أكد الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية، أن مناصرة بعض الأعداد القليلة من أحد الفئات لأحد شيوخهم في إشارة لأبي إسحاق الحويني لا يعني أن يكون هذا هو توجه المسلمين الذين يقدرون بالمليارات في العالم الإسلامي. وقال إنه تم إحصاء أعداد من ناصروا الحويني ولم يزيدوا على ألفين في حين قام أكثر من عشرة ألاف صباح الخميس بالجامع الأزهر من المسلمين يتقدمهم علماء الأزهر المعتبرين ومع ذلك لم يسيئوا لأحد أو يسبوا أحد بل عبروا عن تضامنهم لعلماء الأزهر من خلال التزامهم بأخلاق الإسلام. وأضاف في مقابلة مع قناة "الحياة" الخميس، إنه على استعداد للتنازل عن دعوى السب والقذف التي أقامها ضد الحويني، إذا اعتذر عن إساءته، وإذا لم يعتذر وظن أنه لم يرتكب خطأ في حق المفتي فالقانون والعدل يفصل بينهما، على حد قوله. وذكر أنه حينما أراد أن يتعلم العلوم الشرعية ذهب للأزهر رغم انتهائه من مرحلة التعليم الجامعي، فدرس بجامعة الأزهر أربع سنوات ثم بدأ في رسائله العلمية من الماجستير والدكتوراة حتى وصل إلى ما وصل إليه، في الوقت الذي تكبر فيه بعض "المتشددين" من الدراسة بالأزهر وراحوا يدرسون من الكتب بغير شيخ حتى ظنوا أنهم علماء دون أن يجيزهم أحد من العلماء المعتبرين. وأوضح جمعة، أن هناك فارقا كبيرا بين التدين وطلب العلم الشرعي وعلوم الدين، وأن اختلافه مع بعض "المتشددين" لا يصنف تحت "اختلاف العلماء رحمة"، لأنه هنا لا يختلف مع علماء أصلا. وأكد أنه لو فتح الباب أمام كل من "هب ودب" لن ينتهي من الجدال العقيم الذي لا يستوي فيه الحجة المبنية على العلم الشرعي، وفهم النصوص فهما شرعيا كما فهمها الصحابة والتابعون والجدال المبني على الباطل والأخذ بظاهر النصوص وأخذ بعض النص وترك الكل، وقال إن الخلاف مع أمثال هذه النماذج لا يشغله. ورفض جمعة وصفه بأنه مفتي السلطة، متهما بعض هذه التيارات بأنها تريد سرقة عقول البسطاء وسرقة مصر، وردا على الدعاوى التي تزعم أنه أدخل الرئيس السابق حسني مبارك وولديه الجنة حينما تكلم عن وفاة حفيده الصغير، قال إنه حينما تكلم عن جنازة هذا الطفل وإنها كانت عليها "سكينة"، فهذا مؤكد لأن جنازة الطفل الصغير تكون مملوءة بالرحمة. وأشار إلى أنه حينما قال بأن هذا الطفل سيشفع لأبويه ويدخل بهما الجنة فهذا من باب التخفيف عن مصاب المسلمين الذي حض عليه النبي صلى الله عليه وسلم الذي بشر من مات له ولد ثم صبر على مصابه بأنه سيشفع له. ورد المفتي على من يتهمه بأن يبيح الزنا بأن هذه الشائعات والمزاعم "قلة أدب"، موضحا أن استشهد بقصة مشابهة للأولى لحسن الظن بالناس قائلا" الفيديو الذي تكلمت فيه عن هذه القصة موجود وأنه حينما لمح أحد أولياء الله في درسه طالبا نابغا قدمه على رفقائه فحدث نوع من الغيرة له، فأراد هذا الولي أن يوضح لهم لماذا قدمه عليهم بأنه أمر ابنته سرا أن تدخل حجرته أثناء درسه لهم، فظنوا أن ابنته أمرأة أجنبية عنه وأنه دخل معها الحجرة وزنا بها وانصرفوا عنه وتكلموا في حقه". وأضاف أن تلميذه الذي قدمه على زملائه لم ينصرف بل أحضر له الماء، على أحد احتمالين أحدهما أنه لم يقم بالزنا وبالتالي لا يجب أن ينصرف حتى لا يسيئ الظن به، أو يكون في حاجة للاغتسال وفي هذه الحالة فهو ليس نبيا أو معصوما، ومن ثم يجب ستره، أفضل من أن يفضحه أو يقطع يده أو يفتش عما في قلبه كأفعال بعض التيارات المتشددة التي تفتش على أسرار المسلمين وتفضحهم رغم علمهم بحرص الإسلام على الستر. واستنكر المفتي التمثيل بجثة القذافي كما أكد أن تكفير مفتي ليبيا له هو رأيه الشخصي، مؤكدا أن الإسلام نهى عن التمثيل بالجثث حتى ولو كان كافرا أو مستبدا أو ظالما، لافتا إلى كلام الرئيس الأمريكي باراك أوباما: "ما كنت أعلم أن المسلمين يرقصون فوق جثث الموتى" بأنه مذمة في حق المسلمين ما كان لهم أن يعطوا غيرهم فرصة لانتقادهم. وكان أكثر من 10 آلاف من علماء وطلبة الأزهر نظموا الخميس وقفة تضامنية بساحة الجامع الأزهر الشريف، لإبداء الدعم والمساندة للدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية، بعد أقل من أسبوع على تضامن عشرات الآلاف من السلفيين مع الشيخ أبو إسحق الحويني، في دعوى السب والقذف التي أقامها المفتي ضدها على خلفية هجومه عليه في أحد القنوات الفضائية. وعبر المشاركون في الحملة عن استنكارهم لحملة الهجوم على المفتي وعدد من الرموز الإسلامية الأزهرية عبر القنوات الفضائية والمواقع والمنتديات، مطالبين هؤلاء الذين يهاجمون الرموز الإسلامية بالتوقف عن ذلك واحترام مكانة العلماء. وأصدر المشاركون، بيانا أكدوا فيه أن الأزهر الشريف هو هوية مصر الحضارية والثقافية والاجتماعية والدينية وأن الأزهر بعالميته هو المجعية الكبرى للمسلمين في أرجاء المعمورة ولن يستطيع أحد أن يقصيه عن دوره وأنه وعلماءه وطلابه ومنتسبيه ومحبيه على مستوى العالم يقابلون الاساءة بالصفح، مطالبين باحترام رموز الأزهر وعلمائه وإعلاء القيم في كل خلافاتنا واحترام هيبة الدولة وسيادة القانون. وشارك في الوقفة التضامنية لفيف من كبار علماء الأزهر الشريف منهم الدكتور حسن الشافعي، والدكتور سعد الدين الهلالي، والدكتور طه الدسوقي حبيشي، والدكتور محمود أبو هاشم، الشيخ عبد الهادى القصبي شيخ مشايخ الطرق الصوفية، والشيخ محمد علاء الدين ماضي أبو العزائم شيخ الطريقة العزمية، والشيخ أحمد الصاوي شيخ الطريقة الصاوية، والشيخ طارق الرفاعي شيخ الطريقة الرفاعية، والدكتور محمد مهنا العشيرة المحمدية، كما حضر أتباع الطريقة الفيضية والبيومية وعدد من الطرق الأخري. وقال الدكتور حسن الشافعي مستشار شيخ الأزهر، إن مصر تحفظ في جناحها آل البيت الكرام، فكان هناك عالم اسمه محمد عبده الصغير تلميذ محمد عبده الكبير، كان يذهب لغسل مراحيض جامع السيدة نفيسة كل فجر؛ ثم يذهب بعدها إلى الجامع الأزهر ليدرس للعلماء العلوم الشرعية، فكان يعرف لآل البيت قدره "فهذه المكارم نسيها قوم لا نريد أن نسميهم حتي لا ننكأ الجراح، فإذا كانوا عصوا الله فينا وبغوا علينا فسوف نطيع الله فيهم"، فها هم العلماء يغسلون أضرحة آل البيت بينما الآخرون يهدمون الأضرحة. وأضاف الشافعي: "ندعوا إخواننا أن ينسوا ما أدخلهم السجن قديما، فعندما سئلوا عن سبب إراقتهم للدماء، قالوا بفتوى علماءئا ثم يعتذرون إلى الشعب المصري، ثم يعودون مرة أخرئ". وأكد مستشار شيخ الأزهر أن الدعوة ليست عبثا ولا لهوا، وإنما بناءً أصيل مستفاد من تجارب هؤلاء الأزهريين، مضيفا: "وأقول للآخرين أتقوا الله في دينكم والمرجعية في هدي الأئمة الأربعة، فنحن لا نريد الانتقام.. نحن ندافع عن عرض العلماء أمثال الشيخ علي جمعة من أن تنالهم الكلمات الظالمة التي تقال في الفضائيات". من جانبه انتقد الشيخ محمد علاء الدين ماضى أبو العزائم شيخ الطريقة العزمية، في تصريحات خاصة ما وصفه بالهجمة السلفية، منتقدا الشيخ الحويني بقوله: "كيف يقول شخص إنه أعلم أهل الأرض بالحديث، فمن قال علمت فقد جهل".