احتفى الشعب المصرى بمختلف اتجاهاته السياسية بإقدام الشاب أحمد الشحات على تسلق العمارة الموجودة بها السفارة الإسرائيلية بميدان نهضة مصر، وإزالة العلم الإسرائيلى ورفع العلم المصرى بدلا منه، فى تعبير عن إرادة جموع المواطنين المعتصمين أمام السفارة منذ حادث مقتل ضابط و5 جنود بالرصاص الإسرائيلى على حدود مصر الشرقية. إلا أن الخبراء أكدوا عدم قانونية هذا التصرف النابع من عاطفة وحماس الشحات، لمخالفته قواعد القانون الدولى وتعريضه أمن السفارة الإسرائيلية للخطر، مرجحين فى الوقت ذاته أن تغض الحكومة المصرية الطرف عن توجيه أى اتهام للشحات، نظرا للترحيب العام بما أقدم عليه وتحوله فى نظر كثيرين إلى عمل بطولى أعاد الكرامة للمصريين بعد نحو ثلاثة عقود كان يرفرف العلم الإسرائيلى فيها فى سماء مصر دون رضا شعبها. السفير إبراهيم يسرى، وكيل وزارة الخارجية سابقا والمحامى بالنقض، أوضح أن ما حدث «خطأ لأن للسفارة حصانتها وحرمتها، ومن حق الدولة رفع علمها» لكن ذلك لا ينتقص من روعة رد الفعل الشعبى هذا الذى «نقدره ونحترمه حتى وإن كان مخالفا لقواعد القانون الدولى». وأضاف يسرى أن هذا العمل يعتبر تقصيرا من الحكومة المصرية فى حماية البعثة الدبلوماسية لدولة أجنبية، مما يجعل من حق إسرائيل تقديم احتجاج رسمى على هذا الفعل، ويستوجب إعادة رفع العلم الإسرائيلى فى مكانه على نحو عاجل. وحول مكان تعليق العلم الإسرائيلى، على شرفة شقة السفارة أم فوق العمارة السكنية، أكد يسرى أنه يجب رفع العلم على شرفة شقة السفارة فقط، لأن لدى مصر سفارات فى دول أوروبية عبارة عن شقة واحدة ويرفع العلم على شرفة الشقة فقط، أما رفع العلم الإسرائيلى لمدة 30 عاما أعلى العمارة السكنية فهو وضع خاطئ، لكن لا يمكن تغييره إذا كان هناك تعاقد خاص بين السفارة ومالك العقار وبناء على رضا السلطات المصرية. من جهته قال د.أبوالعلا النمر، رئيس قسم القانون الدولى بجامعة عين شمس، إن السفارات تتمتع بحزمة من الحصانات التى نصت عليها الاتفاقيات الدولية باعتبار السفارة جزءا تابعا للدولة التى تمثلها، وبالتالى فإن مصر تتعهد وتلتزم بتوفير حماية كاملة لمقر السفارة الإسرائيلية فلا يجوز اقتحامها أو تفتيشها أو إلقاء القبض على أحد فيها أو فرض ضرائب عليها، أى أنها محصنة شخصيا وقضائيا وماليا. واستطرد النمر: اقتحام الشحات المتاريس الأمنية لإنزال العلم الإسرائيلى هو اعتداء على أمن السفارة، لا سيما أن العلم رمز له قيمة معنوية وقانونية تمثل السيادة، وإسرائيل سوف تعتبر هذا العمل عدائيا وستحتج لدى السلطات المصرية، التى لها عذرها المقبول فى هذه الحالة لأنها حاولت بالفعل حماية أمن السفارة قدر إمكانها، لكن لا يمكن منع الغضب الشعبى العارم على التصرفات الإسرائيلية الهوجاء على الحدود. وأوضح أنه فى الأوضاع الطبيعية يجب أن تعمل الدولة المضيفة على إعادة وضع العلم إلى ما كان عليه، وتعاقب من ارتكب هذا الفعل، لكن الاحتفاء الشعبى ب«البطل أحمد الشحات» سيحول دون توجيه أى اتهام له، خاصة أن هذا التصرف جعل إسرائيل تدرك لأول مرة أهمية غضب الشارع المصرى، وظهرت أصوات حكيمة فى الكنيست الإسرائيلى تطالب بإعادة النظر فى الترتيبات الأمنية على الحدود إنقاذا لمعاهدة كامب ديفيد.