ينطلق، اليوم الأحد، سباق فورمولا 1 للسيارات في البحرين، في الوقت الذي يحتدم فيه الغضب في الشوارع بين المحتجين المنددين بهذا السباق بوصفه مناسبة استعراضية من قبل عائلة حاكمة سحقت مظاهرات الربيع العربي العام الماضي، وأجج غضب المحتجين وفاة متظاهر عثر على جثته على سطح مبنى بعد اشتباكات دارت خلال مساء الجمعة مع الشرطة. وحمل نحو سبعة آلاف متظاهر لافتات تطالب بإجراء إصلاحات ديمقراطية، ورفع البعض لافتات تصور سائقي الفرق المشاركة في السباق على أنهم أفراد بشرطة مكافحة الشغب يضربون المتظاهرين. وأنفقت الحكومة البحرينية 40 مليون دولار لاستضافة أحد سباقات الجائزة الكبرى للفورمولا 1، أملا في إظهار أن الحياة الطبيعية عادت إلى المملكة، بعد أن سحقت احتجاجات مناهضة للحكومة العام الماضي. لكن الصور الحية التي بثت عبر شاشات التلفزيون لتفجر الأوضاع في الشوارع تهدد بإحراج سباق فورمولا 1 والشركات العالمية الراعية له، وقال الناشط الحقوقي نبيل رجب: إن الحكومة تستخدم سباق فورمولا 1 لخدمة حملة العلاقات العامة التي تقوم بها، وأضاف، أن الحملة لا تسير في الطريق الذي يريدونه. وقال صحفيون في منطقة الدراز القريبة من العاصمة المنامة، إن الشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع في محاولة لإبعاد المحتجين عن الوصول إلى دوار اللؤلؤة الذي كان نقطة تجمع المتظاهرين خلال انتفاضة العام الماضي، ورد المتظاهرون بإطلاق القنابل الحارقة، وقال ناشطون، إن اشتباكات وقعت في عدة أحياء. وقال محمد المسكاتي، عضو جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان إن الشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع والطلقات المطاطية وقنابل الصوت ضد حشد من مئات المحتجين الذين كانوا يحاولون الوصول إلى طريق رئيسي في حي البلاد القديم وهو حي شيعي في المنامة. وهذا الحي هو مسقط رأس صلاح عباس حبيب (36 عاما) الذي عثر أمس السبت، على جثته ملقاة على سطح أحد المنازل. وقالت جمعية الوفاق الوطني الاسلامية المعارضة إن القتيل كان ضمن مجموعة محتجين ضربتهم قوات الأمن خلال الاشتباكات التي دارت الليلة الماضية. وأثار مقتل حبيب حالة من الغضب بين الاغلبية الشيعية في البحرين التي تشكو من تهميش العائلة السنية الحاكمة لها منذ فترة طويلة، ومما تقول إنها معاملة وحشية تتعرض لها منذ قمع احتجاجات العام الماضي. ومن المحتمل تنظيم مسيرة أثناء تشييع جثمان حبيب اليوم الأحد، بمجرد تسليم جثته إلى أسرته مما قد يهدد بوقوع أعمال شغب خلال سباق الفورمولا 1 . ويقول ناشطون إن بوفاة حبيب يبلغ عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم منذ بدء الانتفاضة في 14 فبراير 2011 إلى 81 شخصا بينهم رجال شرطة قتلوا العام الماضي وهو رقم تشكك الحكومة في صحته. وقال متظاهر يدعى أحمد مدني "نطالب باسقاط النظام لا نستطيع العيش مع هذا النظام . انهم ينتهكون شبابنا وكرامتنا ويدمرون مساجدنا". وأضاف "كانت مطالبنا في باديء الأمر تتمثل في انتخاب حكومة جديدة ولكن بعد الإساءة المقيتة التي تعرضنا لها فالكل يطالب باسقاط الحكومة". وتسببت الانتفاضة في الغاء سباق الفورمولا 1 بالبحرين العام الماضي، لكن السلطات صممت على اقامته هذا العام. وتجاهل المنظمون والجهات الراعية نداءات من منظمات لحقوق الانسان بمقاطعة السباق. وترعى شركة تومسون رويترز الشركة الام لرويترز فريق وليامز أحد الفرق المشاركة في السباق. وحاول عشرات المحتجين التجمع في منطقة السوق بالمنامة مساء السبت، لكن شرطة مكافحة الشغب - التي يصفها المحتجون بأنها "مرتزقة" نظرا لان الكثير من افراها من خارج البلاد - منعتهم من السير وأبلغتهم بأن تجمعهم غير قانوني. ومن بين الذين جرى اعتقالهم في ذلك الاحتجاج زينب الخواجة ابنة الناشط عبد الهادي الخواجة الذي يقضي حكما بالسجن مدى الحياة لمطالبته بانهاء حكم العائلة الحاكمة والمضرب عن الطعام منذ اكثر من 70 يوما. وتقول عائلته إنه توقف عن شرب الماء أمس الجمعة مما يثير المخاوف على حياته. وقال الناشط الحقوقي نبيل رجب إن وضعه بالغ الخطورة واذا مات فان ذلك سيفجر غضبا جماهيريا عارما. وقال وزير الخارجية البحريني خالد بن احمد آل خليفة على موقع تويتر "اتمنى أن يعود المضرب عن الطعام إلى صوابه وأن يتوقف عما يقوم به. لا أحد يريد موته". ومن بين القرى الاخرى التي وقعت بها اشتباكات الدير وكرباباد. وقال جان تود رئيس الاتحاد الدولي للسيارات إن سباق البحرين لن يلحق أضرارا طويلة الأمد بسباق فورمولا 1 رغم احتجاجات الشوارع. وقال للصحفيين في حلبة البحرين " لست متأكدا ما اذا كانت كل الأنباء متعلقة بواقع ما يحدث في هذا البلد". وبينما توافد إلى البحرين مراسلو الصحافة الرياضية لتغطية السباق رفضت السلطات منح صحفيين اخرين من غير المراسلين الرياضيين من رويترز ووكالات أنباء أخرى تأشيرة دخول للمملكة. وقال وزير الخارجية البحريني على موقع تويتر انه تلقى اتصالا من نظيره البريطاني وليام هيج يطالبه فيه بضبط النفس والدخول في حوار. وأضاف الوزير خالد بن احمد آل خليفة "كررت موقف البحرين من الالتزام بضبط النفس في وجه العنف والالتزام بالحوار والاصلاح. كلنا نريد الاصلاح وكلنا نريد السلام فلماذا لا نعمل جميعا سويا؟ لماذا العنف؟" وتمكنت السلطات حتى الان من ابعاد الاحتجاجات عن حلبة البحرين الدولية التي اقيمت فيها التجارب التأهيلية أمس السبت، استعدادا للسباق الرئيسي اليوم الأحد. وتولت مركبات مدرعة وقوات مكافحة الشغب في بعض الاحيان حراسة الطريق المؤدي إلى حلبة السباق. وأصدرت وزارة الداخلية البحرينية بيانا قالت فيه انها بدأت تحقيقا في مقتل حبيب. وأضافت أن مرتكبي الجريمة سيحالون للعدالة أيا كان وضعهم.