كل يوم يكتشف الذين يحكمون البلاد حجم الفساد الذى سيطر وعشعش فى الحياة المصرية خلال سنوات حكم الرئيس المخلوع حسنى مبارك وعصابته، التى أفسدت كل شىء.. لم يتركوا هيئة أو مؤسسة إلا وأفسدوها.. .. لم يتركوا سلطة من سلطات البلد إلا وأفسدوها... فكانت السلطة التنفيذية فاسدة ومفسدة.. وها هو رأس السلطة الرئيس المخلوع حسنى مبارك محبوس، ومتهم بالفساد، إلى جانب اتهامه فى قضية قتل المتظاهرين.. واستغلال النفوذ، وتسهيل الاستيلاء على المال العام. .. وأيضا رئيس وزرائه أحمد نظيف «محبوس» بتهم الاستيلاء على المال العام.. وأيضا رئيس وزرائه السابق عاطف عبيد «المحبوس»، الذى باع مصر بتراب الفلوس.. وكانت السلطة التشريعية فاسدة.. فجاءت بانتخابات مزورة، وكانت تسن القوانين التى تخدم النظام وأفراد عصابته.. وتم تجهيز شلة من ترزية القوانين للخدمة فى ذلك الأمر.. وها هما رأسا السلطة التشريعية فتحى سرور، رئيس مجلس الشعب، وصفوت الشريف، رئيس مجلس الشورى، محبوسان فى قضايا كسب غير مشروع، غير قضية موقعة الجمل، التى شاركا فيها للدفاع عن النظام الذى ينتميان إليه، الذى منحهما نفوذا قويا، استطاعا من خلاله الخداع والتربح والاستيلاء على المال العام... واستطاع النظام أيضا الوصول إلى السلطة القضائية، وكان يقف دائما ضد استقلالها حتى يستطيع التلاعب بها.. وعلى الرغم من حالات الفساد التى يحاسب عليها الآن بعض رموز النظام السابق، فهو فساد مالى استفادوا به من خلال وجودهم فى السلطة، بإفسادهم السياسى وحصولهم على رشاوى وتسهيلات، نتيجة وجودهم فى مناصبهم السياسية.. ولا تتم محاسبتهم سياسيا على ما فعلوه فى البلاد من تزوير وتشويه الواقع السياسى، وقوانين سيئة السمعة.. فى النهاية أوقفوا تقدم البلاد وجعلوا مصر دولة متخلفة. وهناك كثير من الشخصيات التى لعبت دورا قذرا لصالح النظام المخلوع والترويج لسياساته الفاسدة، وتزيين مشروع التوريث له حتى يكتسبوا ويتربحوا منه، وخططوا ووضعوا السياسات، من أجل تمكين نجل الرئيس المخلوع من السيطرة، وليصبح الأعلى نفوذا وتأثيرا داخل النظام والدولة، وكأنه الذى يحكم.. وشكلوا لجنة السياسات، وضموا لها عديدا من الشخصيات، من خلال منحهم المناصب والمنح.. وأصبحت عضوية تلك اللجنة هى المؤهلة لتولى أى منصب مهم، سواء كان فى الإعلام، أو الجامعة، أو الوزارة. وجندوا إعلاميين وصحفيين، من أجل الترويج لهذا المشروع، والمشاركة فى إفساد الواقع السياسى، ومحاربة من يقفون ضد هذا المشروع بأساليب قذرة على طريقة «سكسكة تباعة الجيزة»، أو «خالتى فرنسا».. طبعا كل هذا بمقابل، فلا عجب أن ترى رؤساء تحرير كانوا أعضاء فى لجنة سياسات جمال مبارك، وتضخمت ثرواتهم فى سنوات قليلة، وحققوا ملايين الجنيهات، وبعضهم أصبح مليارديرا، وهم الذين كانوا لا يملكون شيئا قبل توليهم رئاسة التحرير.. وهم الآن مطلوبون أمام جهاز الكسب غير المشروع! فأصبح من غير المعقول أن تتم محاسبة هؤلاء على فسادهم المالى أمام جهاز الكسب غير المشروع.. ويستطيع البعض منهم أن يستِّف أوراقه، من خلال أصدقاء له من هنا أو هناك، أو بتقديم أوراق أنه يعمل مستشارا لتلك المؤسسة أو غيرها، فى مقابل مادى كبير، مكنه من الحصول على الأراضى والشقق والفيلات التى يمتلكها وأسرته.. ويتم صرفهم من الجهاز، وتم ذلك مع وزير أثرى الحياة السياسية بالفساد، مثل الدكتور مفيد شهاب، وكذلك مع رئيس تحرير إحدى المؤسسات العريقة التى هدمت على يديه، الذى استطاع أن يأتى بأوراق من مؤسسة خارجية لتبرير ممتلكاته، على الرغم من مخالفة هذا للقوانين والأعراف، فإنه خرج من الجهاز ليخرج لسانه للجميع... كل هؤلاء أفسدوا الحياة السياسية، ولا بد من حسابهم، فقد كان الفساد السياسى، الذى لم يعد يحتمل فى فترة الرئيس المخلوع، أحد أسباب خروج الناس إلى الشوارع والميادين فى ثورة 25 يناير، غير مهتمين بقمع النظام،يااااه.. أخيرا اقتنع الذين يحكمون البلاد بما طالب به الثوار منذ اليوم الأول للثورة، بضرورة المحاكمة.. محاكمة من أفسدوا الحياة السياسية، وأوصلوا البلاد إلى حالة من الانهيار، ليظلوا متمسكين بالسلطة.. إما هم أو الفوضى. نحن فى انتظار إنجاز وزير العدل فى محكمة الغدر، لمحاكمة الذين أفسدوا الحياة السياسية وأهدروا كرامة المواطن المصرى خلال تلك السنوات الطوال، وأهدروا قيمة البلد.فمحاكمات الفساد المالى لا تكفى.. فلا بد من محاكمات الفساد السياسى.