هل تنجح هذه المرة؟.. الأسنان تعقد عموميتها العادية 8 نوفمبر    سيارة SUV صينية موديل 2022 لا تتجاوز مليون 100 ألف جنيه    المؤتمر العالمي للسكان .. جلسة حوارية بعنوان «رأس المال البشري وصحة السكان»    إذاعة الجيش الإسرائيلي: إطلاق نار على موقع عسكري شمال الضفة    صحفية لبنانية: إسرائيل تحاول منذ بداية الحرب أن تستهدف الصحفيين لتشويه الحقيقة    بري يشكر فرنسا والدول المشاركة في مؤتمر دعم لبنان    تعرّف على قائمة ريال مدريد لمواجهة برشلونة في «كلاسيكو الأرض».. عودة دياز    أول تعليق من أفشة على فوز الأهلي بالسوبر المحلي علي حساب الزمالك    هل يحسم الأهلي صفقة المهاجم قبل ساعات من غلق القيد؟.. مصدر يجُيب    تحقيقات النيابة: خصومة ثأرية وراء مقتل عامل بطلق ناري في العمرانية    سائق دهس لاعبي فريق الدراجات يقف أمام القضاء.. تفاصيل مثيرة    «جغرافية مصر الرائعة» في السينما والفوتوغرافيا.. معرضان في مهرجان الجونة السينمائي (صور)    لقاءات عن الأسرة وفن ترتيب الأولويات في أنشطة الثقافة بالقاهرة ضمن مبادرة بداية    القاهرة الإخبارية: سقوط شهداء وجرحى جراء استهداف منازل غرب غزة    المؤتمر العالمي للتنمية البشرية| جلسة حوارية عن "رأس المال البشري وصحة السكان"    مشكلة خفية تسبب الإصابة بالنوبة القلبية- احذر الأعراض    المؤتمر العالمي للسكان .. جلسة حوارية تحت عنوان «بناء القدرات في الطب النفسي»    "سوهاج" على الخريطة السياحية المصرية.. كنوز أثرية تمثل مختلف العصور    بعدما وصفوا التمثيل بالتسلية.. محمود حميدة: الجمهور له الحق في أن يتحدث عن ما يتلقى    وزير الأوقاف والمفتي ومحافظ السويس يشهدون احتفال المحافظة بالعيد القومي    أم إبراهيم.. 5 سنين بتأكل زوار إبراهيم الدسوقي بكفر الشيخ: كله لوجه الله    المفتي ووزير الأوقاف يقدمان التهنئة لأبناء السويس في العيد القومي    حمادة هلال وتامر حسني أول الحاضرين جنازة والدة أحمد عصام في مسجد الشرطة    الكشف على 327 مواطنًا في قافلة طبية مجانية بعزبة الأقباط بمنوف    هيئة الدواء المصرية تصدر قرارا بضبط وتحريز كريم مشهور لعلاج الحروق    خطيب المسجد الحرام: شعائر الدين كلها موصوفة بالاعتدال والوسطية    هل يحاسب الرجل على تقصير أهل بيته في العبادة؟.. رأي الشرع    إيد واحدة.. حملات للتحالف الوطني لطرق أبواب الأسر الأولى بالرعاية بالبحيرة.. وجبات ساخنة للفئات الأكثر احتياجا ودفع مصاريف المدارس للأيتام    افتتاح مسجد الرحمن بمنطقة "ابن بيتك" شرق النيل ببني سويف    بدء المؤتمر العام للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي.. صور    المحطات النووية تعلن انتهاء تركيب المستوى الأول لمبنى المفاعل بالوحدة الثانية    مواقيت الصلاة .. اعرف موعد صلاة الجمعة والصلوات الخمس في جميع المحافظات    زيلينسكي: روسيا تستعد لنشر قوات كورية شمالية في أوكرانيا خلال أيام    وزير الري: إعداد خطة عاجلة لضمان مرور الموسم الشتوي بدون أزمات    الإثنين.. مجلس الشيوخ يناقش مد العمل بقانون إنهاء المنازعات الضريبية    أسعار البيض المستورد في منافذ وزارة التموين.. ضخ 10 آلاف طبق أسبوعيا    مركز الأزهر العالمي للفتوى: الإخلاص في العمل يغير الإنسان والمجتمع    سكرتير بني سويف يتفقد مخر سيل سنور استعدادًا لموسم الأمطار    مصرع شاب صدمه قطار أثناء عبوره شريط السكة الحديد في بنها    خبير: المواطن الأمريكي يشتكي لأول مرة من ارتفاع تكاليف المعيشة    أستاذ علوم سياسية: الجهود المصرية خارج التقييم وتصورات الرئيس تأخذ في عين الاعتبار    خلال 24 ساعة.. تحرير 617 مخالفة لغير الملتزمين بارتداء الخوذة    ضبط 337 قضية مخدرات و271 قطعة سلاح ناري وتنفيذ 84730 حكما قضائيا متنوعا    المشاط توقع مذكرة تفاهم لتجديد البرنامج القطري لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD    القبض على عصابة تزوير المحررات الرسمية بالبحيرة    الدورة ال32 لمهرجان الموسيقى العربية بوابة رسائل ودعم النجوم لفلسطين ولبنان    سعر الريال السعودي ينخفض أمام الجنيه في 5 بنوك خلال أسبوع    مسؤولون فلسطينيون: استشهاد 38 شخصا في قصف إسرائيلي لخان يونس    تين هاج يفسر قراره المفاجئ بشأن مزراوي    حبس المتهم بإشعال النيران بمخزن والده لطرده من المنزل في الشرقية    إعادة محاكمة متهم بأحداث عنف الزيتون| غدا    بالصور - محافظ أسيوط يتفقد محطة رفع صرف صحي المراغي    ميدو: شيكابالا قائد بمعنى الكلمة..ولم يسعى لأخذ اللقطة    مريم الخشت تعلق على أول ظهور لها مع زوجها بمهرجان الجونة بعد زفافهما    سوليفان: واشنطن لا تسعى لتغيير النظام في طهران    كولر أم محمد رمضان ؟.. رضا عبد العال يكشف سر فوز الأهلي بالسوبر المصري    أول تعليق من كهربا بعد تتويج الأهلي بالسوبر المصري.. كنت معاكم بروحي    إمام عاشور وسط أفراح السوبر: أنا نيجيري مش مصري!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.عمرو الشوبكي يكتب | الثورة الناقصة
نشر في كلمتنا يوم 07 - 07 - 2011


كتب - د.عمرو الشوبكي.. المصري اليوم
حديث الثورة الناقصة هو حديث متكرر يردده كثير من المصريين حول المشهد السياسى الحالى، وهو يعنى ببساطة غياب الإصلاحات الفورية الواجبة فى المرحلة الانتقالية، ويعنى أيضا صورة ضبابية لمستقبل الديمقراطية مع تصاعد حدة خطاب «الإقصاء الدينى»، لقوى لم يرها المصريون ولو لمرة تتحدث فى السياسة وأصبحوا اليوم يشتمون علنا المخالفين لهم فى الرأى ومعهم الديمقراطية الوليدة التى استفادوا منها وأخرجتهم على السطح. وبدا الحديث عن أن هناك قوى صنعت الثورة وأخرى استفادت منها ذا دلالة ومعنى فى الواقع، خاصة أن القيم التى طرحت فى «ميادين التحرير» باتت بعيدة عن كثير من صراعات المشهد الحالى، ولم تسفر عن أى إصلاحات تذكر.
إن حديث الثورة الناقصة بدأ يتردد منذ اندلاع الثورة حين اعتبر البعض أن الثورة الكاملة هى التى تقضى على مؤسسات الدولة القديمة، وتفككها تماما وتعيد تأسيسها على أسس «ثورية جديدة» بدءا من القضاء ومرورا بأجهزة الأمن انتهاء بالجيش، وبما أن هذا المفهوم كما سبق أن ذكرنا كان استثناء فى تاريخ الثورات وتجارب التغيير الكبرى فى العالم ولم يجلب الديمقراطية للمجتمعات التى تبنته، فإن الثورة المصرية وضعت مسطرتها الخاصة كما جرى مع غالبية تجارب التغيير فى العالم وأن لحظة انتصارها ستكون فى قدرتها على تحقيق أهدافها، وأن أول هذه الأهداف هو إعادة بناء مؤسسات الدولة وتطهيرها وليس تفكيكها.
وعاد حديث الثورة الناقصة، وتردد مرة أخرى بعد تباطؤ المجلس العسكرى، وانتقد البعض كثيرا من قراراته واعتبره البعض الآخر فى منطقة وسط بين الثوار والنظام القديم، ولكن السؤال سيظل لماذا لم ينجح الثوار فى فرض شروطهم السياسية على الجميع بمن فيهم المجلس والحكومة؟
من حيث المبدأ يمكن القول إن الجيش المحافظ المنضبط أفضل مليون مرة من جيش «ثورى» منفلت، كما هو حال جيش القذافى وبشار الأسد، ولذا فإن الجيش المصرى لم يخطف السلطة، إنما فرضت عليه نتيجة انحياز الشعب التلقائى له منذ نزوله الشارع، ونتيجة غياب قوى سياسية تستطيع أن تنال توافقا من الشعب المصرى على قيادة المرحلة الانتقالية، ونظرا لأن قوة من قادوا الثورة، وليس من شاركوا فيها، لم تمتلك الطاقة الكافية لتوصلنا إلى «الثورة الكاملة»، وأن تكون لها قيادة موحدة يتوافق عليها أغلب الثوار، وتنظيم أو عدة تنظيمات سياسية قادرة على أن تقود المرحلة الانتقالية، فكان دور الجيش فى هذا الوضع حتميا.
وقد عاد وتعمق إحساس الكثيرين بالثورة الناقصة بعد أن شاهدنا مزيدا من الانقسامات فى الساحة السياسية، فجاء انقسام «نعم» و«لا» حول التعديلات الدستورية، ثم الدستور أولاً أم الانتخابات، ثم الخلاف بين «أذناب الصهيونية» الذين يريدون تأجيل الانتخابات وفق التعبير الصادم لرئيس حزب الإخوان المسلمين، وبين الداعين لعدم تأجيلها، ثم ظهر خلاف أكثر عمقا بين تيار الاستقرار الذى يقول «كفاية ثورة» و«كفاية تحرير» تعبنا، وبين «تيار الثورة مستمرة حتى تحقق أهدافها».
والحقيقة أن المساحة الواسعة التى أخذها المجلس العسكرى فى حكم البلاد هى نتيجة لهذا الانقسام الموجود بين النخبة، وعدم نجاح الثوار فى إقناع كثير من المواطنين بأن عجلة الإنتاج متوقفة نتيجة إدارة البلاد على نفس طريقة مبارك وعدم القيام بأى إصلاحات تذكر فى كل مؤسسات الدولة، وليس بسبب التظاهر ومليونية الغد.
إن من يتصور أن المجلس العسكرى أخذ صلاحيات القوى المدنية مخطئ، فهذه القوى انقسمت فيما بينها، فأخذ المجلس مساحة أكبر فى إدارة شؤون البلاد اكتفت معها هذه القوى بدور الناقد لأدائه، مع أن التحدى الحقيقى أمامها هو أن تنظم نفسها فى مشاريع سياسية تتوازى تماما مع ضغوطها ونزولها فى الشارع فى مليونيات التحرير.
إن حديث الثورة الناقصة مشروع وواقعى، ولكن سببه الرئيسى أن طاقة الثوار توحدت على إسقاط النظام، ثم توقفت ولم تتقدم فى معركة البناء وانقسمت على نفسها.
إن تحدى «ثورة البناء» كبير للغاية ومعقد ولن يتم فيه القضاء على النظام القديم بالضربة القاضية كما جرى مع رأسه بعد 18 جولة أو يوما، إنما سيكون معركة بالنقاط هدفها الرئيسى توافقات سياسية وإصلاح وتطهير مؤسسى.
إن تجارب التغيير عبر انتفاضات أو ثورات شعبية لم تبن نظاما سياسياً جديداً إلا بعد أن أصلحت مؤسسات الدولة وطهرتها وأعادت لها كفاءتها وفاعليتها، والبلاد التى تقدمت هى التى نجحت فى إنجاز هذه المهمة، والبلاد التى فشلت هى التى تعثرت فى إنجازها (راجع مقالنا فى المصرى اليوم «الديمقراطية لا تنقذ الدول الفاشلة»).
إن الخيار الذى انحزنا له دائما: تغيير النظام والحفاظ على الدولة، هو خيار لا يعنى الحفاظ على الدولة كما هى وإدارتها بنفس الطريقة القديمة، وهو أمر كارثى، لأن إصلاحها بل تطهيرها هو شرط نجاح الثورة، وإن التعثر فى تلك المهمة سيفتح الباب أمام كل الأفكار الفوضوية التى تراهن على تفكيك الدولة، أو تعمل على النيل من هيبتها.
إن ما نشاهده فى مصر الآن هو بالتأكيد ثورة ناقصة لأن السلطة الانتقالية لم تتقدم بأى خطوة تذكر فى إصلاح وتطهير مؤسسات الدولة، فأصبحنا نعيش فى ثنائية السلطة (ولو المؤقتة) والمليونيات، وإذا ظل باب الإصلاح والتطهير مغلقا أو مؤجلا فستصبح المليونيات هى الحل، وإذا فتح الباب أمام محاكمات عاجلة ونزيهة وأفق لبناء نظام سياسى جديد وحرية نقابية وعمالية وإعلام مهنى وجامعات تغير رؤساءها من رجال النظام البائد، ومحافظين خارج كوتة مبارك الشهيرة فسيصبح هناك معنى ودور للأحزاب الجديدة، وشرعية للعمل المؤسسى المنظم، أما إذا بقى الحال على ما هو عليه حيث يرتع قتلة الشهداء فى كل مكان، ويمارس بعض قادة الداخلية نفس جرائم مبارك والعادلى فإن الأصوات الاحتجاجية ستصبح هى الحل والمخرج ولن يستمع أحد لأحزاب جادة أو لكلام عاقل.
الثورة فى مصر ثورة كبرى، ولكنها بالتأكيد ناقصة، وهو أمر لن يحل فقط بالتظاهر ولا بالأحزاب الأنيقة، إنما فى أن يعتبر الجيش أن مهمة المرحلة الانتقالية ليست فقط تسيير الأعمال، إنما وضع أسس لنظام سياسى جديد يطهر البلاد من رموز الفساد والاستبداد، ولكن الأهم - وربما الأخطر - تغيير المنظومة التى أنتجت هؤلاء، فدون الإقدام على هذه الخطوة سيصبح الموقف كما هو، وسنعيد إنتاج النظام القديم نفسه ولو فى قالب متجمل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.