سيدي بوزيد (تونس) (رويترز) - أصبحت بلدة سيدي بوزيدالتونسية مهد انتفاضات "الربيع العربي" قبل عام مضى بعدما مل سكانها تعالي النخب في العاصمة البعيدة. واندلع العنف مجددا في البلدة يوم الجمعة بسبب ما يقول سكان محليون انه عدم حدوث تغيير حقيقي رغم ثورة اطاحت بحكام البلاد وجاءت بقيادة اسلامية جديدة. وغضب محتجون بسبب الغاء نتائج لمرشحين ساندوهم في الانتخابات. وانخرط المحتجون في اعمال شغب في سيدي بوزيد فأضرموا النار في مبنى محكمة ومقار للشرطة ومكتب لرئيس البلدية ومكاتب لحزب منافس. وفي اسوأ اشتباكات في اول انتخابات بعد "الربيع العربي" والتي كانت ستمر سلمية لولا تلك الاشتباكات اطلقت القوات النار في الهواء لتحاول تفريق حشد يهاجم مكتب الحاكم الاقليمي. وقال رجل يدعى احمد امتنع مثل كثيرين في البلدة عن اعطاء اسمه بالكامل خشية ملاحقته قضائيا بسبب العنف "اين ذهب صوتي.." واضاف "كانت انتخابات مفتوحة ويمكنني التصويت لمن اريد. لقد سلبونا حقوقنا." وسيدي بوزيد هي البلدة التي شهدت قبل 11 شهرا اضرام بائع الخضروات الشاب محمد بوعزيزي النار في نفسه في احتجاج تحول الى انتفاضة وطنية. وبعدما اطاحت الثورة التونسية بالرئيس زين العابدين بن علي أصبحت مصدر الهام لانتفاضات اطاحت بالزعيمين الراسخين لمصر وليبيا حسني مبارك ومعمر القذافي. واندلعت الشرارة لاحدث عنف في سيدي بوزيد بعدما ابطلت الهيئة المستقلة التي تشرف على انتخاب مجلس تأسيسي جديد نتائج فوز العديد من مرشحي حزب العريضة الشعبية الذي يتزعمه رجل الاعمال المقيم بلندن الهاشمي الحامدي. وكانت تلك مجرد الاهانة الاولى في عيون سكان هذه البلدة الواقعة على مسافة 280 كيلومترا جنوبي العاصمة. فقد قال مسؤولون كبار في حركة النهضة الاسلامية التي فازت في الانتخابات انهم لن يعملوا مع حزب الحامدي في المجلس التأسيسي وظهروا على التلفزيون ليصفوا سكان سيدي بوزيد بأنهم فقراء ومهمشون. وحين اعلنت هيئة الانتخابات ابطال فوز العديد من مرشحي العريضة الشعبية وقف صحفيون في المؤتمر الصحفي الذي بث على الهواء وصفقوا. وشعر بعض السكان المحليين بأنها صفعة على وجوههم من العاصمة. وقال رجل اخر ذكر ان اسمه محمد "حين بدأ الصحفيون في التصفيق والزغردة بدأت عندها (اعمال العنف)." وقال ساكن يدعى الامين ان مسؤولي النهضة "اهانوننا... وهذا هو رد الفعل." واشار الى شكوى اخرى قائلا ان الثورة في يناير كانون الثاني جلبت الديمقراطية لكنها فشلت حتى الان في جلب وظائف واسكان افضل كان كثير من الناس في ولايات تونس يأملون فيه. وقال الامين "ثورة تونس بدأت في سيدي بوزيد." واضاف "ما نطلبه هو انهاء الاقليمية. نحن ابناء سيدي بوزيد ونحن نعاني من بطالة هائلة." واضاف "اقول لهذه الاحزاب السياسية.. نحن فخورون بالهاشمي الحامدي. لديه اصوات ولديه مؤيدون." وبحلول عصر الجمعة تراجع العنف مخلفا وراءه مباني محترقة ومهدمة. وكانت السنة اللهب وسحابة خانقة من الدخان تتصاعد من مبنى الشرطة البلدية بعدما اضرم المحتجون النار فيه في وقت سابق وكانت المخلفات المحترقة تتناثر في الشوارع. وأتت النيران على مبنى المحكمة في البلدة ومكتب الحكومة البلدية. وتناثرت المقاعد والمناضد المحترقة في الانحاء كما تناثرت الاوراق في كل مكان وتدلت اسلاك الكهرباء من السقف. ورأى مراسل لرويترز اكثر من عشر سيارات محترقة في الشوارع. ولم تكن هناك علامة على وجود للشرطة. ويبدو انها انسحبت وتركت الجيش يحاول استعادة النظام. وظهر اربعة جنود لحراسة مبنى المحكمة المحترق. ولدى سؤالهم لماذا لم يحضروا لمنع احراق المبنى قال احد الجنود انه لم يكن يعرف وأنه وصل صباح الجمعة فقط. وبدا الغضب على رجل وهو يتجول وسط الدمار. وردد كلمات راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة عن أن العنف من تنظيم مؤيدين لبن علي ما زالوا يحاولون تخريب الثورة. وقال "من يقف وراء ذلك هو النظام السابق." واشار بغضب الى الجنود وقال "انظر اليهم انهم فقط يقفون ويتابعوننا."