لايستطيع أحد أن ينكر أن جماهير الألتراس حولت ملاعب الكرة عندنا الى حالة من الكرنفالات التي لم تعتاد عليها الكرة المصرية فيما مضى، عندما كان التشجيع " بالزمبلك" مرتبط بهز الشباك ومايلبث أن يهدأ بعدها حتى هزة جديدة أو فرصة ضائعة، وغالباً كان معظم الجماهير تتعامل مع المباراة كما الفيلم السينمائي يركزون في المتابعة أكثر من الاهتمام بالتشجيع الجماعي!! شباب الألتراس غير فكرة التشجيع بما له من فلسفة خاصة أبرزها مساندة الفريق طوال المباراة فائزاً أو مهزوماً، وهو اسلوب لم نعتاد عليه في ملاعبنا. الألتراس الذي يضم في صفوفه شباب متعلم في عمر الزهور ملئ بالطاقة لم يقف نشاطه عند حدود الملاعب، بل تجاوزها وانطلق الى ميدان التحرير أثناء ثورة 25 يناير وما تلاها من توابع ثورية، ونجح "الالتراسيون" بدخلاتهم المنظمة وأغانيهم وشماريخهم في إضفاء أجواء كرنفالية على ميدان التحرير واثبتوا من خلالها أنهم ليسو - كما يعتقد البعض - شباب " تافه أو هايف" يشجع كرة القدم لمجرد الفرجة والمتعة فقط، بل هم شريحة من شرائح الوطن ساهموا بمواقفهم الجريئة في تغيير بعض المفاهيم الجامدة عند الكثيرين وايقظوا بداخل غيرهم نشاط كاد يستسلم للخمول. وقد كان اصرارهم على حق استخدام الشماريخ في المباريات رغم العقوبات التي فرضتها لجنة مسابقات اتحاد الكرة بإقامة بعض المباريات بدون جماهير اشارة واضحة لكي ندرك ضرورة أن نتعامل مع أفكار شباب الألتراس بنوع من التوافق حتى نستفيد من طاقاتهم الخلاقة الهائلة ولا نصادر أفكارهم وهي في مهدها، لأن من يستطيع تنظيم دخلات ولوحات متغيرة في المدرجات طوال المباريات دون أي دعم من أي جهة قادرعلى فعل مايفوق هذا بكثير لو امتدت اليه أيادي المسئولين في الأندية والهيئات الرياضية. ولعل حسن حمدي رئيس النادي الأهلي كان سباقا في هذا الصدد عندما أوكل تنظيم مباراة فريق الكرة الأول الودية مع الطيران الى الألتراس بجانب رجال الأمن. نجاح تجربة الاهلي يفتح المجال أمام بقية الاندية بل واتحاد الكرة للاستفادة من جماهير الألتراس في تنظيم اللقاءات الرسمية لانهم الأجدر بذلك من كافة الجهات، لاسيما أن الفترة الأخيرة التي تلاحم فيها التراس الاهلي مع نظيره الزملكاوي أكد عمق التواصل بين هذا الشباب. المهم أن يفطن الجميع الى بث الوعي الأمني عند كل المشاركين في "التراسات" الأندية بحيث يكشفوا المندسين بينهم لان هؤلاء – "المنسدين" - قد يستغلوا حماس الشباب في أمور أبعد ماتكون عن الهدف المنشود. ** اثبتت انتخابات مجلس الشعب أن الجماهير المصرية فيما مضى كانت تريد شيئ والنظام يفعل شيئ آخر تماماً .. باختصار الحكومة كانت تختار مالايختاره المواطن ثم تقول لنا : الانتخابات كانت نزيهة.. رحم الله نزيهة اللئيمة ونتمنى أن تكون ايامها " راحت بلا رجعة"!