نفى مشايخ وعواقل شمال سيناء ومحافظها ومستشارها للأمن القومي، أية وجود لتنظيم "القاعدة" داخل شبه جزيرة سيناء، وذلك ردًا على المزاعم التي ترددت في أعقاب الاشتباكات التي وقعت بالعريش يوم الجمعة 29 يوليو الماضي بين مسلحين ملثمين كانو يرفعون شعار "سيناء إمارة إسلامية" وأجهزة الأمن المدعومة من الجيش والتي أسفرت عن سقوط خمسة قتلى بينهم ضابطي شرطة وجيش بالإضافة إلى 19 مصابًا، واضعين تلك الأحداث التي أثارت مخاوف على نطاق واسع من إمكانية وجود أذرع ل "القاعدة" على حدود مصر الشرقية في إطار حالة الانفلات الأمني التي تشهدها مصر عموما. وقال الشيخ محمد ربيع سلامة من شيوخ قبائل سيناء ل "المصريون"، إن سيناء خالية تماما من اى تنظيمات سواء كان تنظيما داخليا أو خارجيا، لكنها مثل باقي المحافظات المصرية تشهد حالة من الانفلات الأمني، ولا صحة لما يتردد عن وجود تنظيم "القاعدة" على أراضي سيناء، فهذا "كلام فارغ"، رابطا بين هذه الأحداث وبعض الصادر بحقهم عدة أحكام غيابية غالبيتها "أحكام ظالمة وغير صحية ولم يتم التصالح فيه حتى الآن من قبل الدولة، وحتى بعد قيام الثورة". وهذا ما أكده الشيخ يوسف بن جازي ترابين، قائلا إن أهالي وسكان سيناء أناس طيبون لا يمكن لهم الانخراط في أي تنظيم يضر بالمصالح العليا للبلاد، سواء في سيناء أو غيرها من المدن المصرية، لكنه شدد على أهمية جميع المشاكل الخاصة بأبناء سيناء والتي خلفتها الأنظمة الأمنية السابقة، خاصة جهاز أمن الدولة، "فالكثير من الخارجين عن القانون هم من صنيعة هذا الجهاز غير الشريف"، على حد قوله. وفي الوقت الذي نفى فيه وجود أي تنظيمات نهائية على أرض سيناء، اعتبر أن أحداث العريش في جمعة 29 يوليو كان استعراضا للقوة من قبل مجموعة من الخارجين عن القانون المتواجدين بكل محافظات الجمهورية الذين يستغلون الظروف التي تمر بها سيناء ومصر عقب الثورة. وطالب ترابين بإيلاء الاهتمام بحي الصفا وهو حي سكني في أطراف مدينة العريش مكتظ بالسكان وهم خليط من أبناء العريش والوادي والفلسطينيين ينقصه الكثير من الخدمات التي من الممكن في حال توافرها أن تجعله حيا نموذجيا. واتفق معه في الرأي الشيخ سالم العيادي من قبيلة العيايدة، قائلا إن سيناء خالية من أي تنظيمات خارجية أو حتى داخلية، ولا يوجد تنظيم سرى أو مسلح في سيناء. واعتبر أن ما حدث بالعريش هو محاولة لاقتحام قسم شرطة ثان العريش من جانب مجموعة بلطجية فقط تحالفت معهم بعض التيارات التكفيرية المتواجدة في سيناء مثلها مثل باقي المحافظات، كالفيوم وبنى سويف وحتى القاهرة التي شهدت عمليات حوادث إطلاق رصاص بين عدة عائلات وقبائل. وأضاف إن سيناء في مأمن من تنظيم "القاعدة"، وأن ما تم رصده من وجود عناصر فلسطينية خلال محاولة اقتحام قسم شرطة ثان العريش هم فلسطينيين من غزة لهم أقارب في سيناء فقط، في ظل روابط النسب والقرابة بين الغزيين والسيناويين. وصف ما تردد عن وجود عناصر خارجية تسكن في حي الصفا جنوب مدينة العريش هو "كلام فارغ" لأن هذا الحي هو حي شعبي يسكنه الكثير وهم خليط من أبناء سيناء وبعض محافظات مصر والصعيد خاصة، وكذلك بعض الأسر الفلسطينية. وأضاف: لى عدة أقارب تقطن هذا الحي ولا توجد أي تدريبات أو تنظيمات بهذا الحي الفقير. فيما يعزو الشيخ خالد عرفات من قبيلة الكاشف بسيناء، الأحداث الأخيرة بالعريش إلى الأجهزة الأمنية التي كانت تحكم وتتحكم في سيناء في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، وهؤلاء هم رجال اللواء عادلي فايد رئيس مصلحة الأمن العام السابق ووزير داخليته حبيب العادلي، فمن المعلوم والمعروف أن هذا الرجل الذي يحاكم حاليا كان مسئولا عن ملف سيناء الأمني، وكان له الكثير من الرجال الذين يعملون تحت إمرته. وتابع: لا يوجد أي تنظيم في سيناء نهائيا لا خارجيا أو داخليا، ولا نستبعد أن تكون لإسرائيل أياد خفية في الموضوع، وذلك بالتمويل فقط من أجل زعزعة أمن واستقرار سيناء ومصر لحزنها الشديد على ما أصاب حليفها الرئيس المخلوع. ولم تختلف نظرة الباحث في التراث السيناوى عزيز الغالي من قبيلة الرضوان في تفسيره لأحداث العريش عن سابقيه، إذ يقول إن سيناء خاليا تماما من تنظيمات خارجية لكن هؤلاء الذين قاموا بأحداث العريش مجموعة "بلطجية" فقط تحالفت مع بعض الجماعات "التكفيرية" فقط المتواجدة في سيناء". وألمح إلى أن إسرائيل ربما كان لها دور في إثارة مثل هذه الاضطرابات بسيناء، بقوله: "إذا أردت أن تعرف من المجرم الحقيقي، فهناك قاعدة ذهبية تقول فتش عن المستفيد وبما أن المستفيد الحقيقي هو إسرائيل فان إسرائيل لها يد عليا في الموضوع، لكن بدون علم الكثير من الذين قاموا بتلك المعليات في سيناء، لكن هذا التنسيق فقط يتم مع بعض زعماء هؤلاء البلطجية". وهذا ما يؤكده أيضا الناسط السياسي الشيخ محمد المنيعى من قبيلة السواركة الشهيرة في سيناء، قائلا إن سيناء لم ولن تعرف التنظيمات السرية التي تعادي الدولة المركزية في القاهرة، فأهل سيناء من المعروف عنهم أنهم أكثر وطنية من أي أحد في مصر وأن الذي حدث في العريش وتوزيع بيان صادر عن ما يسمى تنظيم "القاعدة" هو شيء غريب عن سيناء". ووصف المتورطين في أحداث العريش بأنهم "مجموعة من الخارجين عن القانون فقط تحالفوا مع بعض الجماعات التكفيرية التي لها وجود في سيناء مثل باقي محافظات مصر، لكن لا توجد أي تنظيمات في سيناء". أما الشيخ يحيى أبو نصير من قبيلة الريميلات التي تقطن على الشريط الحدودي بين مصر وغزة فقال إن سيناء مؤمنة تماما والحمد لله ولا داعي للخوف أبدا، وإن المسيرة المسلحة التي شهدتها العريش هي تحالف بين بعض الخارجين عن القانون والتكفيريين وبعض الذين صدر بحقهم عدة أحكام غيابية ظلما وعدوا من النظام السابق. لهذا طالب بإعادة محاكمة هؤلاء والعمل على إنصافهم. لم تقتصر تداعيات أحداث العريش على الوضع في شمال سيناء، بعد أن جرى تصوير ما حصل على أنه بمثابة إعلان لوجود "القاعدة" على أراضيها، بل كانت لهذا الأمر انعكاساته على جنوبسيناء التي تعتمد بالدرجة الأولى على حركة السياحة والتي تراجعت بشكل كبير خلال الشهور الماضي. وقال محمود محمد بن بدرة من سكان الجنوبسيناء: "جنوبسيناء تأثر كثيرًا عقب الأحداث التي شهدتها مدينة العريش في يوم الجمعة 29 يوليو، بعد أن خرجت الصحف ووكالات الأنباء تتحدث عن مشاكل أمنية كبيرة في العريش وشبة جزيرة سيناء، مما أدى إلى انعاكسات سلبية على السياحة في الجنوب، فأفواج السياحية والسائح الأوروبي لا يفرق بين شمال وجنوبسيناء". لذا طالب بعض الصحف بعدم الإثارة من أجل مستقبل السياحة في مصر، خاصة وأن جنوبسيناء بدأت تدب فيها الحياة عقب نقل الرئيس السابق حسني مبارك من شرم الشيخ إلى القاهرة في الثالث من أغسطس. من جانبه، أكد محافظ شمال سيناء اللواء السيد عبد الوهاب مبروك أنه بحكم عمله السابق كرئيس لحرس الحدود في مصر يستطيع أن يؤكد أنه لا توجد أي تنظيمات سواء خارجية أو داخلية في سيناء، لكن هناك بعض الخارجين عن القانون الذين تحالفوا مع الجماعات الدينية التكفيرية المتواجدة في سيناء، كما في باقي محافظات الجمهورية، ومنهم من صدر بحقهم عدة أحكام غيابية. وقال إنه تم التحدث مع وزيري الداخلية منصور العيسوي والعدل عبد العزيز الجندي والأجهزة المعنية بالعمل على سرعة إنهاء مشاكل الأحكام الغيابية، وبالفعل وصل 46 من أبناء سيناء إلى محكمة شمال سيناء للنظر في إعادة محاكمتهم مرة أخرى. وأكد اللواء شريف إسماعيل مستشار الأمن القومي لمحافظة شمال سيناء، أن سيناء خالية من أي تنظيمات سواء داخلية أو خارجية، لكن الذي حدث بالعريش مؤخرا كان ضمن الانفلات الأمني الذي تشهده سيناء مثل باقي محافظات الجمهورية ولا داعي للخوف من وجود تنظيمات خارجية نهائيا. وهذا ما أشار إليه مصدر سيادي كبير، قائلا إنه لا مكان لوجود تنظيمات خارجية بسيناء لكن هناك بعض الأشقياء المعروفين لدى الأجهزة السيادية الذين يعملون بشكل غير تنظيمي، وهناك اتجاه قوى لحسم تلك المشاكل الأمنية في سيناء عقب تلك العمليات حيث كان هناك اتجاه للعمل سيناء وفق منظومة عمل خاصة، نظرا لأن سيناء لها طابع خاص في التعامل، لكن لابد من الحسم مع الخارجين عن القانون.