كتبت صباح يوم 5 فبراير ما يلى «لا فضل لمتظاهر على متظاهر إلا بالهتاف الصادر من القلب، ولا فضل لثائر على ثائر إلا بإخلاص النية فى التغيير وإزاحة الذين قزموا مصر وأنزلوها من الأعلى إلى الحضيض». وقلت أيضا «لقد فشلت اللعبة القذرة التى شاركت فيها أحزاب المعارضة المستأنسة وفضائياتها المسكونة بخفافيش التزييف والتدليس فى تكفير الشعب المصرى بثورته، وذهبت محاولاتهم لتلويث الثوب الناصع بالادعاء بأن المعتصمين فى ميدان التحرير من الإخوان المسلمين، وعملاء الأجندات الخارجية، وظهر الحق وعرف الناس أن مصر كلها فى الميدان، بيسارها ويمينها ووسطها وشبابها وشيوخها ونسائها وأطفالها. إنه الفجر يطلع على مصر، والمطر الأخضر يهطل لينظفها وينقيها ويعيد إليها بصرها وبصيرتها». وبعد مرور ما يقرب من الستة أشهر على هذا اليوم الناصع فى تاريخ مصر، أسعدنى أن أسمع من صفوت عبدالغنى القيادى بالجماعة الإسلامية فى لقاء جمع جميع القوى السياسية بمقر «الشروق» أمس أنه «لا فضل لمصرى على مصرى فى هذه الثورة، بل إن الثورة هى صاحبة الفضل على الجميع». وبهذه الروح ينبغى على كل القوى السياسية أن تعود إلى ميدان التحرير يوم الجمعة المقبل، رافعة شعارات لم الشمل وإعادة الاصطفاف والتوحد خلف المبادئ العامة للثورة، والمطالب المستحقة التى لا يختلف حولها أحد من المصريين المؤمنين حقا بهذه الثورة. فلتكن جمعة «عودة روح الثورة» تلك الروح التى كادت تزهق بفعل دسائس الفلول، وصنائع المتربصين بها من بقايا نظام حسنى مبارك الذين لم يفقدوا الأمل بعد فى إمكانية إجهاض ما تحقق، والعودة بالزمن إلى الوراء، ومن هنا كان اقتراحى فى لقاء الأمس الذى جمع أطيافا شتى من اليسار إلى اليمين، ومن الإسلاميين إلى الليبراليين، أن تأتلف القلوب المحبة للثورة على صياغة بيان واحد مشترك يكون بمثابة الإطار المنظم لمليونية الجمعة. وكان جميلا أن يتوافق الحضور على خطاب موحد، أثق أنه سيتحول إلى أداء متناغم فى الميدان يوم الجمعة، ما دامت النيات خالصة لوجه الله ولوجه مصر ولوجه ثورة الألف شهيد، وكان ما سمعته من الأساتذة محمد أبو الغار وعبد الجليل مصطفى ومحمد البلتاجى وأهداف سويف، وشباب الثورة رباب المهدى (صاحبة هذه المبادرة الرائعة) وإبراهيم الهضيبى وخالد عبدالحميد، كان ينم عن أن هناك توافقا عاما على أن هذه الثورة تستحق من الجميع أن ينحوا جانبا ما يفرق ويفت فى العضد، ويعتصموا بما يجمع ويقوى الصفوف، قبل أن يجرف طوفان الانقسام الجميع. ولعل الفكرة التى طرحها أمين حزب الحرية والعدالة فى اللقاء، بشأن تناوب كل المتحدثين من مختلف التيارات على منصات ميدان التحرير يوم الجمعة، ما يعيد الأمل فى أن هذه الثورة لن تموت، وأن أعداءها لن ينجحوا فى استدراج الفصائل الشريكة فى الثورة إلى صحارى التناحر. «إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية» فلا تبتعدوا عن الميدان وروحه.