هل كان الدكتور عصام شرف فى حاجة إلى ثورة حتى يخرج بهذا البيان؟.. الإجابة «لا».. ولذلك كان الرد الطبيعى هو الاعتصام.. وكان الرد المنطقى هو الاعتصام.. وكان الرد البليغ هو الاعتصام.. فى كل الأحوال «الاعتصام هو الحل».. والنتيجة على مستوى مرشحى الرئاسة 5/1، فهناك خمسة مرشحين يؤيدون الاعتصام، فى المقابل «العوا» هو الذى يعترض وحده! لم يكن هناك بد من الاعتصام.. لأن حكومة الثورة تلاعب الثورة.. ولو لم ينم الثوار فى الميدان، لنامت الحكومة عن مطالب الثوار.. المعنى أنها ليست حكومة ثورة.. أو أنها حكومة ثورة، تعمل على طريقة حكومات مبارك.. طول ما إحنا نايمين الحكومة بتشخر.. ولو كانت حكومة ميدان، لكان أول قرار وأول بيان هو إيقاف الضباط المتهمين، لضمان عدم التلاعب بالأدلة! ألف باء أى تحقيق أن يتم إيقاف المتهم.. وكل ما جاء فى بيان شرف أمس الأول، لم يحدث رغم بساطته، إلا بعد ثورة ثانية، وإنذار جديد، واعتصام فى الميدان، وكارت أحمر لحكومة شرف.. وفور البيان ثار الثوار.. وهتفوا ضد البيان، وضد شرف، وقالوا «تمثيلية.. مسرحية».. وقالوا: شرفتنا ونورتنا.. ولا أدرى من الذى أصبح عبئاً على الآخر.. مجلس الوزراء، أم المجلس العسكرى؟! ليس صحيحاً أن الاعتصام يعطل عجلة الإنتاج، كما قال سليم العوا.. فالاعتصام ليس فى المصانع، وليس فى الوحدات الإنتاجية.. الاعتصام فى ميدان التحرير.. ثانياً: الاعتصام ليس فى ربوع مصر كلها.. هو هنا على بعد خطوات من حكومة الثورة.. ثالثاً: لو أن الحكومة أنجزت مهمتها، فسوف تهدأ أرواح الشهداء، ونطوى هذه الصفحة، وننصرف إلى أعمالنا، دون تعطيل لشىء! أحياناً، العناوين تخطف الأبصار.. مثلاً الاعتصام يعطل الإنتاج ويضر الاقتصاد القومى.. ينسى هؤلاء أن مهرجان البراءة للجميع يضر الأمن القومى.. العناوين تخض وتبعث على الفزع.. بالذات حين تذكر أرقام الخسائر اليومية.. ربما يكون هذا صحيحاً.. لكن هؤلاء ينسون أننا فى ثورة.. وأن ما حدث ليس خسائر، ولكنه بالعكس ثمن تحرير وطن، وثمن حرية شعب! ينبغى أن تعرفوا أننا فى ظروف استثنائية.. وينبغى أن تعرفوا أننا فى ثورة، وليس فى حركة تمرد.. وينبغى أن تعرفوا أن الخسائر والسلب والنهب كانت على مدى ثلاثين عاماً، وما يحدث الآن ليس فى ميزان الخسائر، وإنما هو نوع من العلاج.. وينبغى أن تعرفوا أنه اعتصام سلمى، لا يخرب شيئاً ولا يكسر شيئاً.. والذين يؤيدونه يؤيدون الثورة، والذين يرفضونه ينافقون المجلس العسكرى! الآن نحن أمام مأزق، يتعلق بشرعية المجلس العسكرى من جهة، وشرعية حكومة الثورة من جهة أخرى.. فالميدان هو الذى أعطى الشرعية.. سواء لمجلس الوزراء، أو المجلس العسكرى.. والآن الميدان هو الذى يسحب الثقة.. أعطى كارت أحمر لحكومة الدكتور شرف.. كما أعطى كارت أصفر للمشير طنطاوى، والمجلس العسكرى.. هذه هى الأزمة حالياً.. فما هو الحل؟! ربما يتصور الدكتور شرف أن دخول الميدان مش زى خروجه.. وربما يتصور المجلس الأعلى للقوات المسلحة، أنه جاء بتكليف من مبارك فى خطاب التخلى عن السلطة.. لكن يبقى الولاء هنا للميدان.. فنفس الميدان الذى أعطى الشرعية هو الميدان الذى يسحب الثقة الآن.. لأن الحكومة تسير فى الاتجاه المعاكس.. تعاند الثورة وتلاعب الثورة، وتكفر بالميدان!