعد ان استحوذ على حصص في عدة شركات اووربية توزعت على عدة قطاعت من بينها مصنعي السيارات الالمان كشركة بورش والعقارات وفرق لكرة القدم. كما يقدر حجم رأسمال سلطة أبو ظبي للاستثمار ب600 مليار دولار في حين يصل رصيد الهيئة العامة للاستثمار في الكويت إلى أكثر من 250 مليار دولار. وبالرغم من الفائض المالي الذي حققته دول خليجية في السنوات الأخيرة فإن أي مساهمة في عملية انقاذ لمنطقة اليورو ستبقى محدودة لان متطلبات الدول الأوروبية ضخمة بحكم كبر اقتصاديات ايطاليا واسبانيا وتراكم الديون على عدد كبير من البنوك. ويسعى المسؤولون الأوروبيون الى جذب دول ناشئة مثل الصين والبرازيل ودراسة كيفية استقطابها تحت مظلات دولية مثل صندوق النقد الدولي. الاستثمار في السلم الاجتماعي ومع زيادة التوترات السياسية والاجتماعية في المنطقة فان معظم دول الخليج دأبت على زيادة انفاقها بهدف كسب السلم الاجتماعي. فقد باشرت قطر في زيادة الاجور والمعاشات بالضعف تقريبا. أما السعودية فقد أطلقت برامج اجتماعية تقدر ب 130 مليار دولار وترمي أساسا إلى إشاعة الاستقرار من خلال الإنفاق على السكن الاجتماعي ومساعدة ذوي الدخل المحدود ومكافحة البطالة خاصة بين الشباب. في حين تتوخى سلطة ابو ظبي للاستثمار الحذر بعد تجربتها مع مجموعة سيتي بنك الامريكية عام 2007 عندما اشترت حصة من اسهم المصرف بقيمة تجاوزت 7 مليارات دولار ليتهاوى سهم المصرف بعد اشهر فقط. كما أن مساهمة ابو ظبي في إنقاذ دبي قبل عامين يجعلها تتردد اكثر في الخوض في مغامرات اجنبية في وقت لا زالت الإمارة الجارة لم تتعافى الى سابق عهدها وربما قد تحتاج الى مزيد من المساعدات. مخاطر كبيرة وقبل الخوض في اي صفقات جديدة، يدرس الخليجيون بشكل معمق فيما اذا كان الوضع الاقتصادي والسياسات الحكومية لدول الاتحاد الاوروبي توفر ضمانات وعائدات محترمة لاستثماراتهم. ويتساءل المشرفون على اتخاذ قرارات بهذا الشأن فيما اذا كان الاستثمار في القطاع المصرفي الأوروبي مثلا يحظى بالأولوية لدول الخليج الساعية الى تحقيق أكبر عوائد وفيما اذا كانت اوروبا هي الوجهة المفضلة. أما أن مناطق جغرافية اخرى مثل اسيا توفر خيارات افضل بحكم معدلات نموها الاقتصادي المرتفعة. فالدول الخليجية من خلال محافظها الاستثمارية لا تسعى إلى تحقيق أكبر معدلات ربح ممكنة فقط بل انها تسعى الى كسب الخبرات والتكنولوجيا وانشاء شراكات بهدف بناء الإنسان الخليجي. والمزاج السائد وسط الخليجين ربما يلخصه تصريح وزير المالية الكويتي مصطفى الشمالي عندما قال: نحن منفتحون على اي فرص استثمارية في جميع انحاء اوروبا، مادامت هذه الاستثمارات تتوافق مع ضوابط المخاطر وفيما اذا كانت تدخل ضمن معايير الاستثمار لدينا .