لا أعرف إذا كان اللواء عبد المنعم كاطو يعبر فى تصريحاته وتخميناته عن المجلس العسكرى أم يعبر عن نفسه فقط، لكن المؤكد أن حديثه فى جميع الأحوال لا ينفصل كثيرا عن رؤية العسكرى، وطريقة فهمه للأمور وإدارته لشئون البلاد. لكن المؤكد أيضا على الأقل بالنسبة لى أن كل من يحب المجلس العسكرى ويحتفظ له بولاء وتقدير وانتماء، عليه أن يقنع الجنرالات من أعضاء المجلس بأن يقللوا ظهورهم التليفزيونى ومداخلاتهم وحضورهم الإعلامى المكثف، مادام هذا الحضور مرهونا بخطاب يميل إلى الحدة والتخوين والاتهامات المرسلة وضيق الصدر، واعتبار كل مخالف فى الرأى يملك رؤية نقدية لأداء المجلس العسكرى، «مخربا» بالضرورة. تعرف أن العسكر يواصلون اتهامهم لحركة 6 أبريل بالعمالة والتخريب، ومازلنا ننتظر من المجلس أن يدعم اتهامه بوثيقة واحدة أو يقدم ما لديه من دلائل لجهات تحقيق محايدة، لكن السيد كاطو أضاف بالأمس الكاتبة الكبيرة نجلاء بدير إلى قائمة «المخربين»، ليس لأنها كانت تجهز زجاجات المولوتوف للبلطجية فى ميدان العباسية مثلا، أو أصدرت أوامر بحماية البلطجية الذين يشهرون السيوف فى وجه الثوار بينما يحوطهم جنود الأمن المركزى، لكن نجلاء فعلت ما هو أبشع من ذلك فى نظر اللواء كاطو، كتبت رأيها فى جريدة التحرير، علقت بكل احترام وصدق وموهبة على خطاب اللواء الروينى، فتحولت فى نظر كاطو إلى «مخربة»، وإذا كان كاطو غير مقتنع بالرد المفحم الذى كالته له بشجاعة ووضوح وصدق الإعلامية دينا عبدالرحمن التى دافعت عن نجلاء ودعته للسؤال عنها وعن مواقفها، فربما أزيده من الشعر بيتا، وأقول له إننى لا يمكن أن أدافع جازما عن 6 أبريل، وكل ما أستطيع قوله إن من لديه وثائق فليبرزها، لكننى أملك من الوقائع والحكايات ما يدفعنى للدفاع عن نجلاء بدير بكل يقين، فقد كانت ومازالت منذ سبعينيات السادات فى صف الحق، قريبة من فقراء هذا الوطن، تخدمهم بإيمان وإخلاص ودون رياء أو ادعاء، تتحرك كمؤسسة «صحة وتكافل» موازية فى الوقت الذى كان النظام السابق الذى كان كاطو جزءا منه بحكم الوظيفة، يثرى على حساب هؤلاء الفقراء ويصدر لهم المرض والجهل ويسرقهم ثم يدعى الشرف والبطولة. لكن للحق، فالمسألة تتجاوز الغضب من أجل نجلاء بدير، التى لم أندهش أن كاطو لا يعرفها، كما لا يعرف مصر الموازية التى كانت تقاوم فساد مبارك وفشل نظامه فى كل مجال، وحقيقة التحول الذى حدث فيها، ولم يدرك أن الثورة لم تقم إلا على هذا النمط من التفكير التآمرى والتخوين والمستبد والإقصائى والرافض للرأى الآخر، لكن الخطورة أن هذا الحديث «الكاطواوى» يعبر عن نمط التفكير ذاته، وبالتالى سأنضم أنا بعد هذا العمود إلى قائمة المخربين الذين يحملهم اللواء كاطو فى جيبه، ويطلق نيران تخوينه نحوهم فى كل طلة تليفزيونية. كلنا مخربون إذن مادمنا نقول: لا، حتى لو كانت مرهونة بنصيحة صادقة تعبر عن خوف على هذا الوطن وفى القلب منه المؤسسة العسكرية. الثورة إذن فى خطر حقيقى، لأن من يحميها ويملك توكيل تحقيق مطالبها يتحرك بعقيدة مبارك وأسلوبه وقناعاته. كتبت هذه السطور قبل أن أعرف بقرار استبعاد الإعلامية دينا عبد الرحمن من قناة دريم بسبب مواقفها ومداخلتها الشجاعة مع السيد كاطو: دخلنا إذن مرحلة تكميم الأفواه، ويبدو أن هناك من يدفعنا إلى أن نقول: «ولا يوم من أيامك يا مبارك»..!