"بالطبع مشغول مع أسرته..لذلك لا يرد"..قالتها و هى نائمة على سريرها..تداعب خصلات شعرها الذهبى بيد..و تحمل 'الموبايل" باليد الأخرى.. ثم تنهدت و قالت :"عندما يرى الموبايل بالطبع سيهاتفنى..كفانى ضجيجا و ازعاجا له..يجب ان لا افرض نفسى بهذا الشكل"...صمتت قليلا و قالت : "لكننى لم اتصل سوى مرتين فقط هذا اليوم..و مضى يومان و لم يحادثنى...بالطبع من حقى "كحبيبته" ان اقلق و اتصل..لا اجد فيها عيبا"!! وضعت الموبايل بجانبها على السرير و نزعت عنها الغطاء...و جلست على طرف السرير..ثم بسرعة التفتت الى الموبايل كى تحمله معها..فربما يتصل بها فى اى وقت ولا يجدها..عندها لن تسامح نفسها ابدا..مع انه كان يسامح نفسه مئات المرات عندما لا يرد عليها بالأيام..!! نهضت من على السرير و هى ترتدى فستانها الحريرى الأحمر..و نظرت إلى الروب المعلق على شماعتها و بجانبه الحزام الأسود الذى اهداه لها فى يوم..عندما عاتبها على خروجها إلى الشرفة بذلك الفستان..اقنعها بأنها جوهرة..يجب عليها ان تستخدم ذلك الحزام عندما ترتدى "الروب" فى كل مرة تخرج فيها الى الشرفة حتى لا يرى احد بريق جسدها ...بالرغم من ان الفستان طويل..واسع..يغطى كل جسدها..الا انه اقنعها بأن الجوهرة سيشع ضيائها حتى لو غلفناها بالثياب..! ارتسمت على شفتاها بسمة و هى تتذكر ذلك الحوار..و قامت مسرعة الى شماعة غرفتها..ترتدى الروب و تغلق على جسدها بالحزام جيدا..كل ذلك و هى لا تترك الموبايل من يدها و لو للحظة ! ذهبت الى الشرفة..فتحت النافذة..نظرت الى السماء..استنشقت بحماس جرعات كبيرة من هواء الليل البارد..بينما اخذت دموعها طريقها الى النزول على خدها..و همهمت لنفسها قائلة :"لماذا لا يشتاق لى.. لماذا لا يهاتفنى؟..ادرك تماما حقيقة انشغاله..لكن..لماذا لا ينشغل بى و لو لمرة؟..حسنا..سأهاتفه ثانية..هذا واجبى.. يجب عليا ان اتحمله و اتحمل ظروفه. طلبت رقمه بأصابعها المرتعشة.. و وضعت الهاتف على اذنها فى خوف و تردد ..وعند كل رنين ..كانت تحسب سيناريو ما فى عقلها..اول رنة..بالطبع لم يلحق سماعها..ثانى رنة..لم يسمعها بعد..ثالث رنة...ينظر الى الموبايل...رابع رنة..سير.... نعم..اخيرا..رد عليها..ابتسمت ابتسامة عريضة ..خرج صوتها متحشرجا من الفرحة..ألو .كيف ح... قال مقاطعا اياها :..كفاكى ازعاجا..سأحادثك فى وقت فراغى..و اغلق الخط فى وجهها..! ظل الموبايل على اذنها و ابتسامتها لازالت تتصدر ملامحها..لكنها ابتسامة بملامح باردة..ابتسامة بعيون دامعة..انزلت الموبايل من على اذناها فى بطء..و القت به على الأرض..فكت عقدة الحزام..ونزعته من عليها و مدت يدها الى خارج الشرفة قائلة : اعذرنى..ان الجواهر لا تهمل..! والقت بالحزام من الشرفة..ثم خلعت الروب..و القته على الأرض..و صرخت قائلة :مادمت تعتبرنى جوهرة..فأن الجواهر لا تحبس..لا تستعبد..ثم وقفت على اطراف اصابعها..اغمضت عيناها..ارجعت رأسها إى الوراء قليلا و اخذت نفسا عميقا.. لاول مرة..منذ زمن بعيد..تستكشف طعم الهواء..بدون ان ترتدى الحزام-بدون ان تكون مقيدة- سابقا..كانت لا تشعر بالهواء عندما يلمسها..كان الروب و حزامه يمنعها منه..و الأن و بعد ان تحررت و تمردت..سمحت للهواء لأول مرة بالمرور على جسدها..سمحت له بأن يتراقص مع فستانها الحريرى..سمحت له بأن يختلط مع تدرجات شعرها الذهبى.. لأول مرة..سمحت له بالمرور عبر رئتيها بدون عوائق ..وجدت طعمه افضل بكثير..و تيقنت بأنها عبر كل تلك السنون الماضية لم تعرف معنى الهواء و الحرية.. و ظلت تهمهم بصوت ينخفض تدريجيا قائلة : إن الجواهر لا تحبس.. لا تستعبد.. الجواهر لا تهمل..الجواهر لا تهمل !!..