هل فكرت من قبل وتساءلت بينك وبين نفسك لماذا تحتفظ بخطاباتك القديمة أوببعض الأشياء الخاصة بك عندما كنت طفلا صغيرا؟ هل بحثت داخل مقتنياتك من قبل واكتشفت وجود صور لأماكن زرتها مع أشخاص عرفتهم أو هدية أهداها لك صديق قديم منذ فترة أو جائزة كسبتها في إحدي المسابقات؟ هل تساءلت من قبل لماذا تشعر بالحنين إلي زيارة مكان معين أو تهفو نفسك إلي سماع إحدي الأغنيات بالذات أو يعلق في ذهنك تاريخ معين لا يمكن أن تنساه؟ ما الذي يجعلك تتعلق بمنزلك الذي تسكن فيه ومهما رحلت أو تجولت فإنك تعود إليه وتتمسك به وتذود عنه بكل قوة إذا حدث ما يهدد ملكيتك له؟ إن كل هذه الأسئلة قد تكون الإجابة عليها واحدة وهي أنها ترتبط لدينا بذكري خاصة تحمل إلينا شعورا خاصا كلما تذكرناها... شعوراً جميلاً مررنا به في وقت من الأوقات يجعلنا نهرع إليه ونعيش معه كلما أصبنا بضيق أو شعرنا بحزن أو ضاقت بنا سبل الحياة وربما كانت هي سبباً يساعدنا علي المضي قدما في حياتنا ويخفف عنا من أعبائها وهمومها. إن اللجوء إلي هذه الذكريات ما هو في الحقيقة إلا غريزة طبيعية راسخة داخل النفس البشرية لكل منا جُبلنا عليها ونمت مع نمونا وصارت جزءا من تكويننا النفسي حتي يبدو وكأننا قد استلمناها من جاذبية الكوكب الذي نحيا عليه فلم نعد ندري أننتمي إليها أم تنتمي إلينا!! إنما نحتفظ بالصورة لأنها تذكرنا بوقت سعيد قضيناه مع شخص عزيز، ونحتفظ بألعابنا القديمة لأنها تذكرنا بفترة طفولتنا التي قضيناها في براءة ولهو بدون خوف أو قلق أو حساب للمسؤوليات، وإنما تتعلق بمنزلك لأن بقاءك فيه يبعث فيك شعوراً بالراحة والطمأنينة لا تجده في أي مكان آخر... والصورة واللعبة والمنزل في حد ذاتهم ليسوا هم السبب ولكنه الرمز الذي يمثله لدينا كل من هذه الأشياء والذي يجعلنا نرتبط بها ونشعر نحوها بالانتماء. إن هذه الصورة أوهذا الخطاب قد لا يمثل شيئا يذكر بالمرة لشخص غيرك وإذا وجدها قد يتخلص منها أو يرميها ولكنها بالنسبة لك أنت كل شىء وربما كان هذا هو نفس المعني الذي قصده الكاتب ''توفيق الحكيم'' عندما قال: (ماذا يبقي من كل تلك الأشياء العظيمة المقدسة التي لها في حياتنا البشرية كل الخطر لو نزعنا عنها ذلك الرمز؟ أيبقي منها أمام أبصارنا اللاهية غير المكترثة سوي جسم مادي.. حجر لا يساوي شيئا ولا يعني شيئا!! ما مصير البشرية وما قيمتها لو ذهب عنها الرمز؟ إنه في حد ذاته كائن لا وجود له وهو لا شىء ومع ذلك فهو كل شىء في حياتنا الآدمية... هذا اللاشيء الذي نشيّد عليه حياتنا هو كل ما نملك من سمو نختال به ونمتاز علي غيرنا من المخلوقات وهنا يكمن الفرق كل الفرق بين الحيوانات العليا والحيوانات الدنيا). إن كل هذه الأشياء إنما تمثل لدينا ذكري ومثل وحلم وأمل وسلوي وتاريخ وعندما نحتفظ بها فاننا نحتفظ بجزء من حياتنا باق لا يموت ليذكرنا دائما بقيمة هذه الحياة وأهميتها. كلمتنا – مايو 2000