بدأت جبهة الإنقاذ الوطني تعاني من أزمة افتقاد العدو أو الهدف السياسي، بعد سقوط حقبة الإخوان، وبات العديد من أطرافها بالسلطة الآن، في تغيير دراماتيكي في آلية معادلة السلطة والمعارضة. فبعد إخفاق الجبهة على مدار اجتماعين في حسم مسألة ملء المناصب القيادة التي باتت شاغرة بعد قبول منسقها العام الدكتور محمد البرادعي منصب نائب الرئيس للشئون الدولية، ومنير فخري عبدالنور منصب وزير الصناعة، أتى بيان حزب الوفد صباح اليوم الخميس، الذي طالب بتجميد نشاط جبهة الإنقاذ الوطني، بعد تحقيق الأهداف الذي تأسست من أجلها، ليثير ردود أفعال غاضبة من جانب أعضاء وقيادات الأحزاب المشاركة بالجبهة، وفسر البعض داخل الجبهة هذا البيان علي أنه إعلان ضمني من جانب الوفد بنية الانسحاب من الجبهة. أشار بيان الحزب، الذي أثار زوبعة لم تهدأ داخل الجبهة، إلى أن الهيئة العليا للحزب ترى ضرورة الحفاظ على الدور التاريخي الذي قامت به جبهة الإنقاذ الوطني كواحدة من أبرز حركات المعارضة في تاريخ مصر، والتي تكونت كرد فعل فوري للإعلان الدستوري الاستبدادي الذي صدر في 21نوفمبر 2012. ويرى الوفد أن ثقة الشعب المصري والتفافه حول الجبهة واستجابته لها في العديد من المواقف، قد عرض الجبهة وقادتها لكل ألوان التشويه والتجريح والتخوين والتكفير والسباب والإحالة إلي التحقيق في جنايات قلب نظام الحكم عن طريق النائب العام السابق، أملا في إسقاطها وتفكيكها، إلا أن إرادة الله شاءت أن يسقط النظام وتبقي الجبهة. ويرى الوفد أن الحفاظ على الدور التاريخي الذي قامت به هذه الجبهة يقتضي ضرورة توقف نشاط جبهة الإنقاذ الوطني بتحقق الهدف الذي تأسست من أجله، خاصة أن الجبهة تتكون من قوي سياسية تختلف في أفكارها وبرامجها إلا أنها توحدت تحت راية الوطنية المصرية من أجل إنقاذ مصر، وأعرب الوفد عن أمله في أن تحظي هذه الرؤية بتوافق أعضاء الجبهة". وتعليقا علي ذلك هذا البيان غير المتوقع من الوفد، أكد محمد العرابي نائب رئيس حزب المؤتمر، أنه يُعد تعبيرًا عن وجهة نظر حزب الوفد فقط، مشير إلي أن الجبهة تتكون من عدد كبير من الأحزاب يتم اتخاذ أي قرار بالتوافق بين الجميع، ولا أحد يستطيع أن يتخذ قرارًا منفردًا مشددًا علي أن من يريد أن يخرج من الجبهة فليس هناك مانع في ذلك، فكل حزب حر في اختياراته ورؤاه السياسية. وأضاف أنه ليس من حق أي أحد أن يصدر قرارا بتجميد الجبهة إلا بعد التشاور المشترك، لأن هناك آراء أخرى تطالب باستمرارها وتطوير أدائها، مشيرا إلي أن مطالبة الوفد بضرورة توقف نشاطه داخله تزايد، وكان لآبد من التشاور مع الأحزاب قبل إصدار هذا البيان. وشدد العرابي علي ضرورة تماسك أحزاب وأعضاء الجبهة لاستكمال أهداف ومطالب الثورة. ومن جانبه رفض الدكتور محمد أبو الغار التعليق علي بيان الوفد مشيرا إلي أنه سيرجئ ذلك الأمر لحين الاتصال بالدكتور السيد البدوي رئيس الوفد والتباحث معه في ذلك الأمر ومعرفة أسباب صدور ذلك البيان مؤكدا انه لم يكن هناك اتفاق أو تشاور بين الوفد والجبهة حول هذا البيان. أما أحمد بهاء الدين شعبان فأكد من جانبه، أنه لا يمكن أن يفرض أحد رأيه على الآخرين، وإذا كان حزب الوفد يريد الخروج من الجبهة فهذا قرار، ولكن الجبهة سوف تستمر لاستكمال أهدافها. وأشار إلي أن مسألة استمرا الجبهة منعدمة كانت مطروحة خلال الاجتماع الأخير بحزب الوفد بحضور البدوي ومنير فخري عبد النور وفؤاد بدراوي وتم التوافق بين الجميع بلا استثناء، علي استمرار الجبهة. وأوضح شعبان أن الفترة القادمة ستكون فيها مسئوليات وتحديات يجب أن تتوافق عيها القوي السياسية المدنية كالدستور والانتخابات البرلمانية وغيرها فلابد من التكاتف بين الجميع في المرحلة المقبلة. واتفق مع هذا الرأي عبد الغفار شكر رئيس حزب التحالف الشعبي والقيادي بجبهة الإنقاذ، مؤكدا أن الجبهة ناقشت مصيرها ومستقبلها في الاجتماع يوم الأربعاء الماضي، وكانت هناك وجهتا نظر بهذا الأمر حيث كان هناك اتجاه يؤكد دور الجبهة انتهي بعد موجهتها لحكم الإخوان الاستبدادي، بينما يري اتجاه آخر بضرورة استمرار الجبهة في مهامها حتى تكون ثقل مدني يؤكد هوية الدولة المصرية، وهذا الاتجاه لاقي توافقًا كبيرًا من أعضاء الجبهة. وأوضح شكر أن استمرار عمل الجبهة سيأتي حرصًا على ضرورة مشاركتها واستكمال دورها في المرحلة الانتقالية خاصة في مسألة تعديل الدستور والمصالحة الوطنية والانتخابات البرلمانية وغيرها. أما من جانب حزب الوفد، فأكد الدكتور عبد الله المغازي المتحدث الرسمي لحزب الوفد، أنه لا صحة لما نشر بأن حزب الوفد قد انسحب من جبهة الإنقاذ. وأوضح المغازى أن ما صرح به هو أن الهيئة العليا للحزب ترى أن الحفاظ على الدور التاريخي الذي قامت به هذه الجبهة يقتضي ضرورة توقف نشاط جبهة الإنقاذ الوطني بتحقق الهدف الذي تأسست من أجله خاصة أن الجبهة تتكون من قوي سياسية تختلف في أفكارها وبرامجها إلا أنها توحدت تحت راية الوطنية المصرية من اجل إنقاذ مصر. وأضاف المغازى أن هذه رؤية الهيئة العليا لحزب الوفد وسيتم طرحها في اجتماع جبهة الإنقاذ يوم الأحد القادم في مقر حزب الوفد وذلك من أجل الحفاظ علي الجبهة كرمز للمعارضة الوطنية يتم استدعاؤه لمواجهة أي ظلم أو استبداد من أي حاكم أو نظام. وقال المغازي في تصريحات ل"بوابة الأهرام"، أنه يجب إعادة ترتيب الأوراق داخل جبهة الإنقاذ خاصة بعد أن أصبح عدد من أعضاء الجبهة داخل الحكومة الآن، واختتم المغازي تصريحاته مشددًا علي أن الوفد مستمر في جبهة الإنقاذ ما لم يتم تجميد نشاطها لمواصلة معارضتها البناءة ضد من ينحرف عن المسار. ومن ناحيته أكد المهندس حسام الخولي السكرتير العام المساعد لحزب الوفد أن الجبهة لآبد أن تظل رمزًا وجسدًا قويًا لمواجهة أي نظام استبدادي آخر يحاول أن يفرض إرادته فوق إرادة الشعب. فيما رجحت فيه مصادر أن من ضمن أسباب إصدار الوفد لهذا البيان هو التنافس علي مقعد المنسق العام لجبهة الإنقاذ، حيث يطمح الوفد الاحتفاظ بالمقعد خاصة بعد إعلان عمر وموسي عدم الترشح للمنصب ولكون الوفد من أقدم أحزاب الجبهة فضلا عن أن الجبهة تأسست في حزب الوفد "بيت الأمة" لكن عندما علم قيادات الوفد أن منصب المنسق العام للجبهة يسير في اتجاه آخر غير الحزب ربما ذلك دعاهم للدعوة لتوقف نشاط الجبهة. وأكدت المصادر أن الاجتماع القادم للجبهة يوم الأحد القادم سيحسم ذلك الأمر بشكل كبير.