كنت أتحدث مع صديق لي عبر الهاتف عن مدى الاستهانة بأسر الشهداء وأنه يجب اتخاذ اجراءات وأحكام سريعة وعادلة وأنه يجب أن تهدء روح الشهداء وهذا أقل ما يقدم لهم وهذا هو العزاء الوحيد الى أسرهم ,وعقب انتهاء المحادثة نظرت لي أمي التي كانت بجانبي ممسكة بالمصحف الشريف اثر انتهاءها من تلاوة القرآن ونظرت لي وبصوت وعيون يملئهن الحزن قالت : خايفه أن أمهات الشهدا يتحرق قلبهم مرتين مرة لما ولادهم استشهدوا ومرة لما حق ولادهم ضاع !!! هنا أدركت أن الصدق المنبعث من أمي والتي أعتبرها أصدق أهل الأرض الآن بما ما على الأرض من كذب وخداع نفاق يؤكد لي أننا يجب أن نثور ..الثورة يا أخي العزيز التي قد قمنا بها وما تسمى بثورة ال 25 يناير ,لا أعتبرها ثورة الآن فأين نتائجها ؟! أعلم أن من يقوم بالثورة هو من يضع الشروط ويكون المتحكم الأول والأخير في مجريات الأحداث وهو من يضع السياسة العامة والأسس التي تمكن الثائريين من الأخذ بحقوقهم المسلوبة منهم طيلة فترات الظلم والطغيان , لكن الشعب قام بثورة ووضع الأمور في يد آخريين والآن يطالبونه بالسرعة والحسم والحماس والثورية !!! كيف نسأل من لم يثور ويغضب أن يأتي لنا بحقوق الثائريين ؟ أين المنطق في ذلك ؟ لنتفق على شئ أن الذي يبحث عن حقه ويناضل للحصول عليه هو المظلوم ..وهذه تجربة أثبتت بالوقائع والواقع الذي نعيش فيه. لم يتغير شئ ..لا أرى أي شئ سوى معارك جانبية تافهة , مدعيين الثقافة والسياسة وممارسة الديمقراطية أبطال الساحة الآن , انشعلوا بكون البرادعي يحمل جنسية أخرى والجاسوس الأسرائيلي المشكوك بأمره وأن مبارك كان يقول لو بيدي كنت هدمت كل المساجد والكنائس , وحكايات عن سيدة القصر ومشاحناتها مع خديجة وهيدي ..ما كل هذا الكم من التفاهة والسطحية وترى العديد من البرامج التلفزيونية تتداول ذلك , هل يمارس علينا الآن ما كان يمارس علينا بالسابق من تطبيق سياسة ( الألهاء ) , هناك من يريد أن يجعل الشعب منشغل بسطحيات الأمور ليفعل شئ ما !! دعونا من نظرية المؤامرات الخارجية وأن كل بلاد العالم اتحدت الآن لتعش مصر في فوضى عارمة وهلاك , ليكن لنا نظرة مختلفة عن السابق ..ان الله لا يغير ما بقوماً حتي يغيروا ما بأنفسهم ونحن لم نتغير بعد ..مازالنا بالمرور ندفع الرشاوى ومازالنا نضع حزام الأمان عندما نرى لجنة مرور عن بعد , هناك من لم ولن يتأثر باخلاق ميدان التحرير هل يتذكرها أحد هنا ؟ مثل شهر رمضان الذي تكبل فيه الشياطين بالأغلال ولكن النفس الأمارة بالسوء تكون طليقة الا من رحمه ربه وحصنه وحماه من نفسه ,هذا ما نحن عليه الآن الشياطين كبلت بالأغلال في السجون ومنهم من هرب خارج البلاد ولكن ..النفس الامارة بالسوء أين هي؟ , كيف تستطيع أن تمنع من أعتاد على أعمال البلطجة والهمجية أن لا يلحق بجمع من الثوار الحقيقين ليمارس هوايته من خراب ودمار ..هناك من يعشق الخراب والدمار وأن كنت لا تعلمهم وتقول الآن من هؤلاء فمن المؤكد بأن الشارع الذي تسكنه به سيارات خدشت من جميع الجوانب بآلة حادة دون أي سبب ..سوى الأذى ,هؤلاء هم القنابل الموقوتة الحقيقية. انشغلنا بتكوين الأحزاب ومن القوى المسيطرة ومن أولا الدستور أم الانتخابات ونسينا أن هناك من يريد الوعي والتعلم ومحو أميته التي عاشت بداخله منذ سنوات عدة . أرى أن نمحي كل ما سبق من عقولنا ولنضع حق الشهداء وحق الحياة والحرية والعدالة الاجتماعية والأمان نصب أعيننا ونحصل عليه وليس لنطالب به ..وليكن شعار المرحلة أن الشعب يريد اسقاط الفساد ...فساد الأنفس أشد وأخطر على مصر من فساد الأنظمة ...لذلك أستعين بعنوان كتاب الأديب العالمي .علاء الأسواني ( لماذا لا يثور المصريين ) هذا السؤال يجب طرحه الآن : لماذا لا نثور بطريقة صحيحة حقيقة ..ثورة نأخذ بها حقنا ونتحكم في مصائرنا ..نسقط بها الظلم والفساد.